أقدم مواطن لبناني، اليوم الجمعة، على الانتحار مطلقاً النار على نفسه في شارع الحمرا – بيروت التجاري الذي يعدّ بمثابة العصب الرئيسي للعاصمة اللبنانية المزدحم دائماً بالناس، فكان أن اختاره حتى ينهي حياته فيه صباحاً وعلى مرأى من المّارين، تاركاً وراءه سجلّه العدلي وكتب عليه "أنا مش كافر"، نسبة لأغنية "أنا مش كافر بس الجوع كافر" للموسيقي زياد الرحباني والتي تجسّد حاضر لبنان في أغنية كتبت منذ سنين وكأنها اليوم.
انتحار المواطن وهو في العقد السادس من عمره وبغض النظر عن أسبابه، إلّا أنه بمثابة رسالة سواء لناحية التوقيت الصباحي أو المكان الذي اختاره، فمنطقة الحمرا دائماً ما تشهد اعتصامات الناشطين وصرخاتهم واحتجاجاتهم من دون أن تلقى حتى الساعة آذانا من المسؤولين الذين يتحدثون عن إنجازات ليست موجودة إلّا في مخيّلتهم، بحسب ما يقول المتظاهرون.
أنا مش كافر. آخر ما تركه الشاب اللبناني قبل إطلاق النار على نفسه
— Fatima Abdallah (@abdallah_fatima) July 3, 2020
لما الوطن لخلقت فيه، بحكّامه وسياسييه وسرّاقيه وطوائفه ولصوصه، بكفروك من الجوع. كفّرونا حتى بالنَفَس يلي عم نتنفّسه.
مين بلملم الخسائر؟ مين بعوّض اهتراء أعصابنا وهالعُمر يلي عم بضيع؟ pic.twitter.com/pg5joMRz6y
وفي وقتٍ بدأت القوى الأمنية تحقيقاتها لمعرفة ملابسات الحادثة، ربطت واقعة الانتحار بالضائقة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد والتي أصابت كل الطبقات الاجتماعية في لبنان، ومن المرجّح أن ترتفع حدّتها يوماً بعد يومٍ مع دخول البلاد مرحلة الانهيار الشامل على الأصعدة كافة.
وتمحورت ردود الفعل على الانتحار حول الواقع المأساوي الذي وصل إليه لبنان، وتداعيات تردي الأوضاع المعيشية والنقدية والمالية والاجتماعية على حياة المواطن والانعكاسات السلبية لتجويع الناس، في ظلّ تخوّف من أن تصبح عمليات الانتحار بمثابة أخبار يومية يستيقظ عليها المواطن اللبناني، تماماً كعمليات السرقة التي بدأت ترتفع نسبتها في الفترة الأخيرة في ظلّ تنبيهات تطلق للحذر من السارقين على الطرقات وفي الشوارع.
هذه الحادثة، التي هزّت لبنان اليوم لقساوتها، دفعت عددا من الناشطين إلى تنفيذ اعتصام أمام مكان انتحار المواطن، الذي نقل بتابوت إلى المستشفى في مشهد أثار غضب الجميع فهتفوا من وجعهم وحرقة قلبهم وألمهم مطالبين الحكام بالرحيل، حيث إن الرجل لم ينتحر اليوم بل قتل على حدّ قولهم برصاص الدولة اللبنانية والسياسيين الذين يتفرّجون على الناس تجوع حتى الموت من دون أن يؤنبهم ضميرهم.
ما قادرة حتى علّق... #لبنان_يحتضر pic.twitter.com/VZ5bjXJo4q
— alia awada (@AlyaAwada) July 3, 2020
ودعا المحتجون الناس إلى النزول للشارع والاحتجاج على الواقع ووضع حدّ للسياسيين ومحاسبتهم على سرقة المال العام واحتجاز ودائع الناس وتهريب المليارات إلى الخارج، مؤكدين أن لبنان يحتاج إلى شعبه اليوم بعدما دخل صلب الانهيار ويعاني من تداعياته.
من جهته، يقول مدير فرع مقهى " dunkin donuts" حمرا حسين أمين، الذي وقع فعل الانتحار بقربه، لـ"العربي الجديد"، إنهم خرجوا على وقع الصوت الذي صدر لحظة مقتل الرجل، ويضيف "لدى خروجنا من المحل رأيناه ممدّداً ووجهه مغطى، ومن ثم أتت القوى الأمنية ومنعت الناس من الاقتراب وطلبت منا البقاء في المحل وإقفال الباب وعدم استقبال الزبائن حتى انتهاء التحقيقات".
من جهة ثانية، وفي إقليم الخروب، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأنه تم العثور على جثة مواطن داخل شقته في بلدة جدرا، وقد حضرت الأجهزة الأمنية والأدلة الجنائية وفتحت تحقيقاً لمعرفة ملابسات الحادثة. في وقتٍ أشارت وسائل إعلامية محلية أنه أقدم على الانتحار بسبب ضائقة مالية.
تم العثور على المواطن الصيداوي (س. ح.) مشنوقا في منزله بمنطقة وادي الزينة. وقدحضرت القوى الأمنية إلى المكان وفتحت تحقيقا بالحادث وعلم ان المتوفي كان يعاني من ضائقة مالية في الفترة الأخيرة وهو متزوج ولديه بنت وكان يعمل سائق فان.
— Jaras Scoop FM (@jarasscoop) July 3, 2020