"أمانٍ مستحيلة" تداعب أحلام صحافيين مغاربة

01 يناير 2019
نحتاج إلى قدر كبير من الحرية (عبدالحق سنّة/فرانس برس)
+ الخط -
انحصرت أماني العديد من الصحافيين في المغرب  بثلاثة صعد: أولها توفر المعلومة وضمان حرية التعبير، وثانيها عدم تسليط سيف العقوبات الحبسية على أعناقهم، وثالثها تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، حتى باتت أماني "مُكررة" كل سنة.

ويبدو أن صحافيين وإعلاميين مغاربة "تجاوزوا" هذه الأماني المكررة في نهاية كل سنة، والتي يدركون أن تحقيقها يستوجب بذل جهود حثيثة وإرادة صادقة من لدن صُنّاع القرار، حيث باتت أحلامهم تلامس سقفاً أعلى وفضاءً أوسع من قُطْر البلد ليصل إلى رحاب الوطن العربي كله.

وفي هذا السياق، يقول الإعلامي التلفزيوني ياسين عدنان الشاعر، وهو صاحب برامج ثقافية مغربية وعربية: "آمل أن تتكثّف الجهود خلال 2019 لمساعدة المواطن العربي على استعادة إنسانيته. لم تعد لدينا أحلام طموحة ولا أوهام جموحة. أقصى أمانينا هو أن تصير لدينا شعوبٌ، كباقي شعوب الأرض، تنشغل بقضاياها الأوليّة وتفكّر في تحسين مستوى العيش والرفع من جودة الحياة".
ويُضيف "لقد تحوّلنا في العالم العربي إلى ما يشبه "حيوانات سياسية" لا تهتمّ بقضايا البيئة، ولا تحرص على الذهاب إلى المسرح والسينما، ولا تواظب على المجلة والكتاب، بل ولا تشغل بالها حتى بقضاء إجازات هنيّة كما يحصل في كل بلاد الدنيا. لكأنّ حلاوة العيش لا تعنينا بعدما صارت السياسة مبلغَ همِّنا وخبزَنا اليومي. وأيُّ سياسة؟ تشغلنا السياسة، ليس بوصفها فكرًا وفلسفة وتأملاً في القضايا الكبرى والأسئلة المصيرية، وإنما باعتبارها جدلًا بيزنطياً، ومكايدات حزبية، وصراعات انتخابية، ومشاحنات عرقية، وحروبا طائفية، وعدوانية مجانية حيناً ومدفوعة الأجر أحياناً، وتقاذفاً بالألقاب التحقيرية والأحكام التكفيرية".
ويتابع "لذا، أتمنّى أن تحصل في 2019 "معجزة" ما تُعيدنا إلى آدميتنا. نحتاج رجّة تذكّرنا بأننا بشر كالآخرين، ومواطنون أيضًا، نستحق أن نحيا في مجتمع المواطنة حيث الحقوق محفوظة والواجبات مرسومة والتعايش نمط حياة. ولن يتحقق ذلك ما لم تُراجع الأطراف السياسية العربية مواقفها اللاوطنية واللاقومية، وحساباتها الأنانية الضيقة. لن يتحقق ذلك ما لم يراجع إعلاميو التجييش والتحريض المرتزقة، الذين أجّجوا الكثير من النعرات السياسية والطائفية بيننا وتاجروا فيها وفينا، أنفسهم وكفّوا عنّا شرورهم. وإلا فما ينتظرنا مع الأسف يعد بالمزيد من التردّي، وبالمزيد من التدمير الذاتي لنا كأفراد وجماعات ودول".



أما الإعلامي والكاتب الصحافي عبد العزيز كوكاس الذي سبق له أن ترأس تحرير عدة صحف كبيرة، فيقول "نأمل في السنة القادمة، خارج نبوءات العرافين والمنجمين وكهنة العصر الحديث، أن تعود للديمقراطية فضائلها المؤسسة ووهجها الأخلاقي، كنظام حكم الأقل سوءًا مما أبدعته البشرية حتى اليوم، أن تنزل في عالمنا الإسلامي السياسة من السماء إلى الأرض، وأن نعي أننا لسنا ملائكة والآخرين ليسوا شياطين".
ويضيف "الشر اختصاصهم الأول، نتمنى أن يُقدّر لنا أن نصحو حقيقة من وقع هذا الخراب العام الذي يلفنا أفرادا وجماعات، نحتاج إلى قدر كبير من الحرية لتتسع رئتنا لهواء أنظف، وأن نعي صيرورتنا كعرب بأن كوكب الأرض لم يعد يتسع للرداءة ولفسادنا، وأن هناك منارات تذخر بها أمتنا في حاجة أن تجد لنفسها موطئ قدم في مجالات التدبير والمشاركة في الاقتراح والمشاركة في السياسات العمومية إبداعاً واقتراحاً، تسييرًا ومراقبة ومحاسبة". ويختتم بالقول "نشتهي مع تباشير العام الجديد، أن يكون لنا إعلام حقيقي يليق بنا ونليق به، إعلام غير فضائحي يشجع الغرائز والنزوات، ويعمل على تسطيح الوعي وتعليبه، نشتهي أن تتسع مساحات الحرية في سمائنا لعلنا نصحو على غد أفضل إلى جانب باقي ساكني هذا الكوكب".