"أم إسماعيل" مزارعة تعشق سهل سلفيت

15 يوليو 2015
أم إسماعيل في أرضها (العربي الجديد)
+ الخط -
اسمها ابتسام موسى، لقبها أم إسماعيل، مزارعة لم تتجاوز الخامسة والأربعين من عمرها، من بلدة دير بلوط شمال محافظة سلفيت، وسط الضفة. في جعبتها الكثير من قصص الصمود والتحدي أمام الظروف القاهرة والمعاناة المستمرة للمرأة العاملة في الزراعة. هي تعشق أرضها، وتعتني بها كاعتنائها بأبنائها الثمانية، الذين التحق معظمهم بالجامعات الفلسطينية، بفضل عمل زوجها في التدريس إضافة إلى مردود الأرض التي تحصدها ابتسام وتؤمّن من خلال إنتاجها مصروف المنزل، بعد تقاعد الزوج... فلنتعرف إلى قصتها.

تمتاز قرية دير بلوط بسهل خصب في شرقها يطلق عليه السكان اسم "المرج"، تبلغ مساحته حوالى ألف دونم، إضافة إلى سهل آخر صغير يسمونه "المريج" يقع شمالها. ويقع كلا السهلين على قمم تلال واطئة تتخللها وديان من أشهرها وادي صريدا، وهو رافد مهم لنهر العوجا، ثاني أنهار فلسطين التاريخية أهمية.

وتقع قرية دير بلوط أقصى غرب الضفة، ويقطع الخط الأخضر مبانيها عن أراض زراعية شاسعة غرباً، يملكها أهالي القرية والقرى المجاورة، مثل رنتيس وكفر الديك واللبن الغربي ورافات ودير غسانة.

بكفَّيْنِ شققهما التعب ووجه لفحته الشمس بسمرة المزارعين المعهودة، تزرع أم إسماعيل، كغيرها من النساء في قرية دير بلوط، الفقوس والبامية والقمح والثوم والبصل.

ورغم انشغالها بالزراعة وتربية الأبناء ومساعدة الزوج، وهو مدير مدرسة متقاعد، على أعباء الحياة، إلا أن أم إسماعيل تثقف نفسها بنفسها، وتؤمن بالعمل التطوعي وتدعو لنشره وتطالب بتعميمه كخصلة نبيلة وصفة سامية في المجتمع.

فكانت دائماً سباقة للأعمال التطوعية في بلدتها، وساهمت في عدة جمعيات فاعلة، ومن هنا لمع نجمها، مما جعل القائمين على مؤتمر نسوي في السويد يدعونها للمشاركة وتمثيل فلسطين قبل 9 سنوات لتحكي قصصاً وحكايات عن معاناة المرأة الفلسطينية العاملة أمام صعوبات الحياة في زمن الاحتلال الإسرائيلي، الذي باتت المرأة الفلسطينية ضحيته الأولى.

تعود أم إسماعيل إلى الوراء قليلاً لتروي بعضاً من جوانب حياتها، خلال حديثها مع "العربي الجديد"، فتقول: "تزوجت وأنا ابنة ثمانية عشر عاماً، من مدرس محروم من التدريس بسبب حكم احتلالي صدر بحقه، وبعد قدوم السلطة الفلسطينية عاد زوجي إلى مهنة التدريس، ثم تسلم إدارة مدرسة القرية إلى أن تقاعد".

تتابع أم إسماعيل: "منذ تزوجت وقبل زواجي أيضاً، أعمل في فلاحة الأرض وأزرع الفقوس والبازيلاء والقمح والفول والكوسا والبامية، رغم قلة المياه والخنازير البرية التي يطلقها المستوطنون لتخريب الأرض الفلسطينية، إلا أن المزارع الفلسطيني متمسك بأرضه وفلاحتها رغم كل الصعوبات".

وتعبر أم إسماعيل، خلال حديثها مع "العربي الجديد"، عن ندمها لأنها لم تنه دراستها الجامعية، وتقول: "كم تمنيت أن ألتحق بالجامعة، لكن الظروف الصعبة التي نمر بها جعلتني أركز الآن على تربية أبنائي وتمكينهم من إنهاء دراستهم الجامعية، فمنهم من يدرس هندسة إلكترونيات، ومن يدرس تخصص تربية ابتدائية، وبعضهم ما زال في المدرسة".

شاركت أم إسماعيل في عدة مهرجانات محلية، منها مهرجان البيرة للمفتول في أبريل/نيسان عام 2015، ومهرجان التجارة العادلة في رام الله، ومهرجان الزراعة البعلية التقليدية في رام الله أيضاً. كما تشارك أم إسماعيل وصديقاتها بفاعلية كبيرة في مهرجان الفقوس السنوي الذي تنظمه فعاليات قرية دير بلوط على أرض القرية، ويتم خلاله عرض منتوجات القرية الزراعية، من فقوس (مقتى) ومخللاته وبامية ولوبياء وثوم وبصل وقمح، أو منتوجات تتصل بها، كنسيج قش القمح، والتطريزات، وغيرها.

ورغم أن أهالي قرية دير بلوط لا ينظّرون للنسوية أو الجندرية، ورغم أن عبارة "تمكين النساء" مصطلح غريب عن الأذن البلوطية، ولكن الثابت أن الزراعة في تلك البلدة عمل نسوي بامتياز. وترى أم إسماعيل أن العمل الزراعي في قريتها يحتاج إلى تطوير، ونساء القرية العاملات في الأرض والزراعة يحتجن إلى دورات تمكينية في أساليب الزراعة الحديثة، والتعامل مع الآفات الزراعية.
المساهمون