احتجاجات أمام المحكمة العسكرية: قمع وترهيب للمنتفضين المدنيين بلبنان

احتجاجات أمام المحكمة العسكرية: قمع وترهيب للمنتفضين المدنيين في لبنان

16 ابريل 2021
اعتراضات على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

تستكمل المحكمة العسكرية، الجمعة، النظر في الدعاوى المُقدَّمة ضدّ متظاهرين مدنيين ناشطين في التحركات الاحتجاجية التي عمَّت ساحات لبنان، وكانوا من صلب "انتفاضة 17 أكتوبر"، فيما شهد محيط المحكمة اعتصاماً لمجموعات مدنية وناشطين وحقوقيين وصحافيين.

وقال المحامي علي عباس، المتابع للملف، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجلسات اليوم تشمل 15 شخصاً تقريباً، على خلفية تظاهرات نفذت في مناطق بقاعية، وآخرين، ومن بينهم قاصر، لمشاركتهم بوقفة احتجاجية في محيط البرلمان اللبناني في العاصمة بيروت رفضاً لإعطاء حكومة حسان دياب الثقة، وجرى توقيفهم في 11 فبراير/ شباط 2020، بتهم التعامل بشدّة مع العناصر الأمنية، إضافة إلى النظر بملف شخص ادعي عليه لكتابته منشوراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وضع في إطار تحقير رئيس الجمهورية والتهجّم على العسكريين.

الصورة
سياسة/احتجاج أمام المحكمة العسكرية بلبنان(حسين بيضون/العربي الجديد)

 

ويتوقع عباس نهاية الملف المرتبط بأحداثٍ قديمة منها يعود أيضاً لأشخاص أوقفوا ليلة 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وبراءة جميع المدعى عليهم، خصوصاً أنهم لم يرتكبوا أي فعلٍ، كما حصل مطلع الأسبوع مع إصدار حكم البراءة لأشخاص مدعى عليهم لعدم كفاية الدليل بالتهم الموجهة ضدّهم والسابق ذكرها، مشيراً إلى أن "كل الاستدعاءات أمام المحكمة العسكرية ما هي إلّا إعادة دور الدولة البوليسية، بحيث يتم التذرّع بمعاملة الأمنيين والعسكريين بالشدّة بهدف نقل ملفاتهم إلى القضاء العسكري، وبالتالي قمعهم وترهيبهم".

 

وبالتزامن مع عقد الجلسة، شهد محيط المحكمة العسكرية اعتصاماً لمجموعات مدنية وناشطين وحقوقيين والصحافيين المنضوين في تجمّع نقابة الصحافة البديلة بوجه استدعاءات السلطة والجلسات التي شملت هذا الأسبوع أكثر من 30 شخصاً، واعتراضاً على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

 

ورفع المحتجّون شعارين أساسيَيْن "المحاكم مش للأحرار"، و"المحكمة العسكرية مش للمدنيين"، وعبَّروا عن "رفضهم للاستدعاءات الفاضحة الاعتباطية والانتقائية وأسلوبها البوليسي من قبل منظومة حاكمة باتت مفلسة سياسياً وشعبياً، وأصبح سلاحها الوحيد قمع الكلمة الحرة وفبركة ملفات، وملاحقة المعارضين وترهيبهم بشتّى الوسائل لإسكاتهم ووقف تحرّكاتهم".

ويستنكر المحتجّون محاكمة ناشطين مدنيين بتهم معاملة قوى الأمن بالشدّة، بينما لم تتحرك السلطتان الأمنية والقضائية عندما تعرّض مئات المنتفضين للتعذيب في مراكز التوقيف، وعانوا من إصابات، بعضها كانت حرجة وخطيرة في العنق والرأس والأعين من جراء لجوء الأجهزة الأمنية إلى استخدام القوّة المفرطة ضد المتظاهرين، واستعمالها أدوات غير مشروعة لتفرقة المتظاهرين وفضّ الاعتصامات، وأحياناً صوّبت بشكل مباشر وعن قرب على المعتصمين، بشكل موثق بمقاطع فيديو وصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت تقارير بشأنها، ورفعت الصوت منظمات دولية ومحلية محذرة منها، ومع ذلك بقيت هذه التجاوزات والانتهاكات من دون محاسبة.

وقالت الإعلامية والناشطة في التحركات الشعبية إلسي مفرّج، لـ"العربي الجديد"، إن "المنظومة نفسها التي ارتكبت جرائم حرب في الماضي، وانتقلت إلى السلطة لتصبح عبارة عن مافيات أيام السلم، ارتكبت جرائم اقتصادية وجريمة تفجير مرفأ بيروت، وتنصّلت من جميع ارتكاباتها وممارساتها وأفعالها الجرمية، وما تزال تخرج منها وكأنها لم تفعل شيئاً، لا بل تحاكم الناس بسبب مواقف سياسية معارضة لها".

ولفتت مفرّج إلى أنّ "محاكمة مدنيين أمام المحكمة العسكرية مرفوض وغير جائز نهائياً ومُدان، خصوصاً أنّ هذه المحكمة يجب أن تكون مختصَّة بشؤون العسكريين فقط، وهي محكمة استثنائية، يعني أنّ الكثير من حقوق الموقوفين ليست مُحتَرَمة، ما يخالف شرعة حقوق الإنسان وروحية الدستور والنصوص القانونية، ونحن كتجمّع نقابة الصحافة البديلة نعتبر موضوع الحريات أحد أبرز وأهم قضايانا الأساسية، وسنبقى ندافع عنها".

من جهة أخرى، تردّدت أنباء اليوم عن إلغاء لقاءٍ كان معداً بين الرئيس اللبناني ميشال عون وأهالي شهداء فوج إطفاء بيروت، الذين قتلوا في انفجار المرفأ يوم الرابع من أغسطس/ آب الماضي، بسبب مضمون البيان الذي كان سيلقيه الوفد في قصر بعبدا الجمهوري.

وتضمن البيان "تحميل قسم كبير من المسؤولية في تفجير المرفأ إلى الرئيس عون، وخصوصاً بعد تصريحه عن علمه بوجود المواد شديدة الخطورة"، على حدّ قول الأهالي.

كما حمل البيان جملة تساؤلات طرحت على رئيس الجمهورية، منها سؤاله عن السبب وراء عدم تحريكه القوى العسكرية التي بحسب الدستور تتبع أوامره وتوجيهاته. ولماذا لم يسأل الجيش الذي يؤتمر بتوجيهاته عن سبب ترك المتفجرات في حرم المرفأ لمدة سبع سنوات؟ ولماذا رفض التحقيق الدولي الذي طالب به قسم كبير من أهالي القتلى والمتضررين وأبناء العاصمة بيروت؟ ولماذا لم يتواصل الرئيس عون مع الدول التي تملك أقماراً اصطناعية لمطالبتها بصور جوية تسهل بنسبة كبيرة عمل القضاء اللبناني؟ وغيرها من الأسئلة.