"أفلاتوكسين"... سموم في الفول السوداني

18 نوفمبر 2019
هل هو ملوّث؟ (إيريك لافورغ/ Getty)
+ الخط -

هل هو العشق وحده ما أدّى إلى إدمان نسبة لا يستهان بها من السودانيين زبدة الفول السوداني، أم أنّ للوضع الاقتصادي دوره؟ سؤال يُطرح في حين صارت "الدكوة" (زبدة الفول السوداني) ملاذاً لمواجهة غلاء أصناف الغذاء الأخرى، مع الحاجة المتجددة إلى تناول وجبة مذاقها مستساغ وثمنها زهيد. يكفي الحصول على بضع ثمرات من البندورة (الطماطم) مع قليل من البصل وزبدة الفول السوداني لإعداد طبق يجمع أسرة كاملة أو مجموعة من العمّال على مقربة من موقع شغلهم، أو تلاميذ في فناء مدرستهم، لتأمين حالة من الاكتفاء الآني. لكنّ ثمّة عواقب غير محمودة لذلك، إذ أثبتت دراسة أُعدّت في كلية الصحة التابعة لجامعة الخرطوم قبل عقد ونصف العقد، أنّ كل عينات "الدكوة" التي جُمعت من الأسواق ومراكز التصنيع في ولاية الخرطوم ملوّثة بمركّبات "أفلاتوكسين" التي تصنّفها الجهات العالمية المعنيّة، منها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، من ضمن المواد التي تتسبّب في أمراض مختلفة، لا سيّما سرطان الكبد.

في ذلك الحين، عند إعداد الدراسة، لم تكن "الدكوة" تحتل المكانة التي تحتلّها اليوم على قائمة الغذاء اليومي، ولم تكن قد تضاعفت أعداد العاملين في تصنيعها وتسويقها كما هي الحال اليوم، الأمر الذي لم يستدعِ إيلاءها أهميّة كبيرة وبالتالي حمايتها من التلوّث بمركّبات "أفلاتوكسين"، منذ مرحلة زراعة الفول السوداني ثمّ حصاده وتخزينه وتحميصه وطحنه وصولاً إلى تصنيعه ليصير زبدة جاهزة للاستهلاك. فالفول السوداني عرضة إلى الإصابة بالفطريات في كلّ واحدة من تلك المراحل.

كثيرون هم الذين لم يطّلعوا على المعلومات والإرشادات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية لتجنّب السموم الفطرية (أفلاتوكسين)، كذلك فإنّ نصف الذين اطّلعوا عليها أو أكثر من الذين ترتبط مصالحهم بتجارة الأغذية المعرّضة إلى الإصابة بتلك السموم الفطرية، لا يعملون بها. من يعمد إلى التخلّص من سلعته التي راحت تبدو متعفنة أو باهتة اللون أو منكمشة، خصوصاً أنّ الآثار لن تظهر بعد التحميص والطحن؟ ومن يتردّد في شراء تلك السلعة من الباعة المتجوّلين، ما دامت تصله إلى حيث هو، الأمر الذي يوفّر عناء البحث عنها في أماكن موثوقة إن وُجدت؟




وفقاً للبروفسور سليمان فضيل، فإنّ مركّبات "أفلاتوكسين" أو السموم الفطرية هي المتّهم الثاني للإصابة بالتهاب الكبد الوبائي "ب"، علماً أنّ التحميص والتمليح والغسل لا تقتل الفطريات، والأجدى هو التخلّص التام من المنتوجات. يُذكر أنّ الوكالة الدولية لبحوث السرطان صنّفت مركبّات "أفلاتوكستين" المادة في قائمة المسببات الأساسية للأورام. على الرغم من كلّ ذلك، تتزايد أعداد المقبلين على تناول "الدكوة" والعاملين في تصنيعها... كأنّهم لا يدركون.

*متخصص في شؤون البيئة
دلالات
المساهمون