لكن يبدو أن هناك رضى أميركياً عن التحرك الروسي. فقد سبق للرئيس الأميركي باراك أوباما أن صرّح بأنّه لاحظ "تغيّراً في الموقفين الروسي والإيراني حيال مستقبل الأسد، بما قد يسهّل التوصل إلى حلّ في سورية". إلا أن المواقف الروسية والإيرانية الأخيرة، التي تؤكد تمسّكها في الدفاع عن النظام السوري حتى النهاية، ترجّح أن يكون التغيّر الذي تحدث عنه أوباما، هو تغيّر فقط بالموقف الأميركي ليقترب من الموقف الروسي. ويقوم التفاهم الروسي ــ الأميركي على إعطاء واشنطن لروسيا دوراً أكبر في الملف السوري.
ويشير مصدر دبلوماسي غربي (طلب عدم ذكر اسمه)، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "النظام السوري لن يمانع بإرسال ممثلين عنه للانخراط ضمن مجموعات العمل الأربع التي دعا فريق دي ميستورا إلى تشكيلها، والتي تضم مجموعات (السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار)، مرجّحاً أن يقبل النظام بعمل المجموعات الأربع بالتوازي وليس بشكل متسلسل، كما كان النظام يشترط سابقاً.
ويؤكد المصدر أن مجموعات العمل الأربع ستضم طرفاً ثالثاً غير المعارضة والنظام، وهم ممثلون عن منظمات المجتمع المدني، مبيّناً أنّه سيتم اختيارهم من قبل فريق المبعوث الأممي. ويعتبر المصدر أنّ هذا التطور يأتي وفق التفاهمات الروسية الإيرانية، إذ يستعد نائب دي ميستورا، رمزي رمزي، لتسليم دعواته رسمياً إلى النظام السوري وإطلاعه على كافة تفاصيل الخطة الدولية، خلال زيارته الأسبوع المقبل إلى دمشق.
وبحسب المصدر، فإن رمزي يقوم بهذه المهمة بعدما أبلغ "الائتلاف السوري المعارض" بخطة المبعوث الأممي، من خلال زيارة سريعة إلى إسطنبول قادماً من موسكو، مؤكداً على ضرورة ترشيح خبراء للمشاركة في الملفات الأربعة التي ستنطلق منتصف شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. ويوضح المصدر أنّ الائتلاف لم يبدِ أي اعتراض على الخطة الدولية الجديدة، وخصوصاً أنّها المرة الأولى خلال عامين التي يوافق فيها مجلس الأمن الدولي على بيان سياسي حول سورية، في إجماع وصفه مساعد سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، أليكسي لاميك، بـ"التاريخي".
اقرأ أيضاً: تسريبات تسبق مؤتمر جنيف: خطط لإحراج المعارضة السورية
ويرى المصدر أنّه "من خلال إقناع النظام السوري بالمشاركة ضمن مجموعات العمل الأربع، تكون روسيا قد قطعت نصف الطريق وبقي عليها جرّ إيران للاعتراف ببيان جنيف"، معتبراً أنّ "هذه المهمة أكثر سهولة، إذ بات بيان جنيف أكثر قرباً من رؤية إيران، وخصوصاً بعد تغيّر التعاطي من قبل المجتمع الدولي مع المشهد السوري من خلال التركيز على خطر تنظيم داعش وضرورة محاربته، عوضاً عن التركيز على مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في سورية".
ويلفت المصدر إلى أنّه "لمجرد اعتراف إيران ببيان جنيف، سوف يتم تشكيل مجموعة الاتصال الدولية والمؤلفة من الدول الخمس والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، ومن الممكن أن تكون مصر معهم"، متوقعاً أن تتشكل مجموعة الاتصال بعد شهرين. ويعتبر المصدر هذا التغيّر "بداية التوافق بين تلك الدول حول الحلّ السياسي في سورية الذي بقي مستعصياً منذ سنوات عدة".
ويرى المصدر أنّه "ستبقى هناك خطوات ضرورية تدفع دول مجموعة الاتصال التي هي قيد الإنشاء، إلى جرّ الأطراف المتناحرة إلى طاولة التفاوض وإجبارهم على القبول بالحلّ السياسي المتمثّل بتطبيق بيان جنيف المعدّل"، متوقّعاً "استعداد المعارضة إلى الدخول في تلك المفاوضات والقبول بأي حلّ ينهي مأساة السوريين وعمليات القتل في ظل شحّ الذخيرة والعتاد، وخصوصاً بعد التوجه الدولي لكسر احتكار الائتلاف كممثل للمعارضة السورية والمحاور عن الشعب السوري والحديث عن أطراف عدّة يكون الائتلاف طرفاً قوياً بينها".
مقابل الحراك السياسي، يجري العمل على تحقيق فصائل المعارضة المزيد من الانتصارات الميدانية على قوات النظام من أجل إجباره على الرضوخ لمتطلبات الحلّ السياسي، وذلك بالتوازي مع إقامة تركيا لمنطقة آمنة شمال سورية قد تم اتخاذ قرار كامل بشأن إنشائها، بحسب مصدر في الائتلاف، الذي يبيّن لـ"العربي الجديد"، أنّه سيتم فور فرضها من قبل تركيا، "فتح معركة كبرى من أجل السيطرة على كامل محافظة حلب، وتأمين دعم وقوة كافية لطرد النظام من المحافظة".
ويوضح المصدر أنّ "المنطقة الآمنة التي ستكون تحت شعار منطقة خالية من داعش، سيتم نقل مؤسسات المعارضة بشكل شبه كامل إليها، بالتنسيق مع قطر وتركيا". ويضيف أن "تركيا أبلغت قيادات جبهة النصرة بضرورة إخلاء المنطقة"، لافتاً إلى أنّ "كل تلك الإجراءات ستأتي بالتزامن مع كشف الأمم المتحدة عن هوية المسؤول عن هجمات الغاز الكيماوي على المدنيين لإجبار النظام السوري على الدخول في مفاوضات جنيف 3 والقبول بالحل السياسي وإطلاق مرحلة انتقالية من المتوقع أن تكون من دون الأسد".
اقرأ أيضاً: خطة طويلة الأمد لدي ميستورا بسورية: مفاوضات فإطار.. فجنيف