الانتقال البيئي

الانتقال البيئي

20 ابريل 2021
هذه أرضنا (ديفيد دغنر/ Getty)
+ الخط -

 

يترقّب العالم بأسره ما قد تسفر عنه الفترة الانتقالية في السودان على المستويَين الاقتصادي والسياسي، فيما ينشغل البعض بإكمال الدائرة بإدخال البعد البيئي لهذا الانتقال، الذي قد يتأثر كثيراً بعدد من الأحداث والظواهر، على رأسها جائحة كورونا وتأثيراتها الكبيرة على دولاب العمل، وإضعاف حركة الناشطين والمعنيين بالشأن البيئي. وتأتي موجة اللجوء العاتية إثر اندلاع الحرب في الجارة إثيوبيا لتزيد من هشاشة الوضع البيئي في شرق السودان. ولأنّ البيئة لا تعرف الحدود، فإنّ الأثر سوف يمتدّ ليصل إلى أقاصي البلاد. إنّها حلقة سميكة تمسك بهذه الشؤون مجتمعة، وتجعل من تداخلها أمراً يستوجب النظرة المتكاملة والتحليل الموضوعي والتخطيط السليم.

مجدداً، يتردد صدى المقولة القديمة التي ظلّت تخرق طبلة آذاننا كلما أمسك مسؤول ما بناصية الكلام: "لن نفرّط في شبر واحدٍ من أرضنا"، من دون أن يقول أحد ماذا يعني التفريط في قاموسهم السياسي! والتفريط الذي نعرفه يحدّث عن نفسه في كلّ شأن، إذ ها هي الأراضي البور تتمدّد بامتداد البصر، لكأنّ أطول أنهار العالم (حوض النيل) لا يشقّ البلاد من جنوبها إلى شمالها، شاغلاً 10 في المائة من مساحة القُطر، وحوله ما مقداره 175 مليون فدّان من الأراضي الصالحة للزراعة، تسهم في ريّها إلى جانب النيل، وخارج منظومته، الأحواض المائية التي تزيد مياهها عن النصف مليار متر مكعب، وأبرزها القاش وبركة في الشرق، وقلول وأزوم في الغرب، وخور أبو حبل ضمال كردفان، وقد كان إلى آن قريب من ضمن منظومة النيل. وذلك إلى جانب البحيرات الدائمة والموسمية هنا وهناك، ليصل حجم المياه السطحية في مجمله إلى مليون هكتار. وفوق ذلك، يمور تحت الأرض حوض جوفي يقدّر مخزونه بـ 900 مليار متر مكعب، مع إعادة تغذية سنوية تبلغ نحو 1.5 مليار متر مكعب، بفضل الهطول السنوي الكثيف. مع ذلك، تحدث الفجوات الغذائية، ويشكل العطش مشكلة رئيسية دائمة لبعض سكان الأرياف، بل حتى سكان المدن يعانون قضايا الوفرة والجودة في المياه. وعلى الرغم من الخزانات القائمة، يتقاصر التوليد المائي عن حاجة المواطن للطاقة وتتعطّل أنشطة الزراعة والصناعة.

موقف
التحديثات الحية

في هذه الأيام، يصل النقص في الإمداد الكهربائي إلى 56 في المائة، بحسب مسؤول رفيع في وزارة الطاقة، الأمر الذي يتسبب في جمود كبير في كلّ العمليات الحيوية، ولا تجد مع هذا إلاّ أصواتاً خافتة حول ضرورات الاستفادة القصوى من معدلات الإشعاع الشمسي العالية في إنتاج طاقة بديلة تغطي حاجة البلاد.

ألا يكون من شأن الانتقال الالتفات إلى الخطوات الجادة التي بدأت في يوليو/تموز الماضي؟ يومها تمّ إطلاق أوّل مختبر مشترك لتقديم خدمات فحص واعتماد النظم الشمسية، ودعم التحوّل إلى الطاقة المتجددة في السودان المموّل من مرفق البيئة العالمي بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الطاقة والتعدين... فهل؟

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون