سيناريو الحرب مع إيران: إسرائيل تتخبط مالياً مع ارتفاع النفقات

سيناريو الحرب مع إيران: إسرائيل تتخبط في أزمة مالية مع ارتفاع النفقات

18 ابريل 2024
خلال احتجاج أمام بورصة تل أبيب، يوليو 2023 (مصطفى الخروف/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المخاوف الاقتصادية في إسرائيل تتزايد بسبب الإنفاق العسكري المتزايد والتوترات مع إيران، مما أدى إلى خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 إلى 1.6%.
- وزارة المالية وبنك إسرائيل يحذران من تأثيرات زيادة ميزانية الدفاع على الاقتصاد، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الاقتراض وتقليل النمو الاقتصادي.
- الهجوم الإيراني الأخير يبرز العبء الاقتصادي الكبير من تكاليف الدفاع والتأثيرات السلبية على البنية التحتية، السياحة، والاستثمار، مع تحذيرات من استنزاف الميزانية الدفاعية وزيادة الحاجة للاقتراض.

يتعاظم القلق في الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية على سيناريو الإنفاق العسكري وتبعاته على الموازنة والاقتصاد بشكل عام مع احتدام التوتر مع إيران إثر الهجوم غير المسبوق يوم السبت الماضي.

يأتي ذلك، وسط توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 1.6 في المائة فقط في العام 2024 بعد الهجوم الإيراني، أي أقل من توقعات بنك إسرائيل بنمو بنسبة 2 في المائة فقط وما يقرب من نصف توقعات صندوق النقد الأخيرة البالغة 3.1 في المائة عشية بدء الحرب، بحسب موقع غلوبس الإسرائيلي.

ونما الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 2 في المائة عام 2023. فقد افترضت ميزانية إسرائيل المحدثة التي تمت الموافقة عليها في مارس/آذار أن الحرب ستنتهي في الربع الأول من عام 2024، وأن حجم الاحتياطيات في العام 2025 سيعود إلى مستواه الطبيعي، وأنه في العام 2025 ستتم إعادة إعمار المنطقة المحيطة بغزة، إلى جانب تحسّن الأوضاع على الحدود مع لبنان، الأمر الذي سيؤدي وفق الميزانية، إلى نمو سريع بنسبة 5.6 في المائة.

لكن موقع كالكاليست الإسرائيلي يعتبر أن "اليوم يبدو أن هذه الافتراضات صحيحة جزئيا فقط". يلفت الموقع إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية تعترف بأنها لم تقم بعد بتحديث الصورة إلى سيناريوهات تبدو الآن أكثر احتمالا وتشير إلى السيناريو الخطير الذي تم تقديمه في الكنيست في كانون الثاني/يناير عندما تم تقديم الميزانية المحدثة لعام 2024 وإدراجها أيضا في وثائق الميزانية الأخيرة نُشر في فبراير/شباط 2024.

سيناريو الحرب والافتراضات الصعبة

السيناريو الحاد "يضع افتراضات صارمة حول شدة القتال في مختلف الساحات، وأضرار القتال، ومدة القتال، وانتعاش الاقتصاد. ويفترض السيناريو تعبئة واسعة للاحتياطي وتعطيل في نظام التعليم والبنية التحتية". ويقدر هذا السيناريو أن النمو في العام 2024 سيكون ناقصَ 1.5 في المائة، وسوف يؤدي مثل هذا السيناريو أيضاً إلى زيادة العجز بما يتجاوز كثيراً النسبة المتوقعة حالياً (6.6 في المائة). ومع ذلك، تم تعديل هذه البيانات أيضًا لتتوافق مع "سيناريو القتال في الشمال" وليس "سيناريو القتال النشط ضد إيران".

ويشرح "كالكاليست" أن وزارة الخزانة تعمل على سيناريوهات طوارئ لحروب من نوع أو آخر، وتقرير الديون السنوي الذي نُشر أخيراً ينجح في خلق الانطباع، بأن لدى إسرائيل القدرة على استدانة ديون تصل إلى مئات مليارات الشواكل سنويا، وفي دائرة الموازنة تجري الاستعدادات لواقع التعبئة الواسعة للاحتياطيات، للتعامل مع أعداد كبيرة من الضحايا والأشخاص الذين تم إجلاؤهم، وللتعامل مع الأضرار الجسيمة في البنية التحتية للنقل والطاقة. لكن الصورة العامة للاقتصاد الكلي لم يتم تحديثها بعد من قبل وزارة الخزانة.

لكن تقرير بنك إسرائيل الذي نُشر قبل نحو أسبوعين، والذي يتضمن تحليلاً لعدة سيناريوهات لزيادة ميزانية الدفاع، يتضمن السيناريو الأكثر تطرفاً، هو أن ميزانية الدفاع سترتفع بحوالي 20 مليار شيكل، سترتفع علاوة المخاطرة لإسرائيل وستدفع سعر فائدة أعلى، وستنخفض إمكانات النمو الاقتصادي بنسبة 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويبدو هذا السيناريو أكثر واقعية بعد الهجوم الإيراني ليلة السبت الماضي، وفق الموقع الإسرائيلي.

ويظهر السيناريو بعيد المدى لبنك إسرائيل كيف سيرتفع العجز الهيكلي لإسرائيل من مستوى حوالي 3 في المائة في السيناريو الأساسي، إلى مستوى يرتفع فيه كل عام إلى مستوى 5.2 في المائة في العام 2030. وتقفز مدفوعات الفائدة إلى مستوى 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي آخذة في الارتفاع وستصل إلى 77 في المائة عام 2030.

السيناريو، تمت كتابته قبل الهجوم الإيراني، على افتراض عدم ظهور جبهة على حدود لبنان حتى عام 2030. ومن الجدير بالذكر، وفق "كالكاليست" أنه منذ التخوف من هجوم إيراني، قفزت مقايضة مخاطر الائتمان (CDS) على السندات الإسرائيلية (أصل مالي يؤمن السندات، ويعتبر مؤشراً لمستوى المخاطرة المقدرة في الأسواق) مرة أخرى إلى مستوى حوالي 140 أساسا، وهو مستوى مماثل لما كان عليه في الأسابيع الأولى بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول يوم انطلاق عملية طوفان الأقصى. وهذا المستوى يتعلق بالتصنيف الائتماني BB+، وهو تصنيف أقل بعدة مستويات من التصنيف الحالي لإسرائيل من قبل شركة ستاندرد آند بورز، والتي من المفترض أن تتخذ قرار التصنيف في غضون ثلاثة أسابيع تقريبًا.

نفقات ضخمة

وبحسب "تايمز أوف إسرائيل" فإن ليلة واحدة من الدفاع ضد 331 صاروخ كروز وطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية كلفت إسرائيل حوالي أربعة مليارات شيكل لمدة 16 دقيقة أكثر أو أقل، أي تم إنفاق حوالي 250 مليون شيكل في الدقيقة. وشرح الموقع أن كل هذا يضاف إلى التكاليف الباهظة لإطلاق عشرات الطائرات التي تقوم بدوريات جوية في الوقت نفسه. وتقدر تكلفة هذه الرحلة بحوالي 25 ألف دولار في الساعة.

أما التكلفة الأعلى فهي الصواريخ الاعتراضية من الأرض ومن الجو، عندما تكون تكلفة صاروخ السهم مثلا 3.5 ملايين دولار، وكل هذا بعد مساعدة القوات الجوية الأردنية والبريطانية والأميركية. ولفت الموقع الإسرائيلي إلى أنه من الناحية النظرية، هناك احتمال أن يؤدي هجوم إيراني أكبر بكثير إلى استهلاك الميزانية الدفاعية (الحربية) بأكملها، والتي تبلغ حوالي 64 مليار شيكل (في الأيام العادية)، في غضون أيام قليلة، فيما وعدت الحكومة الإيرانية بالرد بقوة أكبر في حالة وقوع هجوم إسرائيلي آخر.

"ماذا سيحدث إذا أوفت طهران بوعدها ووصل عدد صواريخ كروز والصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار إلى 3331 وربما عشرات الآلاف بعد ذلك؟ هذا سيناريو واقعي بالنظر إلى حقيقة أن الجيش الإيراني عفا عليه الزمن بالفعل، ولكنه معروف بالصواريخ وقوة الطائرات بدون طيار" وفقاً للموقع ذاته.

وأشار الموقع إلى التكاليف الاقتصادية غير الأمنية، منها إمكانية إلحاق الضرر بالبنى التحتية الأساسية، الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق المصانع الأساسية؛ الإغلاق المخطط للاقتصاد؛ زيادة أزمة السياحة؛ فقدان ثقة المستثمرين؛ انهيار الشيكل وسقوط أسواق الأسهم. وقبل حوالي شهر فقط، استمر العجز التراكمي الإسرائيلي في الارتفاع في شهر مارس/آذار أيضًا. ويبلغ العجز حاليا 6.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

والأسوأ من ذلك كله، وفقاً للموقع، أن هذا سيؤدي إلى زيادة الحاجة، على عكس الحروب السابقة الأخرى، لتمويل عشرات الآلاف من اللاجئين الإضافيين في جميع أنحاء إسرائيل، بعد نصف عام استهلكت فيه إسرائيل جميع احتياطيات الميزانية المتوفرة لديها. ووفقا للتوقعات، فإنه حتى هدف العجز الذي حددته وزارة الخزانة لعام 2023 عند 6.6 في المائة سيتم تجاوزه.

ومن الممكن أن تتسبب الحرب ضد إيران في حدوث ثغرة أكبر بكثير، وقد يكون الرد الإسرائيلي مصحوبًا بمزيد من تخفيض التصنيف الائتماني. وهذا يعني أن إسرائيل سوف تضطر إلى دفع مبلغ أكبر بكثير مقابل الديون التي تجمعها من الأسواق. وأوضح محافظ بنك إسرائيل أمير يارون في نهاية شهر مارس أن إسرائيل تم تسعيرها وتقييمها بالفعل في العالم وفقًا لتصنيف ائتماني منخفض BBB. أي أن إسرائيل تعتبر بالفعل عالية المخاطر في الأسواق، كما لو كانت على الأقل المكسيك أو المجر، شارحاً أن الهجوم على إيران سيضع عبئا ثقيلا آخر على ظهر إسرائيل الاقتصادي المنهار بالفعل.

فيما اعتبر "كالكاليست" أن حقيقة أن النظام الأمني والهيئات الاقتصادية المهمة في الاقتصاد تواجه مشكلة في إنتاج سيناريو مرجعي حديث حول نفقات الميزانية والعجز ومترتبات الحرب الأوسع مع إيران، هي مشكلة لأنها تمنع الخزانة والحكومة من البدء بتنظيم الزيادات الضريبية والتخفيضات واسعة النطاق في الإنفاق المدني.

المساهمون