منذ صدور مجموعتها القصصية الأولى "حب يوسو" عام 1995، جلبت هان كانغ الانتباه إليها لتصويرها المأسأة الإنسانية بلغة شعرية، بحسب توصيفات النقّاد، وتركيزها بشكل بارع على ضوء خافت يمكن الوصول إليه عند هاوية اليأس فقط.
وُلدت الروائية الكورية الجنوبية عام 1970 لأب يُعدّ من أبرز الروائيين في بلاده هو: هو سونغ- وون، حيث كانت الكتب هي الأكثر حضوراً في طفولتها، فبدأت تكتب في سن الخامسة عشرة، حيث نشرت قصائد في بعض المجلات، ثم درست الأدب في "جامعة بونسي" في بلادها، وعملت لفترة قصيرة في دار نشر.
أفعال بشرية" عنوان روايتها التي نُشرت أولى طبعاتها سنة 2014، وصدرت حديثاً النسخة العربية عن "دار التنوير" بترجمة محمد ديب، وتدور أحداثها حول الانتفاضة التي شهدتها مدينة غوانغجو بكوريا الجنوبية في أيار/ مايو عام 1980، وتُقدَّر أعداد ضحاياها بالمئات.
يعود العمل إلى سلسلة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في البلاد، بعد اغتيال رئيسها الدكتاتور بارك تشونك سنة 1979، حيث أحكم الجيش قبضته على الحكم وقمعَ الحركات التي برزت في الجامعات ودعت إلى الإصلاح وتحسين الأوضاع الاقتصادية، فتمّ فصل أعداد كبيرة من الأساتذة والطلبة وأُطلق الرصاص على المتظاهرين.
تتبّع كانغ شخصيات عديدة منها جيونج داي الذي قُتل في الانتفاضة، وإيون سوك ودونع هو اللذان جمعا جثث القتلى، وكيم جين سو الذي سُجن بسبب انخراطه في الاحتجاجات والذي يعيد قراءة تجربته بعد مرور عشر سنوات، وهو الذي عانى من التعذيب في السجن وظلّ ناشطاً سياسياً بعد خروجه منه، وتشكّل شهادة كلّ واحدة من الشخصيات جانباً مختلفاً في رواية الحدث.
يشير الناشر إلى أن الرواية "عن الراحلين والباقين والعالقين بين الرحيل والبقاء. قصة يرويها أحياء عن أموات وأموات عن أحياء"، وهي تبدو مرثية حزينة وشهادة جريئة عن الانتفاضة، ولا تقع هان كانغ في فخ السرد التاريخي الممل، بل تحكي قصصاً شديدة الخصوصية ولكنها عالمية في إنسانيتها، كما تواصل توجيه أسئلتها المميزة لأسلوبها في "النباتية" و"الكتاب الأبيض" عن العنف البشري وعن ثقل الضمير وصعوبة أن تكون إنساناً، وشقاء أن تكون ناجياً".