"أمتطي غيمة".. حكاية من 1987

17 مارس 2018
ياسر مروة في العرض، تصوير: كريستينا سرفانتيس
+ الخط -

في 17 شباط/ فبراير عام 1987، الحرب مشتعلة في شوارع بيروت، يجري اغتيال المفكر الشيوعي اللبناني حسين مروة، يسمع حفيده ياسر ابن الـ 17 عاماً عن الاغتيال فيخرج راكضاً ليتأكد من حقيقة النبأ فيعاجله القناص بطلقة في الرأس، يأخذه صديقه إلى المستشفى ويعلن الطبيب وفاته فيوضع في غرفة الجثث، إلى أن يكتشف أحدهم بالصدفة أنه ما زال يتنفس.

هذه هي بداية قصة ياسر مروة شقيق المخرج اللبناني ربيع مروة والتي يجري تقديمها في عرض أدائي مسرحي بعنوان "أمتطي غيمة" مساء اليوم على خشبة "مسرح البلد" في عمّان وبتنظيم من "دارة الفنون".

العرض الذي يشتغل على ترميم الذاكرة وإعادة بنائها، انطلق منذ 2013، ويتناول حياة ياسر بعد الحادثة، فقد أجريت له عمليات جراحية لكنه ونتيجة الإصابة فإن شيئاً من جمجمته قد تناثر، وتناثرت معه ذاكرة اللغة والقدرة على القراءة والكتابة.

ينصح الطبيب ياسر بتسجيل فيديو لنفسه ليعيد قدراته ويعين نفسه على تقوية الذاكرة واللغة، هذه التسجيلات تحضر شذرات منها كوثائق في العرض المسرحي لمروة.

يروي ياسر الحاضر بنفسه على المسرح كيف تهشمت الكلمات في رأسه، ومع تحطم اللغة هذا تشظّت هويّته، فها هو يرى نفسه ياسراً آخر كل مرة يحاول فيها مواجهة ذاته بالكلمات والذاكرة.

العرض أيضاً يعود إلى طفولة ياسر، وبداية انتسابه إلى الحزب الشيوعي، ويمر بلحظة اغتيال جده ثم لحظة اختراق الرصاصة لرأسه، ثم مرحلة العمليات في لبنان ثم روسيا، ثم العودة إلى عالم الواقع اليومي ومحاولة مد الجسور معه.

في المسرحية أيضاً توثيق لعودة ياسر إلى مسرح الجريمة، إلى الشارع الذي جرى قنصه فيه، فيمثل وهو الضحية الجريمة وكيف سقط وكيف أحس وبماذا، في غياب المجرم الحاضر فعله كنتيجة نراها في تاريخ ياسر الصغير.

العرض هو جزء من سلسلة أعمال ربيع مروة التي تمشي على خط رفيع بين الذات ومسرحتها، والتي لطالما كانت مشغولة بالحرب الأهلية اللبنانية وبالعنف الذي جرى فيها، من أبرز أعماله "ميونخ 72" (2015)، و"لكم تمنّت نانسي لو أنّ كل ما حدث لم يكن سوى كذبة نيسان" (2007)، و"كيف بدي وقف تدخين" (2006)، و"ثلاث ملصقات" (2000)، و"من يخاف الممثّل" (2004)، و"بيوخرافيا" (2002)، و"البحث عن موظّف مفقود" (2005).

المساهمون