يوافق اليوم 3 يناير/كانون الثاني ذكرى مولد شهيدة مذبحة رابعة العدوية، أسماء البلتاجي التي أصبحت إحدى أيقونات الثورة المصرية، لا لكونها ابنة القيادي الإخواني محمد البلتاجي، بقدر ما لكونها "أسماء" تلك الفتاة الصغيرة التي آمنت بالثورة وعاشتها وناضلت في سبيل انتصارها، حتى قنصتها يد غادرة في عامها السابع عشر.
مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" تحوّلت إلى صفحات تدوين مفتوحة، لنعي الشهيدة، والكتابة عنها، وعن أحلامها الصغيرة التي لم تكد أن تحقّق، حتى اغتالتها رصاصة الغدر.
"حبيبتي أسماء البلتاجي.. النهاردة يوم ميلادك ويوافق يوم ميلاد الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كم هي ذكرى جميلة.. أسماء أنت الآن في نعمة كبيرة فزتِ ورب الكعبة بالجنة ونعيمها مع الصدّيقين والشهداء. كل عام وأنتي في الجنة"، هكذا نعت والدة أسماء وزوجة البلتاجي، سناء عبد الجواد، صغيرتها.
والدة أسماء تابعت: "اشتقت إليكِ كثيراً... أعلم يا حبيبتي أن الشهادة منزلة تهنئين بها، ونغبطك عليها... أفرح لك بهذه المنزلة، وأدعو الله أن يصبّرني على فراقك... يا من علمتنا المعنى الحقيقي للحياة... عرفتِ يا حبيبتي كيف تعيشين وكيف تموتين... لم تتعلقي أبداً بالحياة.. همتكِ العالية بلغت بكِ.. كنت كلما رأيتك في حرصك على وقتك والانتفاع بكل دقيقة منه، تذكرت حديث رسول الله من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل... وأظنك يا أسماء قد بلغت المنزل.. منزل الشهداء وهو من أرفع المنازل.. يا رب حُرمت من حبيبتي في الدنيا فلا تحرمني منها في جنتك".
"يا ضحكة بدري اتيتمت، يا وطن عروقه اتقسمت، يا وردة ماتت في الصبا"، كانت رسالة نعي من قريبتها، مروة البلتاجي. "مشتاقة روحي إليك .. أنا والأسى نبكي عليك.. اليوم ذكرى ميلاد أسماء البلتاجي.. نقطة ومن أول السطر.. نقطة ومن أول الثورة"، قالتها صديقتها فدوى خالد.
وفيما تذكرتها صفحة حركة شباب 6 إبريل المصرية، بالقول "لعن الله من قتلها.. يسقط حكم العسكر.. يسقط عبد الفتاح السيسي"، ردّد كثيرون من متصفّحي مواقع التواصل الاجتماعي عبارة كانت أسماء قد كتبتها سابقاً "دعونا نقاتل الناس بالحب".
ولدت أسماء في 3 يناير/كانون الثاني عام 1996، وقُتلت يوم مذبحة رابعة العدوية، في 14 أغسطس/آب 2013، وهي الأخت الوحيدة لأربعة أشقاء. كانت تدرس في الصف الثالث ثانوي، وكانت تحلم بدخول كلية الطب للالتحاق بنشاطات الإغاثة العالمية.
شاركت في الثورة منذ بدايتها في 25 يناير/كانون الثاني 2011، كما شاركت في عدد من الفعاليات التي امتنعت جماعة الإخوان المسلمين عن المشاركة فيها، وأبرزها أحداث محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
روت إحدى المشاركات في اعتصام رابعة العدوية الذي التحقت به أسماء عقب عزل الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، أنها شاهدت أسماء قبل ساعة من مقتلها، أثناء فض الاعتصام، وأن أسماء كانت تقوم بتكسير الطوب وتجميعه، قبل أن تذهب لمتابعة الجرحى وإسعاف المصابين.
وروى مقربون منها أن آخر ما نطقت به كان "اثبتوا فإن النصر قريب، ولا تتركوا الثورة للعسكر، وقد تمّ قنصها برصاص حيّ في الصدر، وأقيمت الصلاة عليها في مسجد السلام بمدينة نصر بالقاهرة، وسط مشاركة المئات في جنازتها، وأمّ المصلّين أخوها الأكبر عمار البلتاجي، ولم يتمكن أبوها من حضور الجنازة، لكنه كتب في صفحته على موقع فيسبوك رسالة رثى فيها ابنته.
رثى الكثيرون، ومن اتجاهات مختلفة، "أسماء"، وصنع العديد من الأعمال الفنية التي تحكي قصتها وتندّد بمقتلها.