قطع التبرعات يتوالى على جامعة هارفارد ومخاوف من خفض مساعدات الطلاب

قطع التبرعات يتوالى على جامعة هارفارد... ومخاوف من الاضطرار لخفض مساعدات الطلاب

23 ديسمبر 2023
حملة تتهم رئيسة جامعة هارفارد كلودين غاي بمعاداة السامية (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت قائمة المليارديرات الحاجبين لتبرعاتهم عن جامعة هارفارد على خلفية موقف الجامعة "غير المناصر" لإسرائيل، تتسع، حيث أضيف إليها مؤخراً الملياردير لين بلافاتنيك.

وعلى مدار السنوات الأخيرة، منحت مؤسسة عائلة بلافاتنيك جامعة هارفارد ما لا يقل عن 270 مليون دولار، لكنها أوقفت التبرعات مؤقتًا في أعقاب شهادة رئيسة الجامعة كلودين غاي في الكونغرس بشأن معاداة السامية، وفقًا لما نشره الموقع الإلكتروني الخاص بمجلة "فورتشن" الأميركية.

وانضم الملياردير بلافاتنيك إلى قائمة طويلة ممن أوقفوا تبرعاتهم للجامعات الأميركية، دعماً لإسرائيل، بعد أن أظهر طلاب تلك الجامعات انحيازاً للحقوق الفلسطينية. وشملت القائمة كلاً من الملياردير الشهير بيل أكمان، والمستثمر الملياردير مارك روان، والسفير الأميركي السابق جون هانتسمان، وغيرهم.

ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما أعقبها من قصف إسرائيلي وحشي طاول المدنيين وحصد أرواح أكثر من عشرين ألف فلسطيني من سكان غزة، قال الخريجون من المليارديرات، وأغلبهم من اليهود، إنهم سيوقفون عطاياهم حتى تفعل الجامعة المزيد لمعالجة ما وصفوه بـ"معاداة السامية".

وزعموا أن ما وصفوه بـ"هذه الاضطرابات" يشوه سمعة جامعة هارفارد، ويلحق الضرر بشبكة خريجيها، التي تم صقلها بعناية".

وهدد هذا الموقف من العشرات من المانحين للجامعة بإضعاف الموارد المالية لأغنى وأقدم جامعة أميركية، في وقت تتأخر فيه عوائد استثماراتها، ويدرس فيه الكونغرس سبل خفض الدعم الفيدرالي، الأمر الذي سبب مخاوف من اضطرار الجامعة لخفض المساعدات المالية المقدمة للطلاب الدارسين فيها.

وقال ديفيد بيرجيرون، نائب مساعد وزير التعليم المتقاعد في وزارة التعليم الأميركية: "المشكلة التي تواجهها جامعة هارفارد هي أن جميع مصادر إيراداتها أصبحت محل شك. من الواضح أن قدرتهم على جمع الأموال لم تعد كما كانت من قبل، ومن المحتمل أن تكون قدرتهم على الاستفادة من البرامج الفيدرالية الداعمة للجامعات معرضة للخطر".

ونقلت مجلة "فورتشن" عن بلافاتنيك، خريج كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، وزوجته إميلي، أنهما سيوقفان التبرعات حتى تعالج الجامعة ما يعتبرانه معاداة للسامية منتشرة في الحرم الجامعي، حسبما قال الشخص المطلع على خططهما، والذي طلب عدم ذكر اسمه لأن المناقشات معهما كانت خاصة.

وقال الزوجان أيضاً إنها يتوقعان أن يتم التعامل مع الأعمال المعادية للسامية بطريقة لا تختلف عن الإهانات الموجهة للمجتمعات الأخرى.

وشملت مساهمات مؤسسة بلافاتنيك حوالي 200 مليون دولار لكلية الطب بجامعة هارفارد.

ولا تعد معاقبات المانحين المشكلة الوحيدة التي تواجهها جامعة هارفارد، حيث تواجه رئيستها غاي أيضًا بعض المشكلات، بعد تسليط الضوء بشكل مكثف على مزاعم السرقة الأدبية ضدها. والأسبوع الماضي، قال مجلس إدارة الجامعة إنه فحص كتاباتها الأكاديمية بعد أن علم بالاتهامات في أواخر أكتوبر/تشرين الأول. وقال المجلس إنه وجد "بعض الحالات من الاستشهاد غير الكافي" ولكن لم يكن هناك انتهاك لمعايير الجامعة في ما يتعلق بسوء السلوك البحثي.

لكن هذا الأسبوع، فتحت لجنة بمجلس النواب الأميركي تحقيقا في تعامل جامعة هارفارد مع هذه الاتهامات، ما أثار تدقيقا إعلاميا واسع النطاق. وطلبت اللجنة الرد من الجامعة قبل انتهاء آخر يوم عمل هذا العام.

وفي الوقت نفسه، على الجانب المالي، تواجه جامعة هارفارد ارتفاع التكاليف، بما في ذلك الرواتب والصيانة والمساعدات المالية، والأخيرة تمثل حجر الزاوية في سعي الجامعة لتنويع المكون الطلابي للدارسين فيها.

وبلغ إجمالي النفقات التشغيلية للجامعة العام الماضي 5.9 مليارات دولار، ومثلت الرواتب والأجور والمزايا لأساتذة وموظفي الجامعة، البالغ عددهم 20 ألفًا أكثر من نصف الميزانية. وبلغ وقف جامعة هارفارد 50.7 مليار دولار، كما أظهرت السجلات، في يونيو/حزيران الماضي.

وخلال عامها المالي الأخير، حصلت الجامعة على 37% من إيراداتها من توزيعات الوقف، الذي كان أكبر مصدر لديها للدخل، كما جاء 8% أخرى منها من المنح المقدمة إليها. ولكن مع الاضطرابات الأخيرة، فإن المزيد من الخريجين وكبار المانحين توقفوا عن كتابة شيكات التبرعات، ورفضوا إجراء مكالمات لمعارفهم لجمع التبرعات.

وقال ماثيو وينتر، الأستاذ المساعد في المالية بجامعة ستوني بروك، إنه حتى لو عانت المؤسسة التي يقع مقرها في كامبريدج بولاية ماساتشوستس من انخفاض كبير في التبرعات هذا العام، إلا أنها تتمتع بالسيولة المطلوبة لتعويض النقص. وأشار إلى أن هذا يأتي على خلاف ما حدث خلال عامي 2008 و2009، عندما واجهت جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات ضغوطا بسبب الأزمة المالية العالمية.

وتمتلك جامعة هارفارد حاليًا استثمارات قصيرة الأجل بقيمة 1.4 مليار دولار، بالإضافة إلى خط ائتمان بقيمة 1.5 مليار دولار. ولكن إذا تدهورت التبرعات بما فيه الكفاية، فربما يمثل هذا تهديداً لبعض الأهداف الرئيسية للجامعة المرموقة.

وعلى سبيل المثال، أنفقت جامعة هارفارد المزيد على المساعدات المالية للطلاب الجامعيين ما يقرب من 246 مليون دولار في عام 2023. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 55% من الطلاب سيحصلون على منح، على أساس الاحتياجات المالية، خلال العام الدراسي الحالي، حسبما ذكرت جامعة هارفارد في مارس/آذار. ويمكّن هذا الأسر التي تتلقى تلك المنح من دفع ما متوسطه 13 ألف دولار سنويًا، بدلاً من الأسعار المعلنة، التي لا تقل عن 83 ألف دولار.

ويحصل ما يقرب من ربع الطلاب في هارفارد، من غير القادرين، على منحة كاملة، أي أنهم لا يتحملون أي تكاليف دراسية، ويشمل ذلك الأسر التي يقل دخلها السنوي عن 85 ألف دولار، بعد أن كان 75 ألف دولار في العام السابق. 

المساهمون