ويمسي المسكن مطمحاً

01 يناير 2015
ليس من السهل أن يجد الشاب مسكناً في تونس(Getty)
+ الخط -

الظفر بسكن لائق يأويه طيلة السنة الجامعية ويخفف عنه وطأة البعد عن العائلة، كان هذا إحدى أبرز أمنيات أحمد، وهو طالب جامعي في بداية العقد الثاني من العمر. ويشتكي أحمد لـ"جيل العربي الجديد" ارتفاع أسعار إيجار الشقق في تونس ويتذمر من معاملة مالكيها. كما يؤكد أنه ليس من السهل أن يجد الشاب مسكناً في تونس اليوم سواء بغاية الإيجار أو الشراء.حسيبة، ربة بيت تقطن إحدى ضواحي العاصمة، تقول إنها تتجنب التأجير للطلبة لما تعتبره غياب الصيانة والنظافة وإهمال الشباب للمنزل، وإنها تفضل الإيجار لعائلة مستقرة تضمن لها الحفاظ على منزلها بحالة جيدة.

الوضع لا يقل تعقيداً بالنسبة للشابات في تونس. تقول سندس، طالبة في السنة الرابعة هندسة كيمياء، إن مالكي الشقق يترددون كثيراً قبل تأجير منازلهم للطالبات خوفاً من العلاقات المشبوهة وبعض التجاوزات الأخلاقية التي قد توقعهم في إشكاليات. "بعض الفتيات وعبر تصرفاتهن ساهمن في تأكيد هذا الموقف لذلك نعاني خلال عملية البحث عن مسكن للإيجار كما نتعرض أحياناً للابتزاز والتحرش".

وتمكن الحكومة التونسية الطلاب من سكن جامعي مجاني خلال السنة الأولى من دراستهم الجامعية ويحق للطالبات التمتع بذلك لمدة سنتين جامعيتين متتاليتين ويمكن تمديد هذه الفترة في حالات اجتماعية خاصة.

ويشير أحمد، وهو من الشباب الذين استوفوا حقهم في السكن بالمبيتات الجامعية الحكومية، إلى أن ارتفاع أسعار الإيجار أجبره على تقاسم شقة صغيرة مع 4 طلبة آخرين خلال السنة الجامعية الماضية، وهو ما تسبب له في بعض المشاكل وأثر على نتائجه الدراسية.

ولا تقتصر أزمة السكن في تونس على الشباب ولكن تعتبر هذه الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للضرر نظراً لضعف إمكانياتها المادية.

انطلقت رحلة بحث عزة عن شقة للإيجار منذ أشهر، رحلة تصفها صاحبتها بالشاقة والمضنية والمكلفة، خصوصاً أن عزة في بداية العقد الثالث وهي تستعد للزواج، أيار القادم، وتهتم رفقة خطيبها بآخر الترتيبات وأبرزها الشقة. "واجهتنا صعوبات عديدة تتعلق أساساً بارتفاع أسعار الإيجار وابتزاز السماسرة والشركات العقارية".

وبعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي، ساهمت عوامل عدة في ارتفاع أسعار إيجار وشراء الشقق وصار من الصعب على المواطن التونسي مجاراة نسق الارتفاع بالنظر لدخله. وتؤكد وكالات إيجار وشراء الشقق أن ارتفاع الأسعار لا يقتصر على الأحياء الراقية والمناطق المحاذية للجامعات بل يتعلق الأمر، أيضاً، بالأحياء الشعبية.

ويفسر سليم سعد الله، نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، ارتفاع أسعار إيجار أو شراء الشقق بعد الثورة خصوصاً "بوجود مليوني ليبي في تونس الآن، ولهم عادة مقدرة شرائية أعلى من التونسيين وهو ما ساهم في ارتفاع مستويات الكراء والشراء أيضاً".

وأعلنت وزارة التجهيز في تونس خلال الاحتفال باليوم العربي للإسكان لسنة 2014 أنها تعمل على وضع استراتيجية جديدة للسكن لمعالجة تفاقم أزمة السكن وتعوض بذلك الاستراتيجية المعتمدة منذ سنة 1988 والتي أثبتت فشل نتائجها.

وتسعى الاستراتيجية الجديدة لتوفير مساكن اجتماعية مع ضمان توزيع متوازن في كافة أنحاء البلاد، إضافة إلى محاولة الضغط على كلفة السكن.

ويذكر أن عديد الأحزاب، كحركتي النهضة ونداء تونس وضعا في برامجهما الانتخابية خططاً لدعم السكن الاجتماعي بينما يؤكد جزء من التونسيين انعدام ثقتهم في وعود الحكومات والأحزاب.

أزمة السكن في تونس وما يعانيه الشباب خلال بحثهم عن المسكن ما عاد ملفاً مؤجلاً، هذا ما يؤكده الجميع في تونس بل غدا ضرورة تفرض توفير حلول عاجلة.

المساهمون