رسالة "انتقادية" إلى خامنئي تثير غضب المحافظين وانتقادات الإصلاحيين

رسالة "انتقادية" إلى خامنئي تثير غضب المحافظين وانتقادات الإصلاحيين

29 يونيو 2020
رسالة تنتقد الأوضاع الراهنة في إيران (الأناضول)
+ الخط -
رسالة مفتوحة وجهها القيادي الإصلاحي البارز في إيران، محمد موسوي خوئينيها، إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامئني، وانتشرت السبت الماضي في وسائل الإعلام والعالم الافتراضي، واجهت ردود فعل واسعة بين المحافظين أو من يعرفون أيضا بالأصوليين وكذلك الإصلاحيين. والرسالة تنتقد الأوضاع الراهنة في إيران، داعية خامنئي إلى إصلاحها وتغيير طريقة إدارة البلاد.
رجل الدين موسوي أمين عام مجمع العلماء المناضلين الإصلاحي، وهو من أهم السياسيين الإصلاحيين المتنفذين، كان من المقربين من مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله الخميني، وقد شغل مناصب عدة، منها منصب نائب رئيس البرلمان الإيراني في دورته الأولى، والمدعي العام للبلاد، وعضوية مجلس إعادة النظر في الدستور، ومجمع تشخيص مصلحة النظام.
ويُعرف موسوي خوئينيها بأنه سياسي إصلاحي يعمل في الظل، وقلّما يظهر في وسط المجامع، لكنه لعب دورا مؤثرا بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 في عالم السياسة، بدءا من مشاركته في السيطرة على السفارة الأميركية عام 1980، والتي أدت إلى أخذ 52 دبلوماسيا أميركيا رهائن، اعتبرهم "الثوار الإيرانيون" أنهم "جواسيس"، ومرورا بدوره "الكبير" في فوز الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، في انتخابات عام 1997، من خلال إدارته صحيفة "سلام" التي كانت المنبر الوحيد لليساريين الإيرانيين آنذاك، بحسب موقع "فرارو" الإصلاحي، ووصولا إلى مشاركته الفاعلة في الظل في قيادة التيار الإصلاحي خلال العقدين الماضيين، الذي يعاني اليوم من تشتت داخلي من جهة، ومحاولات إقصائه من السلطة من قبل المحافظين من جهة أخرى، كما أظهرت ذلك الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد رفض مجلس صيانة الدستور معظم مرشحي التيار.
لكن موسوي خوئينيها على عكس عادته والعمل في الظل، اتبع نهجا آخر في نشاطه السياسي أخيرا، من خلال توجيه رسالة مفتوحة إلى رأس هرم السلطة في البلاد، المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وربما كان دافعه في ذلك هو خطورة الظروف التي تعيشها إيران هذه الأيام.
في التفاصيل، قدم خوئينيها شرحا مختصرا عن الوضع الراهن في البلاد، قائلا إنه مبني على مسموعاته ومشاهداته في الشارع وتقارير وتحليلات، ومشيرا إلى أن ما توصل إليه "يشير بشكل صريح إلى أن ما يدور في أذهان وعلى ألسن الكثير من الناس، وما يواجهونه في حياتهم لا يليق بنظام يُعرف في العالم بأنه إسلامي".
واستدرك قائلا إن "قناعات هؤلاء الناس، والتي كانت سندا لقوة ومقبولية ومشروعية النظام الإسلامي، قد تضررت وتتضرر بشكل متزايد"، مشيرا إلى أن "ما يبوح به الكثير من المواطنين في الشوارع وفي المجاميع والأوساط يعكس عمق عدم القناعة والثقة بالإدارة العليا والمسؤولين".
وفي إشارة إلى العوامل التي ساهمت في تغيير هذه القناعات، تحدث عن الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، مشيرا إلى "التضخم المتصاعد مع تراجع دخل شرائح واسعة"، وقائلا إن هذه المشاكل "جعلت الكثير من الأسر قلقة حول مستقبلها المجهول ومستقبل أبنائها".
وإلى جانب المشاكل المعيشية، أشار القيادي الإصلاحي الإيراني إلى عدم الرضا من الوضع السياسي والثقافي في البلاد، قائلا إن "ثمة أناس ليسوا بقليلين ما زالوا ينتظرون من أعلى سلطة الإدارة في البلاد إصلاح الأمور وتغيير الوضع الراهن"، معتبرا أنه "غير مرغوب فيه ولا يمكن أن يستمر"، ومضيفا أن هذا الوضع "ليس نابعا فقط من قرارات مدراء يتغيرون، بل كما يرى الناس فإن طريقة الإدارة في أعلى المستويات وسلطتها النافذة تلعب دورا رئيسيا في جميع أو معظم شؤون البلاد"، في انتقاد غير مباشر للمرشد الإيراني.
لكن رسالة موسوي خوئينيها الانتقادية للوضع الراهن في إيران، أثارت غضب التيار المحافظ، وفي الوقت نفسه، انتقادات بين الأوساط الإصلاحية. فعلى صعيد ردود فعل المحافظين، جاء الرد الأقسى من مدير صحيفة "كيهان" المحافظة، حسين شريعتمداري، حيث قال، أمس الأحد، في افتتاحية الصحيفة، إن ما قاله موسوي خوئينيها "هو أضغاث أحلام للأعداء"، منتقدا هؤلاء "الأعداء الأجانب" لاعتبارهم رأي هذا القيادي الإصلاحي على أنه رأي الشارع الإيراني، بحسب قوله.
أما حول دعوة خوئينيها خامنئي لتغيير الوضع الراهن، فاعتبر شريعتمداري المعروف بتشدده في موقفه، أن ذلك يعبر عن "مطلب وحلم السلطات الأميركية الرسمية". كما علق مدير صحيفة "كيهان" على حديث القيادي الإصلاحي بشأن انعدام الثقة لدى المواطن الإيراني، قائلا إنه اذا كان يقصد عدم الثقة بالنظام الإيراني فإن "مشاركة عشرات الملايين من الإيرانيين في مناسبات أخيرا عكست الوفاء للثورة وقائدها"، مشيرا إلى "المشاركة المليونية في تشييع جثمان اللواء سليماني".
وفي ما يتعلق بتدهور الوضع الاقتصادي في إيران، حمّل شريعتمداري الحكومة مسؤولية ذلك، والتي قال إنها مدعومة من خوئينيها والإصلاحيين.
لكن داخل التيار المحافظ، ثمة آراء سلطت الضوء بطريقة مختلفة على رسالة خوئينيها، فقامت بقراءتها من زاوية أخرى، حيث اعتبر مدير صحيفة "جوان" المحافظة، عبد الله غنجي، أن الرسالة "محاولة لإحياء موقع اليسار التقليدي" في إيران، مضيفا أنها "لا تختلف عن رسائل أخرى للإصلاحيين"، وقائلا إن توقيت نشرها "أهم مما ورد فيها".
وعلى الضفة الإصلاحية أيضا، خرجت ردود فعل مختلفة تجاه رسالة القيادي الإصلاحي البارز إلى المرشد الإيراني، حملت غالبا طابع الانتقاد، لكن ليس لما جاء في الرسالة، بل لجهة أن خوئينيها بحكم موقعه في السلطة خلال العقود الماضية يتحمل جزءا من المسؤولية عما آل إليه الوضع راهنا، أو لجهة أنه التزم الصمت تجاه احتجاجات 2018 و2019، بحسب الأكاديمي الإيراني صادق زيبا كلام.
إلى ذلك، فثمة آراء "إصلاحية" أخرى رأت أن الرسالة لن تترك أثرا على قرارات الدولة، "إن لم يكن لها أثر عكسي". ​

المساهمون