توقّف موظفو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ممن يعملون بنظام الأجرة اليومية، عن العمل كغيرهم من الموظفين العاملين في مناطق أونروا الخمس، بناء على قرار منها للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد، لكنّ الوكالة فاجأتهم بقرار في 23 مارس/آذار 2020 يتعلق برواتبهم، إذ قررت أن تعطيهم رواتبهم عن شهر مارس مقابل أيام العمل التي داوموا فيها فقط، وهو بحسب كثيرين منهم قرار ظالم بحقهم.
أحد العمال المياومين في الوكالة في لبنان يقول: "أمي وأبي مريضان، وهما يحتاجان إلى دواء شهري أشتريه على نفقتي الخاصة، وأنا أنفق عليهما، وبعدما علمت بهذا القرار لم أستطع إبلاغهما به، لأنني أعرف انعكاساته عليهما، وأتساءل اليوم إن استمر الوضع على حاله ما الذي سيحل بهما، فمن أين سأتمكن من تأمين الدواء لهما، عدا عن اللوازم الأخرى التي يحتاجان إليها؟".
في هذا الإطار، يقول مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" علي هويدي: "هذا القرار صدر عن الموارد البشرية في وكالة الأونروا، وكان في الثالث والعشرين من مارس الحالي، وينص على أن يُعطى المياوم راتباً عن كلّ يوم عمل قام به خلال الشهر، وهو ظلم وإجحاف وفيه تمييز بين الموظفين وغير مقبول به على الإطلاق، لأنّ المياوم عندما اتخذ القرار أن يعمل من منزله، اتخذ بناء على القرار من الأونروا، ولماذا سيحصل الموظف المثبت في الأونروا على راتبه كاملاً، وهو يعمل كالمياوم من المنزل، بينما الموظف المياوم الذي لديه مسؤولياته تجاه أبناء شعبه لا يحصل على راتبه كاملاً؟ وسواء كان معلماً أو من عمال التنظيفات من غير المسموح ألاّ يحصل على راتبه خصوصاً في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي يمرّ بها الفلسطينيون في مناطق عمليات الأونروا الخمس، وهي المناطق التي يشملها القرار".
يضيف هويدي أنّ مدير دائرة الموارد البشرية "اتخذ قراراً بترحيل المشكلة إلى الموظفين في ما بينهم عوضاً عن تحمل دائرة الموارد البشرية المسؤولية، ما يعني الطلب من مدير المدرسة على سبيل المثال أن يرسل كتاباً إلى مدير التعليم بأنّ المعلم المياوم يعمل من بيته على أكمل وجه، ومدير التعليم في المنطقة بدوره يجب أن يرسل تقريراً إلى مدير التعليم بالأونروا بأنّ المعلم يعمل من بيته أو لا يعمل. فهو أمر نسبي، إذ كيف سيداوم عمال التنظيفات مثلاً وأين سيعملون وهم ملزمون بالبقاء في البيوت نتيجة القرار الصادر عن الحكومة اللبنانية بالعزل المنزلي، فهل من جراء ذلك يُحرمون من رواتبهم اليومية؟ هذا الموقف غير مقبول على الإطلاق، ففي الشدائد يجب أن يتساوى الجميع، سواء المثبتين من قبل الأونروا أو المياومين، فلماذا يحرم المياومون من رواتبهم طالما أنّها متوفرة في الأساس؟ لدينا ظرف استثنائي أجبر المياومين على التوقف عن العمل، والبقاء في بيوتهم، مع أنّ الميزانية الخاصة بهم متوفرة لدى الأونروا، لذلك، فإنّه قرار غير إنساني، ونطالب دائرة الموارد البشرية بالتراجع عنه فوراً".
ويتابع هويدي: "من الواضح أنّ دائرة الموارد البشرية أدركت خطورة القرار، لكن بدلاً من إلغائه حولته إلى الموظفين الإداريين التنفيذيين، إذ يتحمل مسؤولية القرار الموظف والمدير، وليست دائرة الموارد البشرية، وهذه خطوة غير موفقة على الإطلاق، إذ من الممكن أن يحصل هناك تصادم ما بين المدير وعمال التنظيفات، أو بين مدير المدرسة والمعلمين، أو بين مدير المدرسة ومدير الإقليم، لذلك كان من الأجدى أن تكون هناك جرأة في التراجع عن هذا القرار المرتبط بشهر مارس، لكن ماذا إن امتدت الأزمة إلى إبريل، فهل ستتعامل الأونروا مع المياومين بالطريقة نفسها؟".
وكمل هويدي: "على الأونروا التراجع عن هذا القرار، ولا نعتقد أنّ هناك تقصيراً من قبل المعلمين الذين يؤدون دورهم من داخل بيوتهم، كما أنّ العمال غير القادرين على العمل من المنزل، لن يتأخروا عن العودة إلى أماكن عملهم فور انتهاء العزل المنزلي، لذلك فالاستمرار بهذه الطريقة سينعكس سلباً على المياومين وعلى عائلاتهم وعلى احتياجاتهم الأساسية". وعدا عن الاحتياجات الغذائية هناك حاجة كبيرة إلى المعقمات والمطهرات، في الظروف الراهنة، التي يميزها انتشار فيروس كورونا الجديد في جميع الدول المعنية، لذلك "فلتبادر وكالة الأونروا بالتراجع الفوري عن القرار، لما فيه من إجحاف وظلم للموظفين المياومين، لا سيما في ظل الظروف المتفاقمة التي يمر بها اللاجئون عموماً في مناطق عمليات الأونروا الخمس".