"كرنفال الحيوان": السيرة العجيبة لتحفة سان ساينس

"كرنفال الحيوان": السيرة العجيبة لتحفة سان ساينس

21 فبراير 2020
سان ساينس في 1913 (غيتي)
+ الخط -

في 1886، وضع الموسيقار الفرنسي كامي سان ساينس (1835 - 1921) ألحان عمله الأشهر اليوم، "كرنفال الحيوان"، وهو الذي بدأه كلعبة مع أصدقائه ولم يتّخذ له أحد الأشكال الموسيقية الكبرى في عصره ليُصنَّف العمل كمتتالية موسيقية، أي كمجموعة من المقطوعات التي تربطها ثيمة موحّدة.

بعد عرض أوّل، بدا سان ساينس خجِلاً بما قدّم، وقد طلب من عازفي باريس ألّا يؤدّوا العمل ثانية، على الأقل وهو على قيد الحياة، ويبدو أنه سمع لاحقاً بإعجاب الموسيقار المجري فرانتز ليتز بالنصّ الموسيقي ليبدأ في النظر إليه من زاوية مختلفة. ولعلّ سبب خجل الموسيقار الفرنسي من عمله خروجُه عن المتعارف في البناء الموسيقي لزمنه، وهو نفسه سبب بذور شهرة "كرنفال الحيوان" لاحقاً، حيث وجد فيه كثيرون تبلوراً للموسيقى الحديثة التي تكسر نمطية المعمار السيمفوني، وهو مسار سيكتمل بعد عقود مع إيغور سترافنسكي وكارل أورف وأرنولد شونبرغ.

بداية من السابعة من مساء يوم غد السبت، يقدّم "الأوركسترا السيمفوني التونسي"، بقيادة شادي القرفي، عملَ سان ساينس في "مدينة الثقافة" بتونس العاصمة، غير أنه لا يعتمد النسخة الأصلية منه، بل يقترح توليفة مغايرة تعتمد على تطويرات عرفها "كرنفال الحيوان" على المستوى الموسيقي والنصوص المصاحبة، كما أن العرض يأخذ إلى جانب الأداء الموسيقي بُعداً مسرحياً؛ حيث يحضر على الخشبة الممثّل محمد رجاء فرحات ليأخذ دور الراوي، كما يحضر كلٌّ من العازفَين أحمد أبو زهرة ونسرين زمني لأداء مقطوعات فردية على البيانو.

ينقسم "كرنفال الحيوان" إلى 14 حركة، تبدأ بمقدّمة تحمل عنوان "المشية الملكية للأسد"، ومن مقاطعها الأخرى: "ديوك ودجاج"، و"سلاحف"، و"الفيل"، و"كناغر"، و"بقايا حيوانات منقرضة"، لتبقى أشهر هذه الحركات "حوض الأسماك" و"بجعة"، وكلاهما حقّق شهرة أوسع من العمل في مجمله، خصوصاً في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيث إنَّ حركة "حوض الأسماك"، مثلاً، أصبحت تمثّل نموذجاً في تأليف الموسيقى التصويرية لأفلام الرعب والفنتازيا، كما جرت استعادتها في العديد من الومضات الإشهارية.

أمّا على مستوى النص، فإن موسيقى سان ساينس ألهمت الكثير من المؤلّفين، ورغم أن المتتالية الموسيقية يمكن أداؤها دون نص مصاحب إلا أن جودة المحاولات المصاحبة جعلت منها جزءاً لا يتجزّأ من تاريخ "كرنفال الحيوان". ومن أبرز مقترحات النصوص المصاحبة ما كتبه الشاعر الساخر فرانسيس بلانش (1921 - 1974)، وآخر هذه المحاولات ما وضعه الكاتب المسرحي البلجيكي إريك إيمانويل شميت (1960) في 2014.

يُذكر أنه، وإلى جانب "كرنفال الحيوان"، تُقدَّم خلال العرض نفسه مجموعة من المقطوعات القصيرة: "رقصة باكانال" لـ سان ساينس أيضاً، إضافة إلى "أوبفيليون" لـ أستور بيازولا، و"سينما باراديزو" لـ إينيو موريكوني"، و"سينيراد على الأوتار" لـ إدوار إلغار.

المساهمون