توجّهت منظمة "أطباء بلا حدود" أمس، برسالة إلى الحكومات الأوروبية ومؤسساتها، تدعوها فيها ألا تدير ظهرها لآلاف الفارين من الحرب والقمع واليأس، وألا توقّع اتفاقية مع تركيا لمنع تدفّق المهاجرين. ووصفت رئيسة المنظمة الدكتورة جوان ليو، ما يحصل بالتخلي التاريخي لأوروبا عن المسؤولية الأخلاقية والقانونية في زمن يشهد أكبر موجة لجوء عرفتها البشرية منذ عقود.
وجاء في الرسالة: "يا دول أوروبا، هل مضى زمن طويل على الحرب العالمية الثانية، لدرجة أنّكم لم تعودوا تذكرون الحاجة الإنسانية الأساسية للفرار من العنف والاضطهاد حين لا يكون هناك أي خيار آخر؟ نحن نتفهم أنّ مواجهة التحديات الهائلة التي تفرضها أزمة اللجوء العالمية قد أصبحت مسألة سياسية جدلية، لكنها بالنسبة إلينا مسألة إنسانية أولاً وأخيراً ولا بدّ من أن تكون كذلك بالنسبة إليكم أيضاً".
أضافت المنظمة: "منذ سنوات ونحن نقدّم العلاج لضحايا سياسة الردع التي تتخذها أوروبا إزاء الهجرة، فقد قوّمنا عظاماً كسرتها الشرطة، وعالجنا أطفالاً أصيبوا بطلقات مطاطية في رأسهم، وغسلنا أعين أولاد تعرّضوا للغاز المسيل للدموع. وبدلاً من التركيز على تخفيف الأزمة، قرّر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ببساطة، التنصل من مسؤولياتهم وقذفها على الآخرين".
وأشارت المنظمة إلى أنّ المساعدات المالية المقدّمة للاجئين في تركيا والمشروطة بنقل المعاناة إلى خارج أوروبا، و"اليوروهات" التي سترعى الناس بعيداً عن الأعين، من شأنها أن توقع وكالات الإغاثة في معضلة مروّعة، وتضعها أمام سؤال صعب هو: هل عليهم أن يقدّموا المساعدات الملحّة خدمة لسياسة معادية للإنسانية هدفها ضبط الحدود؟
وحذّرت المنظمة من أنّ هذه الاتفاقية تهدّد حقوق الناس أجمعين في طلب اللجوء وتنتهك التزام الدول الأوروبية بتأمين المساعدة والحماية لكلّ رجل وامرأة وطفل في حاجة إليها. أضافت أنها تحوّل قانون اللجوء إلى ورقة مساومة سياسية ترمي إلى إبقاء المهاجرين أبعد ما يمكن عن حدود أوروبا وأعين مواطنيها.
بحسب ما تؤكد "أطباء بلا حدود"، فإنّ الصفقة تبعث برسالة مقلقة إلى باقي العالم، مفادها أنّ الدول يمكن أن تتهرّب بالمال من توفير اللجوء. وفي حال عمدت دول عدّة بتقليد هذه المقاربة، فإنّ مفهوم اللاجئ سينتفي من الوجود، ما يعني أن يعلق الناس في مناطق الحروب غير قادرين على النجاة بحياتهم ولا خيار أمامهم سوى البقاء والموت. وقد بيّن القصف الذي طاول أخيراً مخيماً للنازحين بالقرب من إدلب وأدى إلى مقتل 28 شخصاً، أنّ مفهوم "المناطق الآمنة" في سورية ليس قابلاً للتطبيق.
وتطرّقت المنظمة إلى الاستقبال السيئ للمهاجرين طالبي اللجوء إلى أوروبا، في اليونان، إذ يتجمّعون على الجزر اليونانية من دون حماية، وتخشى النساء من الخروج إلى الحمامات بمجرّد حلول الظلام، فيما تتوسل الأمهات للحصول على حليب لإطعام أطفالهنّ. أما الرجال بمختلف أعمارهم، فقد فقدوا كرامتهم وهم يتصارعون على فتات الطعام أو على من يقف أولاً في الطابور.