أثار خبر تحويل قسم من دار الأوبرا في دمشق إلى مطعم شعبي، يقومون بشواء اللحم ضمنه، سخرية وغضب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. وعبّر البعض عن استيائهم من الانحدار الثقافي والفكري الذي حل بالدار التي كانت في الماضي مكاناً لاستقبال العروض الفنية القيمة من كافة أنحاء العالم، إلا أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى مسرح لضخ بروباغندا النظام، عبر العروض المسرحية والموسيقية الرديئة فنياً.
وقد أصبح المعيار الوحيد لاعتلاء مسرح دار الأوبرا هو مدى خدمة محتوى العرض للأغراض السياسية للنظام السوري، وتبقى الناحية الفنية مجرد شكليات لا يتم الوقوف عندها؛ ومن الممكن أن ترى بين هذه الفعاليات عروضا مشوهة ومستنسخة من عروض عالمية، كآخر العروض التي استقبلتها دار الأوبرا على مسرحها الذي يحمل عنوان "أسفار سندباد"، وقدمته فرقة "آرام" للمسرح الراقص.
افتقدت المسرحية إلى أهم عناصر قصة "سندباد" الأصلية بهدف تسييسها، إذ تتميز قصة السندباد المأخوذة من "ألف ليلة وليلة" بطابعها الشرقي الساحر؛ فسندباد صبي من بغداد يسافر سبع مرات في رحلات إلى مناطق خيالية ضمن منطقة الوطن العربي. وتمزج لنا القصة بين الخيال والمغامرة ناقلة لنا التفاصيل الشرقية الساحرة في ذلك الوقت. وكانت الحكاية مصدر إلهام للعديد من المخرجين المسرحيين بسبب خصوبة الخيال فيها.
في عام 1978 عرضت مسرحية "السندباد البحري" لأول مرة في الكويت، وكانت المسرحية من أوائل الأعمال المتخصصة للأطفال على مستوى الخليج العربي، ونالت المسرحية حينها شهرة كبيرة وواسعة، وإلى اليوم لا تزال حاضرة وتتم إعادتها وإعادة صياغتها في أماكن مختلفة في العالم. في عام 2005 قام المخرج الروسي فياتشيسلاف دولغاتشوف بتقديم مسرحية "السندباد البحري" في مسارح روسيا للأطفال على مدار خمس سنوات متتالية، مأخوذاً بسحر الشرق الذي يطغى على القصة.
وأما مسرحية فرقة "أرام"، فتقدم سندباد باعتباره صبياً سورياً وليس بغدادياً، وبدلاً من أن تكون وجهة رحلاته إلى مناطق الوطن العربي، فإن وجهته تتحول إلى الصين والهند وروسيا وأفريقيا وأميركا. وبدلاً من التركيز على سحر الاستكشاف الحضاري والثقافي، فإن سندباد بالنسخة السورية لا يرتاح إلا عندما يعود إلى بلده من جديد.
اقــرأ أيضاً
والهدف من هذه الحبكة، حسب ما صرح به مؤسس ومدير الفرقة نبال بشير، هو دعوة اللاجئين السوريين إلى العودة إلى حضن الوطن، فـ "سندباد" في المسرحية اغترب مثل السوريين وسافر إلى أماكن جميلة، ولكن لا شيء يريح قلبه سوى العودة إلى أرضه ومسقط رأسه. بهذا، العرض ينتهي بلوحة تحمل عنوان "من ماضينا العايش فينا"، وفيها يعود السندباد إلى دمشق وسط العديد من الراقصين المرحبين به، ويترأس الخشبة ثلاثة راقصين يحملون علم النظام السوري.
لا تنحصر مشكلة العرض ببعده السياسي فقط، وإنما بتشويه القصة الحقيقية للسندباد وتقديمه ضمن قالب سطحي فقط لإبراز إمكانية الفرقة على الرقص بأنماط عالمية مختلفة. ومع ذلك فإن الراقصين بدوا هواة وعاجزين عن احتراف أي من الرقصات المقدمة، إضافةً إلى ذلك يعمل العرض على نقل صورة نمطية عن الشعوب لا تختلف عن التي نراها بالأفلام والإعلانات التجارية، حيث يقدم الراقصون رقصة من أفريقيا فيظهر الراقصون مرتدين القش ويرقصون كما ترقص الشخصيات الكرتونية حول الفريسة في أفلام الكرتون، عندما تصور الشعوب البدائية، ليبدو أن الفرقة لم تجهد نفسها بالبحث في ثقافة الشعوب التي تقدمها. ولا تخلو سفرات السندباد من الأهداف السياسية أيضاً، فالفرقة تقدم تحية للشعبين الروسي والصيني، الحليفين السياسيين لنظام الأسد، من خلال تلك الرقصات بشكل معلن.
وقد أصبح المعيار الوحيد لاعتلاء مسرح دار الأوبرا هو مدى خدمة محتوى العرض للأغراض السياسية للنظام السوري، وتبقى الناحية الفنية مجرد شكليات لا يتم الوقوف عندها؛ ومن الممكن أن ترى بين هذه الفعاليات عروضا مشوهة ومستنسخة من عروض عالمية، كآخر العروض التي استقبلتها دار الأوبرا على مسرحها الذي يحمل عنوان "أسفار سندباد"، وقدمته فرقة "آرام" للمسرح الراقص.
افتقدت المسرحية إلى أهم عناصر قصة "سندباد" الأصلية بهدف تسييسها، إذ تتميز قصة السندباد المأخوذة من "ألف ليلة وليلة" بطابعها الشرقي الساحر؛ فسندباد صبي من بغداد يسافر سبع مرات في رحلات إلى مناطق خيالية ضمن منطقة الوطن العربي. وتمزج لنا القصة بين الخيال والمغامرة ناقلة لنا التفاصيل الشرقية الساحرة في ذلك الوقت. وكانت الحكاية مصدر إلهام للعديد من المخرجين المسرحيين بسبب خصوبة الخيال فيها.
Facebook Post |
في عام 1978 عرضت مسرحية "السندباد البحري" لأول مرة في الكويت، وكانت المسرحية من أوائل الأعمال المتخصصة للأطفال على مستوى الخليج العربي، ونالت المسرحية حينها شهرة كبيرة وواسعة، وإلى اليوم لا تزال حاضرة وتتم إعادتها وإعادة صياغتها في أماكن مختلفة في العالم. في عام 2005 قام المخرج الروسي فياتشيسلاف دولغاتشوف بتقديم مسرحية "السندباد البحري" في مسارح روسيا للأطفال على مدار خمس سنوات متتالية، مأخوذاً بسحر الشرق الذي يطغى على القصة.
وأما مسرحية فرقة "أرام"، فتقدم سندباد باعتباره صبياً سورياً وليس بغدادياً، وبدلاً من أن تكون وجهة رحلاته إلى مناطق الوطن العربي، فإن وجهته تتحول إلى الصين والهند وروسيا وأفريقيا وأميركا. وبدلاً من التركيز على سحر الاستكشاف الحضاري والثقافي، فإن سندباد بالنسخة السورية لا يرتاح إلا عندما يعود إلى بلده من جديد.
والهدف من هذه الحبكة، حسب ما صرح به مؤسس ومدير الفرقة نبال بشير، هو دعوة اللاجئين السوريين إلى العودة إلى حضن الوطن، فـ "سندباد" في المسرحية اغترب مثل السوريين وسافر إلى أماكن جميلة، ولكن لا شيء يريح قلبه سوى العودة إلى أرضه ومسقط رأسه. بهذا، العرض ينتهي بلوحة تحمل عنوان "من ماضينا العايش فينا"، وفيها يعود السندباد إلى دمشق وسط العديد من الراقصين المرحبين به، ويترأس الخشبة ثلاثة راقصين يحملون علم النظام السوري.
لا تنحصر مشكلة العرض ببعده السياسي فقط، وإنما بتشويه القصة الحقيقية للسندباد وتقديمه ضمن قالب سطحي فقط لإبراز إمكانية الفرقة على الرقص بأنماط عالمية مختلفة. ومع ذلك فإن الراقصين بدوا هواة وعاجزين عن احتراف أي من الرقصات المقدمة، إضافةً إلى ذلك يعمل العرض على نقل صورة نمطية عن الشعوب لا تختلف عن التي نراها بالأفلام والإعلانات التجارية، حيث يقدم الراقصون رقصة من أفريقيا فيظهر الراقصون مرتدين القش ويرقصون كما ترقص الشخصيات الكرتونية حول الفريسة في أفلام الكرتون، عندما تصور الشعوب البدائية، ليبدو أن الفرقة لم تجهد نفسها بالبحث في ثقافة الشعوب التي تقدمها. ولا تخلو سفرات السندباد من الأهداف السياسية أيضاً، فالفرقة تقدم تحية للشعبين الروسي والصيني، الحليفين السياسيين لنظام الأسد، من خلال تلك الرقصات بشكل معلن.