أولكسندر ميريجكو: الغزو الروسي لأوكرانيا واقعي لكنه ليس حتمياً

05 فبراير 2022
ميريجكو: موسكو تريد إبقاء الجرح في دونباس مفتوحاً (موقع حزب سلوها نارود)
+ الخط -

يقدّم رئيس لجنة شؤون السياسة الخارجية في الرادا العليا (البرلمان الأوكراني)، أولكسندر ميريجكو، في مقابلة مع "العربي الجديد"، تقديرات الجانب الأوكراني لاحتمال إقدام روسيا على غزو أوكرانيا، فيما يوجه انتقادات إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي لوضعها المصالح التجارية مع روسيا فوق القيم الأوروبية. ويرجع ميريجكو تأخر انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى إبداء ألمانيا وفرنسا حساسية مفرطة حيال الموقف الروسي.

كما يعلّق ميريجكو على أسباب عجز الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن الوفاء بوعوده الانتخابية بتحقيق السلام في منطقة دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا، وأفق استعادة السيادة الأوكرانية على أراضي دونباس وشبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في عام 2014.

ميريجكو: مواقف فرنسا وألمانيا تعيق انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي

ويحمل المسؤول البرلماني الأوكراني الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشخصه، المسؤولية عن إسقاط طائرة "بوينغ777" الماليزية التي كانت تنفذ الرحلة رقم "إم إتش-17" فوق دونباس، في عام 2014، وهو الحادث الذي راح ضحيته 298 شخصاً.

  • خلال الفترة الأخيرة، لا يمر يوم دون سماع أنباء عن احتمال التدخل الروسي المباشر في أراضي أوكرانيا. إلى أي مدى هذه المخاوف مبرّرة؟

للأسف، فإن احتمال التدخل الروسي المباشر الجديد في أوكرانيا واقعي جداً، ولكنه ليس حتمياً. على مدى ثماني سنوات، خاضت أوكرانيا حرباً ضد العدوان الروسي، والآن قد يحدث هجوم مسلح روسي متكامل الأركان على أوكرانيا في أي لحظة. علينا الاستعداد لأسوأ السيناريوهات.

  • ما هي ردود كييف المحتملة في حالة التدخل الروسي و/أو الاعتراف باستقلال الجمهوريتين المعلنتين من طرف واحد في دونباس (دونيتسك ولوغانسك)؟

أولاً، جيشنا مستعد لصد العدوان الروسي، وهو قد حصل على خبرة واسعة في مواجهته، كما أنه مدرب ومجهز بصورة جيّدة. علاوة على ذلك، لدينا قوات الدفاع الذاتي الإقليمي. وفي حال أقدمت روسيا على عمل عدواني جديد، فسيحمل المحاربون القدامى والمتطوعون السلاح للدفاع عن وطنهم.

إذا اعترفت روسيا بما يسمى "الجمهوريتين الشعبيتين" في دونباس، وهما، في الواقع، أراض محتلة من قبل روسيا، فسيعني ذلك انسحاب روسيا من مفاوضات مينسك، وجريمة دولية جديدة يتم ارتكابها بحق أوكرانيا والقانون الدولي. ومع ذلك، لا أعتقد أن روسيا ستعترف بهاتين "الجمهوريتين"، لأن ذلك سيكون في عيون العالم الغربي بمثابة إخلال موسكو باتفاقات مينسك.

  • على الرغم من تنديدها بالسياسات الروسية تجاه أوكرانيا، إلا أن الدول الغربية تواصل تعاونها النشط مع موسكو في مجالات التجارة والاقتصاد والطاقة، متجنبة فرض عقوبات صارمة. كيف تقيّمون السياسات الغربية على المسار الروسي - الأوكراني؟

للأسف، فإن بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، ونظراً لاعتمادها على الغاز الروسي، تميل لاختيار "البزنس" مع روسيا على حساب القيم الأوروبية ودعم ضحايا العدوان الروسي. لحسن حظ أوكرانيا، فإن أقرب حلفائنا وشركائنا، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وليتوانيا، يدعمون بكل قلوبهم أوكرانيا في نضالها من أجل الاستقلال وضد العدوان الروسي.

  • على الرغم من انحيازه للشراكة مع كييف، إلا أن الغرب لا يستعجل للإعلان عن موعد محدد لانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. من وجهة نظركم، ما هي أسباب هذا الوضع؟

أعتقد أن العقبة الرئيسية أمام انضمام أوكرانيا إلى الناتو هي مواقف البلدين الأوروبيين الرائدين، ألمانيا وفرنسا. لسبب غريب ما، أو ربما لاهتمامهما بمزاولة البزنس مع روسيا، يبدي هذان البلدان حساسية مفرطة تجاه الموقف الروسي من أوكرانيا.

ميريجكو: استعادة أوكرانيا للقرم ودونباس مسألة وقت

تريد روسيا أن ترى أوكرانيا منطقة لنفوذها، وتمارس ضغوطاً غير مباشرة على فرنسا وألمانيا. في حال وافقت برلين وباريس على انضمامنا إلى الناتو، لكانت أوكرانيا أصبحت عضواً في الحلف على وجه السرعة.

  • في إطار حملته الانتخابية في عام 2019، وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالسلام في دونباس. من وجهة نظركم، ماذا منعه من الوفاء بوعوده؟

بذل الرئيس زيلينسكي جهوداً حثيثة لإنهاء الحرب مع روسيا، وحاول تحقيق هذا الهدف من دون التضحية بسيادة أوكرانيا ومصالحها الوطنية. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذا الهدف إرادة سياسية من قبل روسيا. لكن بدلاً من ذلك، تظهر روسيا أنها غير معنية بتسوية النزاع، بل تريد الإبقاء على الجرح في دونباس مفتوحاً بهدف ابتزاز أوكرانيا.

على الرغم من حقائق بديهية، إلا أن روسيا تتبرأ من كونها طرفاً في النزاع في دونباس وطرفاً في اتفاقات مينسك. يخلق موقف روسيا هذا عقبة لا يمكن تجاوزها على طريق تسوية النزاع المسلح بين روسيا وأوكرانيا.

  • كثيراً ما نسمع تصريحات صادرة من كييف حول عزمها على استرداد القرم ودونباس. إلى أي مدى هذه الأهداف قابلة للتحقيق، لا سيما في حالة القرم؟

ليس لدي شك في عودة القرم ودونباس واستعادة وحدة الأراضي الأوكرانية، طال الزمن أو قصر. هذه مسألة وقت. ومع ذلك، لا أعلم متى وبأي شكل سيحدث ذلك. في الوقت الحالي، اختارت أوكرانيا إتباع الطريق السياسي والدبلوماسي لتسوية النزاع.

ميريجكو: بوتين يتحمل مسؤولية إسقاط الطائرة الماليزية في 2014

  • هل يمكن تسوية النزاع في منطقة دونباس عن طريق فدرلة أوكرانيا وتثبيت وضع خاص لها على مستوى الدستور؟ ما هي العراقيل أمام ذلك؟

لا أعتقد أن ذلك ممكن. من المستحيل فدرلة أوكرانيا ومنح وضع خاص لدونباس، لأن ذلك يتعارض مع الدستور الأوكراني. علاوة على ذلك، ليس هناك إجماع في مجتمعنا بشأن هذه القضايا. لكننا في الوقت نفسه ننظر في خيار اللامركزية مع التعديلات الدستورية المحتملة التي من شأنها منح مزيد من الصلاحيات للحكم الذاتي في أوكرانيا. قد يكون ذلك حلاً يراعي مصالح جميع الأقاليم الأوكرانية، بما فيها دونباس.

  • في يوليو/تموز 2014، تمّ إسقاط طائرة "بوينغ 777" الماليزية في الأجواء فوق دونباس، ولم تتم معاقبة الجناة حتى الآن. ما الذي يمنع مساءلة الجناة؟ ألا تتحمل أوكرانيا المسؤولية عن عدم إغلاقها الأجواء فوق منطقة النزاع العسكري أمام حركة الطيران المدني؟

اقترحت أوكرانيا منذ البداية تشكيل محكمة دولية مستقلة للتحقيق في واقعة الرحلة "إم إتش-17". للأسف، فرضت روسيا حق النقض (الفيتو) على هذا المقترح. تقوم روسيا بكل ما بوسعها لمنع التحقيق والمحكمة المستقلة في هذه الواقعة، كما أنها تنشر الأكاذيب والدعاية المناهضة لأوكرانيا، وهذا في حدّ ذاته مؤشر لتحملها المسؤولية عن إسقاط "إم إتش-17".

في المقابل، فإن أوكرانيا معنية جداً بإجراء تحقيق موضوعي مستقل في هذه الحادثة. لذلك نؤيد المحكمة الجارية في هولندا، ونثق في جهاتها القضائية والتحقيقية. تظهر الحقائق أنه لا يجوز اتهام أوكرانيا، لأن منظومة صواريخ "بوك" التي تم إسقاط "إم إتش-17" بواسطتها، تم نقلها من روسيا وتشغيلها على أيدي عسكريين روس.

من يلقى عليه في نهاية الأمر اللوم في هذه الجريمة الدولية بالغة الخطورة؟ بالطبع، على القائد العام للقوات المسلحة الروسية، وهو فلاديمير بوتين بشخصه.

المساهمون