"أم الزلف"... فنانون سوريّون يحيون معارض في بيروت

29 نوفمبر 2017
معرض "أم الزلف" استمر لمدة أسبوعين (العربي الجديد)
+ الخط -
في بداية الشهر افتتح الفنان السوري الشاب، محمد خياطة، معرضاً فنياً جديداً، حمل عنوان "أم الزلف"، وذلك في صالة "رميل 393" في منطقة الجميزة، في مدينة بيروت. وبحسب خياطة، فإن "فكرة المعرض واسم أم الزلف جاءا للكناية عن المولية، وهي نوع من أنواع الغناء الشعبي القديم، ولها ارتباط كبير بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، إذ كان الأجداد يستعينون بها على أسفارهم، ويعبّرون عن مشاعرهم الحزينة أو السعيدة على حد سواء. والمولية خُصَّتْ بمنطقة حوض الفرات في سورية، وكانت الرفيقة الدائمة لضفافه وسكانه من القبائل، واعتمدت على الشعر العامي الذي يُنظم على شكل أربعة أسطر على البحر البسيط، وتُغنّى على مقامي البيات والنهاوند، ويَعزف المغنون أنفسهم على الدفوف. وقد اشتهرت مدينتا الرقة ودير الزور بهذا النوع من الغناء، وهما من المدن التي دمّرتها الحرب وشوّهتها وحوّلتها إلى أخطر بقاع الأرض، بعد أن كانت عامرة بأرضها الخصبة وقبائلها وصياديها وموسيقاها".


ويضيف خياطة، الذي ساهم في تأسيس فرقة "الصعاليك" الموسيقية أيضاً: "أما أم الزلف فهي أغنية تغنّى مطولاً عند القيام بأعمال تحتاج إلى وقت طويل أيام تسيير القوافل عبر الصحاري والجبال، وتعني الآلهة "عشتار"، آلهة الخصب في الحضارات القديمة في منطقة الرافدين، كذلك كانت تُغنّى هذه الأغنية احتفالاً بعيد الربيع في شهر مارس/ آذار. وفي معرضي الحالي أم الزلف أسرد مشاهد مختلفة من حياة القبائل وسكان مدن الفرات وموسيقاهم الجميلة، فالمولية باتت اليوم هويّة الفرات الحزينة، وتجربتي الموسيقية جعلتني أكتشف تراثنا القديم الذي كنا نسمعه من دون إصغاء، فالحب والكرم والاستذكار والحزن على الفراق ما هي إلا رسائل من أجدادنا تلخّص أزمنة من الدمار والازدهار من السعادة والحزن والعمل الشاق. أنا أريد فقط أن أذّكر نفسي بخصالنا القديمة، خوفاً على فقدانها إلى الأبد في زمن الحرب". ويضم المعرض ما يزيد عن عشر لوحات، رسم فيها خياطة شخصية واحدة، تمتاز بملامحها الدقيقة والصغيرة ونظرتها الجامدة، وتعبّر شخصية خياطة الفنية عن العديد من الأنماط الاجتماعية الذكورية والأنثوية، التي تقطن في منطقة حوض الفرات، كشخصية "الفلاح" و"العامل" و"المرأة البدوية" و"العنود"؛ وحملت اللوحات أسماء الأنماط الاجتماعية التي تعبّر عنها الشخصية في كل لوحة. وعلى الرغم من استهلاك خياطة الشخصية الفنية التي ابتكرها منذ ما يقارب أربعة أعوام في العديد من المعارض الفنية والفعاليات الثقافية، مثل "بوستر" مسرحية "أيوبة" للمخرج الفلسطيني عوض عوض، فإن الشخصية بدت لا تزال قادرة على العطاء، واستطاعت أن تعبّر عن تراث بادية الشام وحوض الفرات.


تميّز يوما الافتتاح والختام في معرض "أم الزلف"، الذي استمر لمدة أسبوعين، بأن خياطة وباقي أفراد فرقة الصعاليك عزفوا وأنشدوا أغاني الفرات التراثية في صالة "رميل" الصغيرة، التي لم تكد تستوعب الحضور، فتمكّنت الموسيقى من إضفاء مزيد من البهجة على اللوحات، وتمكّنت من ترسيخ الانطباع البسيط الذي كوّنه المتلقي عن البيئة التي ترجع إليها اللوحات.
وفي اليوم الأخير على وجه التحديد، قامت فتاة أميركية، ذات أصول عربية، زارت المعرض، تُدعى ليلى عوض الله، بالرقص على أنغام أغاني حوض الفرات التراثية بطريقة معاصرة، فحوّلت صالة المعرض التراثية إلى ساحة تعبير خاصة، تُتيح للمتلقي التفاعل مع المنتج الفني، فأخرجت الأنماط التي وضعها خياطة في أطر ثنائية الأبعاد إلى الصالة، لترقص متلاصقة بالجمهور، وتمسرح على طريقة مسرح الحدث (الهابينينغ) عملية المثاقفة بين الغرب والشرق، وبين الموسيقى والرسوم التراثية والجسد المعاصر.



المساهمون