25 يناير.. عنوان التجرد المثالي

18 مارس 2015
+ الخط -

كان 25 يناير/كانون الثاني 2011 نموذجا للتجرد المثالي الذي تلاشت فيه الأيديولوجيات والطبقية والطائفية، وكان الجميع متحدين، ولم يشهد المصريون عبر تاريخهم أياما كالتي كانت في الشهر الأول من عمر الثورة، والتي سرعان ما تلاشت مع بداية المسار السياسي، الذي فرضته المؤسسة العسكرية بمنتهى الخبث والدهاء، والذي تماهت معه أغلب التيارات ورفضته بعض التيارات التي كانت تدرك خطورة المسار على الثورة. ولم يخفَ على الكثيرين أن البعد الأيديولوجي والطائفي لعبا الدور الأبرز في أسباب فشل المرحلة التي أعقبت الشهر الثاني من عمر الثورة، وكذلك التخوفات المشروعة لدى الكثيرين من شركاء الثورة، والتي تحولت فيما بعد من مجرد تخوفات إلى رفض تام وبشكل معلن.

ولم يدرك الكثيرون من أبناء التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، أن هذا التجرد وهذه اللحمة الثورية ما كانت لتستمر في حالة المسار السياسي والوصول إلى الحكم، لأن دوافع وأهداف الثورة تختلف عن دوافع وأهداف الحكم، وكذلك لم يدرك المتبارون أن الثورة أطاحت رأس النظام بحيادية المؤسسة العسكرية، فاعتمد الإسلاميون على القواعد الشعبية العريضة، من دون النظر إلى ضعف شعبية التيارات الأخرى، والتي لا تستطيع أن تدفع بهم تحت قبة البرلمان والحكم. فكان استفتاء مارس/آذار بداية الاختلاف الحقيقي بين شركاء الثورة. وأظهرت النتيجة تخوفاً مشروعاً لدى التيارات السياسية الأخرى، وكذلك تخوفات الكثير من المسيحيين. وأثبتت التجربة أن الفريقين كانا على خطأ، لأنهما لم يدركا مخاطر العمل في ظل حكم المؤسسة العسكرية، والتي تملك كل أدوات الإفشال لأي مسار سوف تتخذه الثورة، لأنها ببساطة تسيطر على كل مؤسسات الدولة والدعم الإقليمي والدولي الذي تستطيع من خلاله المؤسسة اتخاذ المسار الذي يؤول عبره الحكم لصالحها.

عمدت المؤسسة العسكرية إلى الوقيعة بين شركاء الثورة، مستغلة أذرعها الإعلامية وأجهزتها المعلوماتية، وساعدها على ذلك تصريحات وتصرفات بعض الإسلاميين، التيار السلفي تحديدا. هل كان هذا التجرد الذي شاهدناه في أيام الثورة الأولى تجردا عفويا؟ هل استوعبت تيار الإسلام السياسي الدرس القاسي، محاولا تغيير بعض أفكاره وأدبياته التي اعتمدت بشكل كبير على دعم شعبي، سرعان ما تلاشى أمام هجمة التشويه والتخويف الشرسة من قبل الإعلام؟ هل هناك أمل في تحالف شركاء الثورة والوطن مرة أخرى، بعد أن طاول الظلم والقهر والبطش الجميع من دون تمييز؟ وليعلم شركاء الثورة وصنّاعها أنه كلما استمرت الفرقة، اتسعت الهوّة بين الشعب والثورة.. وكلما طال عمر الانقلاب يصعب كسره.


(مصر)

المساهمون