هل تنجح خريطة طريق جينبيكوف في احتواء أزمة قرغيزستان؟
بعد غيابه عن الساحة السياسة منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية على نتائج الانتخابات البرلمانية الأحد الماضي، تقدم رئيس قرغيزستان سورونباي جينبيكوف، اليوم الجمعة، بمقترحات لحل الأزمة السياسية، في محاولة منه لتجنب انزلاق البلاد للفوضى، وتعرض النظام السياسي لانهيار شامل، لكنه لم يبدد الشكوك القائمة حول جدوى خطوته، لا سيما في ظل تسارع الأحداث واندلاع مواجهات بين المتظاهرين المنتمين إلى صفوف المعارضة.
وأوردت وكالة "فرانس برس" أن الاشتباكات بدأت، اليوم الجمعة، حين التقت تظاهرتان مؤيدتان للفصيلين السياسيين المتنافسين اللذين يعلن كل منهما حقه في تشكيل الحكومة، في وسط بيشكك، فقام البعض بتحطيم زجاج سيارات فيما أطلقت أعيرة نارية في الهواء، وتم إجلاء المسؤولين السياسيين من الموقع.
كما أعلن جينبيكوف حالة الطوارئ في العاصمة بيشكك، في ظل الاضطرابات التي تجتاح البلاد، في وقت أعلنت أربعة أحزاب معارضة اختيار مرشح موحد لمنصب رئيس الوزراء.
وأعلنت أربعة أحزاب معارضة في قرغيزستان ترشيح زعيم حزب "الجمهورية" عمر بيك بابانوف مرشحا موحدا لمنصب رئيس الوزراء، بهدف "توحيد الجهود ومنح الشرعية واستعادة الثقة بالسلطة الجديدة".
وقال جينبيكوف إنه مستعد للاستقالة لحل الأزمة السياسية المتصاعدة في بلاده، مشترطاً إعادة البلاد إلى الوضع القانوني، واقترح خطة من عدة نقاط تتضمن إقالة الحكومة، وتعيين حكومة جديدة وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية المقبلة، وبعدها يستقيل إثر حل الوضع "الحرج" وضمان وحدة بلاده.
ورسم جينبيكوف خريطة طريق لتسوية الأوضاع "الحرجة" تتضمن عدة خطوات متتالية ومرتبطة، وهي إلغاء نتائج الانتخابات، وتحديد موعد للانتخابات المقبلة من قبل لجنة الانتخابات المركزية ما يخفف التوتر في الأوضاع الحالية. وحسب موقع الرئاسة القرغيزية فإن الخطوة الأولى تترافق مع إقالة الحكومة ورئيسها كوبات بيك بورونوف، "لأن ذلك يعطي أساسا قانونيا للتعيينات الجديدة".
ووقّع الرئيس على مرسوم إقالة الحكومة ورئيسها، على أن يواصل نوابه والوزراء عملهم لحين تشكيل حكومة جديدة، وأعلن أنه مستعد للتخلي عن منصبه من أجل وحدة البلاد وأمن المواطنين بعد العمل بسرعة على إنهاء الأوضاع الحالية وتثبيت سلطة تنفيذية شرعية وعودة البلاد إلى الطريق القانوني.
كما وقع على مرسوم آخر يقضي بتعيين وزير الدفاع السابق تالايبك أوموراليف رئيسا جديدا لهيئة الأركان العامة في الجيش، بعد إقالة رئيس الأركان السابق.
وقضى مرسوم رئاسي آخر باقالة أوروزبيك أوبومايف من منصب رئيس لجنة الأمن القومي القرغيزية.
ورغم أن التقارير تحدثت عن هدوء في العاصمة الليلة الماضية، أعلن جينبيكوف فرض حالة الطوارئ في بيشكك من الساعة الثامنة مساءاً وحتى الساعة الثامنة صباحاً، اعتباراً من مساء اليوم وحتى 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مكلفاً الجيش بالانتشار لـ"تنظيم نقاط التفتيش، ومنع الاشتباكات المسلحة، وضمان الأمن وحماية السكان المدنيين"، وفق مرسوم نشر على الموقع الرسمي للرئاسة القرغيزية.
ونص المرسوم على تعيين ألمازبيك أوروزالييف نائب وزير الداخلية حاكما عسكريا على المدينة أثناء مدة سريان قانون الطوارئ.
وفي أول تصريح بعد إخراجه من السجن، وصف رئيس قرغيزستان السابق ألمازبيك أتامباييف ما حصل بأنه "ثورة ثالثة"، مؤكداً في خطاب أمام أنصاره في تجمع حاشد في بيشكيك اليوم الجمعة، أنه لا يسعى للحصول على السلطة.
وذكر الرئيس، الذي أطيح به في عام 2010، وحكم عليه بالسجن لاحقا في أغسطس/آب 2019 بعد اعتقاله في قريته، أن عددا من رؤساء الدول الأخرى حاولوا إقناعه بالبقاء لولاية ثانية بعد انتهاء فترته الأولى التي بدأت عقب ثورة 2005. وقال إنه زهد في كرسي الرئاسة وفضل منع حصول انقسام في البلاد، وزاد "أتامباييف لا يحتاج إلى الكرسي، إنه يتطلع إلى مستقبل الشعب، مستقبل أبنائي، كل الشباب هم أبنائي وبناتي...".
وحمل أطرافا لم يسمها بمحاولة تطبيق مبدأ "فرق تسد" على شعب قرغيزستان، ووصف الاحتجاجات بأنها "ثورة ثالثة"، ومعلوم أن البلاد شهدت ثورتين في 2005 و2010. ونفى الادعاءات بأنه وزع أموالا على أنصاره الذين تجمعوا في وسط بيشكك أو أولئك الذين أخرجوه من السجن ليلة الثلاثاء الماضي.
من جهته، رأى رئيس الوزراء الأسبق، تيمير سارييف، الذي يترأس حاليا حزبا سياسيا معارضا وأقيل من منصبه في إبريل/ نيسان 2016، أن جينبيكوف "يشعر أن زمنه ولى"، وزاد في تصريحات سابقة لوكالة "إنترفاكس" الروسية أن شروط خروج جينبيكوف مناسبة ومقبولة، لأن "البديل هو انتهاء أي سلطات شرعية في البلاد، ولا نستطيع العيش من دون حكومة"، وخلص إلى أن خطة الرئيس ومراسميه "ترضي الشعب".