المقاطعة التركية لإسرائيل تطاول السيارات: ضربة قاسية للاحتلال
تمثل المقاطعة التركية لإسرائيل حتى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، ضربة قاسية لقطاع السيارات الإسرائيلي. ففي نهاية المطاف، يعتمد الاحتلال على استيراد السيارات من تركيا منذ عقود.
من الناحية العملية، يشرح موقع "كالكاليست" الإسرائيلي إن عدد النماذج المنتجة في تركيا اليوم ليس مرتفعًا، لكن بعضها يحظى بشعبية في إسرائيل: تنتج تويوتا كورولا وCH-R في تركيا؛ وتنتج هيونداي طرازي i20 وi10 في تركيا؛ تنتج رينو كليو وميغان، بينما تنتج فورد طرازات ترانزيت والعديد من نماذج الشاحنات هناك.
ولمعرفة أثر المقاطعة التركية لإسرائيل، فإنه وفقا لبيانات جمعية مستوردي السيارات لدى الاحتلال، تم بيع حوالي 270 ألف سيارة جديدة في إسرائيل العام الماضي، منها 23363 (حوالي 8%) مصنوعة في تركيا، وهو رقم يضعها في المركز الرابع على قائمة الدول المصدرة للسيارات إلى إسرائيل. وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي، حتى عام 2023، سارت 4,100,389 مركبة من جميع الأنواع والأعمار على طرقات إسرائيل، 6.6% منها صنعت في تركيا.
أثر المقاطعة التركية لإسرائيل
ولفهم أهمية تركيا بالنسبة لصناعة السيارات الإسرائيلية، وأثر المقاطعة التركية لإسرائيل وكذلك العلاقات بين كبرى شركات تصنيع السيارات والحكومة التركية، لا بد من العودة إلى أغسطس/ آب 1925، وهو تاريخ إنشاء "حلبة تيارا تورك للسيارات أنونيم" وهي شركة التصنيع التي كانت في الواقع أول مؤسسة تأسست في تركيا لإنتاج قطع غيار المركبات.
لم يكن تاريخ إنشاء أول شركة تركية لتصنيع قطع غيار السيارات محض صدفة: فبعد مئات السنين من حكم السلاطين، في 29 أكتوبر 1923، تم إعلان الجمهورية التركية الشعبية رسميًا، وما يُعرف بـ "عصر تركيا الجديد" بدأ.
ويشرح "كالكاليست" أنه كان من أهم الخطوات تنفيذ إصلاحات أتاتورك (التي سميت على اسم أول رئيس تركي)، هي سلسلة من الإصلاحات الثقافية والدينية والاقتصادية تهدف إلى تغيير نسيج الحياة في تركيا. وكان من أهم ركائز هذه الإصلاحات تشجيع عدة صناعات: التبغ والمنسوجات وما عُرف بـ "الآلات"، وهو المجال الذي كان يشمل في الواقع صناعة السيارات.
لكن تركيا لم تكن تمتلك صناعة سيارات في ذلك الوقت، وحتى على المستوى العالمي، كانت شركات تصنيع السيارات لا تزال في مهدها، وسرعان ما أدركت الحكومة التركية ما لا يزال ساريًا حتى اليوم: من الناحية الاستراتيجية، تقع تركيا على مفترق طرق جغرافي بين أوروبا وآسيا. يعد إنشاء مصانع تصنيع السيارات في البلاد محركًا هامًا للنمو. ومن أجل القيام بذلك، يجب إقناع شركات صناعة السيارات بالإنتاج في البلاد.
التصدير إلى إسرائيل
وكانت شركة فورد أول شركة مصنعة للسيارات تتلقى مساعدات من الحكومة التركية على شكل إعانات، ولا تزال سيارات مصنعها التركي تُصدّر إلى إسرائيل حتى اليوم. وتم افتتاح مصنع "فورد إسطنبول" رسمياً عام 1929 وكانت طاقته الإنتاجية في العام الأول 48 سيارة، معظمها مخصص للسوق المحلي.
في العام 1955، وبعد سلسلة من الاتصالات مع شركات صناعة السيارات، أعلنت شركة "ويليز أوفرلاند" إنشاء مصنع كبير وحديث بالقرب من إسطنبول كان مخصصًا للتصدير إلى الشرق الأوسط بالإضافة إلى الإنتاج للسوق المحلية.
وفي العام 1960، بعد الانقلاب، وصل إلى السلطة الرجل الذي يُعتبر الأب الروحي لأردوغان: كمال جورسيل. كان أحد مشاريعه الأولى هو إنتاج "السيارة التركية الوطنية"، كان الإنتاج باهظ الثمن، ولم يتمكن معظم الأتراك من تحمّل تكلفة السيارة التي تتطلب وقودًا عالي الأوكتان عالي الجودة لم يكن متوفرًا في تركيا، وتم حل المشروع.
ولكن في العام 1966 ظهرت سيارة أخرى أكثر منطقية واقتصادية: أوتوسان أناضول. سيارة مشهورة تم تصنيعها على أساس تجميعات شركة Reliant البريطانية، بمحرك فورد. ويبدو أن سيارة أناضول كانت واحدة من أولى السيارات التركية التي كانت متاحة للشراء في إسرائيل بالفعل في السبعينيات وتم تسويقها في إسرائيل تحت شعار: "أوتوسان، السيارة التي وصلت في الوقت المحدد". لم تكن شركة Autosan ناجحة في إسرائيل بسبب تفضيل المستهلكين للعلامات التجارية الأكثر شيوعًا.
وبعد ذلك، تم إنشاء "مصنع أوياك رينو للسيارات" بالاشتراك بين شركة رينو وصندوق تركي، وينتج حاليًا سيارة رينو كليو، والتي يتم تصديرها أيضًا إلى إسرائيل. في العام 1990، تم الإعلان رسميًا عن إنشاء TMMT، تويوتا تركيا، وهو ثاني مصنع لشركة تويوتا في أوروبا. واليوم يقوم المصنع بتصدير سيارات كورولا وتويوتا CHR إلى إسرائيل.
وبحسب بيانات منظمة التصدير التركية، تم إنتاج 1.47 مليون مركبة في تركيا في العام 2023، بزيادة قدرها 6.8% مقارنة بعام 2022. وبالتالي، فإن التصدير إلى إسرائيل يبلغ حوالي 1.6%.
ووفقا لمصادر "كالكاليست" في صناعة السيارات الإسرائيلية، فإن شركات صناعة السيارات العالمية لن تجرؤ على تغيير رأي أردوغان حول المقاطعة التركية لإسرائيل في ما يتعلق بتصدير السيارات، سواء لأنها تعتمد على شركات الشحن والموانئ التركية - ولأنها تعتمد على الحكومة التركية بفضل الإعانات السخية والحوافز السخية التي تلقوها من خلال شركائهم الأتراك.