03 مارس 2022
"أوسلو".. عقدة أم عقيدة؟
أثار قرارا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها من تل أبيب، موجات ردود فعل باردة، وحلقات نقاش ساخنة، منها المتعلقة بما يجب اتخاذه من خطوات فلسطينية ردّا على القرارات الأميركية. انشغل بعضهم في رسم سيناريوهات، وراح آخرون إلى اقتراح استراتيجيات مواجهة "ناعمة أو صلبة". اللافت فيما جرى منذ إعلان ترامب قراراته "التاريخية" هو الارتباك في أداء السلطة الفلسطينية المفترض أن تكون جاهزة لهذا الأمر منذ سنوات، ولا سيما أن الرئيس ترامب كشف عن نواياه خلال حملته الانتخابية، عندما تعهد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
والغريب أن السلطة المرتبكة تظل كذلك، إلا أمام فكرة التخلي عن عقدة أو عقيدة "أوسلو"، علما أن قيادات فلسطينية كثيرة سبق لها نعي، أو دفن، هذه الاتفاقية التي لم تنفذ إسرائيل منها إلا ما يخدم أمنها ومصالحها الاقتصادية. لم تستطع القيادات المركزية التي اجتمعت بعد أسبوع ( تقريبا) من قرار ترامب الخروج بأي قرار عملي، غير اجترار مواقف سابقة غير مُقنعة. والأنكى أن بعض القيادات قرّر الهجوم المباغت، بالإعلان عن نصر مظفر في هزيمة ترامب وإسرائيل أخلاقيا في الأمم المتحدة.
لا أدرى لماذا تستبعد السلطة الفلسطينية خيار الخروج من "أوسلو"، وهو لا يعني بالضرورة حل السلطة التي يدافع عنها بعضهم بوصفها إنجازا عظيما لا يجب التفريط به. غالبا ما يتحجج مدمنو "أوسلو" والمفاوضات بعدم جواز تراجع "الدولة" الفلسطينية عن إتفاقياتٍ أبرمتها مع دول أخرى. ولعلنا، في هذا الصدد، نوضح أن الانسحاب من الاتفاقيات الدولية سلوك مقبول في العلاقات الدولية. ولعل في الرئيس ترامب، وقرارات إدارته، المثال الأبرز على ذلك، فقد أعلنت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، مطلع الشهر الجاري، أن الولايات المتحدة ستنهي مشاركتها في الميثاق العالمي بشأن الهجرة، معتبرة أن "إعلان نيويورك يشمل بنودا لا تتلاءم مع سياسات الهجرة واللاجئين الأميركية، والمبادئ التي تمليها إدارة ترامب في مجال الهجرة". وقبل ذلك بستة أشهر، في الأول من يونيو/ حزيران الماضي، أعلن الرئيس الأميركي انسحاب بلاده من اتفاق باريس الذي أبرمته 195 دولة في 2015، حول التغير المناخي، واصفاً الاتفاق بأنه "جائر جدا". وقبل ذلك، في يناير/ كانون الثاني، أخرج ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي وقعتها في 2015 إحدى عشرة دولة في منطقة المحيط الهادئ.
بالتوازي مع ذلك، يهدّد الرئيس الأميركي "بتمزيق" الاتفاق النووي الموقع في يوليو/ تموز 2015 بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا). ولا يخفي نزعته لتمزيق اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا)، منطقة التبادل الحر الواسعة التي تضم منذ 1994 الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وربما الخطر أن الرئيس ترامب لا يخشى الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد لوّح مرارا بهذه العصا إن لم تدفع الدول الأعضاء كامل واجباتها المالية للحلف. ويجدر التذكير هنا أيضا بقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد نصف قرن من التزامها بالاتحاد وكل الاتفاقيات المبرمة بين أعضائه. و لم ترَ بريطانيا حرجا في ذلك، عندما رأت أن هذا الاتحاد لم يعد يخدم مصالحها.
أغلب الظن أن "الدولة" الفلسطينية ليست أعظم من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، والمرجّح أن اتفاقيات وأحلافاً بحجم "حلف الناتو" و"الاتحاد الأوروبي" أرسخ من اتفاق أوسلو. ومع ذلك، لم تشعر واشنطن ولندن بأي انتقاصٍ من سيادتهما، إذا ما انسحبتا من هذه الاتفاقيات، أو مزّقتاها، على تعبير الرئيس ترامب. من المستحسن أن تمزّق السلطة الفلسطينية "أوسلو"، وتتخلص من هذه العقدة، أو العقيدة، قبل فوات الأوان، لأن نتنياهو يسابق زمن ترامب، لتحقيق انتصارات فعلية على الأرض، غير مكترثٍ بأي هزائم أخلاقية في الأمم المتحدة.
والغريب أن السلطة المرتبكة تظل كذلك، إلا أمام فكرة التخلي عن عقدة أو عقيدة "أوسلو"، علما أن قيادات فلسطينية كثيرة سبق لها نعي، أو دفن، هذه الاتفاقية التي لم تنفذ إسرائيل منها إلا ما يخدم أمنها ومصالحها الاقتصادية. لم تستطع القيادات المركزية التي اجتمعت بعد أسبوع ( تقريبا) من قرار ترامب الخروج بأي قرار عملي، غير اجترار مواقف سابقة غير مُقنعة. والأنكى أن بعض القيادات قرّر الهجوم المباغت، بالإعلان عن نصر مظفر في هزيمة ترامب وإسرائيل أخلاقيا في الأمم المتحدة.
لا أدرى لماذا تستبعد السلطة الفلسطينية خيار الخروج من "أوسلو"، وهو لا يعني بالضرورة حل السلطة التي يدافع عنها بعضهم بوصفها إنجازا عظيما لا يجب التفريط به. غالبا ما يتحجج مدمنو "أوسلو" والمفاوضات بعدم جواز تراجع "الدولة" الفلسطينية عن إتفاقياتٍ أبرمتها مع دول أخرى. ولعلنا، في هذا الصدد، نوضح أن الانسحاب من الاتفاقيات الدولية سلوك مقبول في العلاقات الدولية. ولعل في الرئيس ترامب، وقرارات إدارته، المثال الأبرز على ذلك، فقد أعلنت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، مطلع الشهر الجاري، أن الولايات المتحدة ستنهي مشاركتها في الميثاق العالمي بشأن الهجرة، معتبرة أن "إعلان نيويورك يشمل بنودا لا تتلاءم مع سياسات الهجرة واللاجئين الأميركية، والمبادئ التي تمليها إدارة ترامب في مجال الهجرة". وقبل ذلك بستة أشهر، في الأول من يونيو/ حزيران الماضي، أعلن الرئيس الأميركي انسحاب بلاده من اتفاق باريس الذي أبرمته 195 دولة في 2015، حول التغير المناخي، واصفاً الاتفاق بأنه "جائر جدا". وقبل ذلك، في يناير/ كانون الثاني، أخرج ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي وقعتها في 2015 إحدى عشرة دولة في منطقة المحيط الهادئ.
بالتوازي مع ذلك، يهدّد الرئيس الأميركي "بتمزيق" الاتفاق النووي الموقع في يوليو/ تموز 2015 بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا). ولا يخفي نزعته لتمزيق اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا)، منطقة التبادل الحر الواسعة التي تضم منذ 1994 الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وربما الخطر أن الرئيس ترامب لا يخشى الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد لوّح مرارا بهذه العصا إن لم تدفع الدول الأعضاء كامل واجباتها المالية للحلف. ويجدر التذكير هنا أيضا بقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد نصف قرن من التزامها بالاتحاد وكل الاتفاقيات المبرمة بين أعضائه. و لم ترَ بريطانيا حرجا في ذلك، عندما رأت أن هذا الاتحاد لم يعد يخدم مصالحها.
أغلب الظن أن "الدولة" الفلسطينية ليست أعظم من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، والمرجّح أن اتفاقيات وأحلافاً بحجم "حلف الناتو" و"الاتحاد الأوروبي" أرسخ من اتفاق أوسلو. ومع ذلك، لم تشعر واشنطن ولندن بأي انتقاصٍ من سيادتهما، إذا ما انسحبتا من هذه الاتفاقيات، أو مزّقتاها، على تعبير الرئيس ترامب. من المستحسن أن تمزّق السلطة الفلسطينية "أوسلو"، وتتخلص من هذه العقدة، أو العقيدة، قبل فوات الأوان، لأن نتنياهو يسابق زمن ترامب، لتحقيق انتصارات فعلية على الأرض، غير مكترثٍ بأي هزائم أخلاقية في الأمم المتحدة.