ماكرون يزور موسكو وكييف: بحث عن دور فرنسي عنوانه التهدئة

ماكرون يزور موسكو وكييف: بحث عن دور فرنسي عنوانه التهدئة

07 فبراير 2022
اتصل ماكرون ببوتين 3 مرات في غضون أسبوع (Getty)
+ الخط -

في مؤشر لتكثيف الأطراف الدولية الفاعلة الجهود الرامية لمنع اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا، يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موسكو، اليوم الاثنين، على أن يتوجه بعد ذلك إلى كييف، وسط توقعات بأن تتصدر قضايا التهدئة في شرق أوكرانيا محادثاته مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ومن اللافت أن زيارة ماكرون إلى موسكو تأتي بعد إجرائه ثلاثة اتصالات هاتفية مع بوتين في ظرف أسبوع واحد. وتطرق آخرها، في 3 فبراير/شباط الحالي، إلى الأوضاع على الساحة الدولية، وذلك في سياق رئاسة فرنسا الاتحاد الأوروبي.

ولفت بوتين، بحسب بيان للكرملين وقتها، نظر ماكرون إلى تصريحات وأعمال أوكرانية وصفها بـ"الاستفزازية"، ومتعارضة مع اتفاقات مينسك للتسوية. 

يقلل كيريل كوكتيش من واقعية إسهام زيارة ماكرون لموسكو في التهدئة شرقي أوكرانيا

وفي هذا الإطار، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كيريل كوكتيش، أن زيارة ماكرون إلى موسكو وكييف تعكس سعي باريس لاستعادة مكانتها على الساحة الدولية. لكنه يقلل، في الوقت ذاته، من واقعية إسهامها في التهدئة شرق أوكرانيا.

حدود وساطة ماكرون في الأزمة الأوكرانية

ويوضح كوكتيش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ماكرون يسعى لاستعادة الدور الفرنسي في السياسة العالمية. ومن المنتظر أن تتركز محادثاته مع بوتين على قضايا العلاقات الثنائية والوضع في أوكرانيا. ثم سيطلع زيلينسكي على نتائج زيارته إلى موسكو، وهو يسعى من خلال وساطته لزيادة رأسماله السياسي". 

ومع ذلك، يقلل من واقعية تحقيق اختراقات في الأزمة الأوكرانية بعد جولة ماكرون. ويقول إنه "على الأرجح، لن يحقق ماكرون أي نتائج مهمة، ذلك أن التهدئة في أوكرانيا مرهونة بعلاقات موسكو مع واشنطن، كونها المتحكم الرئيسي في أعمال كييف".

وعلى الرغم من أن زيارة ماكرون إلى موسكو تتزامن مع تنامي دور الشركات العسكرية الخاصة الروسية في مالي وأفريقيا، بعد تراجع الدور الفرنسي، إلا أن كوكتيش يعتبر أن الوضع في أفريقيا لن يكون على رأس أجندة الزيارة. 

ويعتبر أنه "ليس هناك أجندة لمناقشة الأوضاع في مالي وبوركينا فاسو، إذ ليس من المعتاد أن تناقش روسيا العلاقات الثنائية مع الدول الأخرى".

وزاد الانقلاب العسكري الذي وقع في بوركينا فاسو، في يناير/كانون الثاني الماضي، من التساؤلات حول مدى واقعية تكرار سيناريو مالي، من جهة تنامي دور الشركات العسكرية الخاصة الروسية، وفي مقدمتها شركة "فاغنر" للمرتزقة، لملء الفراغ الأمني بعد الانسحاب الفرنسي.

رهانات على حلول وسطى بين روسيا والغرب

يلفت الصحافي الأوكراني فيتالي بورتنيكوف، إلى أن زيارتي ماكرون إلى موسكو وكييف تعكسان تزايد الجهود الدبلوماسية الدولية لتخفيف حدة التوتر. ويعتبر أن أي جهود وساطة قد تكون مفيدة من جهة زيادة فرص التوصل إلى حلول وسط بين روسيا والغرب. 

ويقول بورتنيكوف، في اتصال مع "العربي الجديد" من كييف: "يتم بذل جهود دبلوماسية كبيرة لاحتواء الأزمة بين روسيا وأوكرانيا. وبعد ماكرون سيقوم المستشار الألماني أولاف شولتز بزيارتين إلى كييف وموسكو. كما استقبلت أوكرانيا، في الفترة الأخيرة، عدداً من السياسيين الأوروبيين الكبار".

وخلال الفترة الأخيرة، استضافت كييف عدداً من كبار المسؤولين الأجانب، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أعلن عقب زيارته عن إصابته وزوجته بفيروس كورونا. 

وحول تقييمه هذه الجهود الدبلوماسية، يقول بورتنيكوف: "ليست هناك مسارات يمكن لها تحقيق نتائج مهمة في الوقت الحالي، ولكن أي وساطة قد تكون مفيدة".

ويضيف: "تطالب روسيا بالضمانات بعدم توسع حلف الناتو شرقاً، بينما يطالب الغرب بتقليص الوجود العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا. وقد يكون الحل الوسط هو تعهد الغرب بعدم قبول أوكرانيا في الناتو لفترة ما، من دون تقديم ضمانات ملزمة، مقابل سحب قسم من القوات الروسية" عن الحدود الأوكرانية. 

وفي ظل إدراك موسكو وكييف والوسطاء الدوليين لخطورة تداعيات الصدام العسكري المباشر في أوكرانيا، تتبلور ملامح تأجيل المواجهة بين روسيا والغرب في القضايا الحساسة، مثل عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويذكّر مدير معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر دينكين، بأن النظام العالمي، الذي تأسس بعد النصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، واستمر لنصف قرن تقريباً، سقط بانهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991 وهزيمة موسكو في "الحرب الباردة".

فيتالي بورتنيكوف: الحل الوسط هو تعهد الغرب بعدم قبول أوكرانيا في الناتو لفترة ما
 

وفي مقال له بعنوان "لماذا لا نؤجل مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو إلى عام 2050" نشر في صحيفة "فيدوموستي" الروسية، في 4 فبراير/شباط الحالي، يلخص دينكين المشكلة الوجودية الآخذة في التفاقم هذه الأيام، في ضرورة تشكيل مبادئ النظام العالمي الجديد بلا نزاع عسكري واسع النطاق في نصف الكرة الأرضية الشمالي.

تأجيل عضوية أوكرانيا في الناتو سيخفض المخاطر

ويخلص دينكين إلى أن تأجيل مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو إلى عام 2050 سيخفض المخاطر للأمنين القومي، الروسي والأميركي، وسيلبي المصالح الروسية والمبادئ الأميركية في آن معاً بلا مساس بوقائع اليوم. 

وفي حوار سابق مع "العربي الجديد"، أرجع رئيس لجنة شؤون السياسة الخارجية في الرادا العليا (البرلمان الأوكراني)، أولكسندر ميريجكو، تأخر الناتو في قبول عضوية أوكرانيا إلى مواقف ألمانيا وفرنسا، اللتين تبديان حساسية مفرطة بسبب مصالحهما الاقتصادية مع روسيا.