اقتباسات الشاشتين..."قنّاص" و"سلاح فتّاك" في حلقات تلفزيونية

12 يناير 2017
كلاين كراوفورد ودايمن وإيانس في إحدى حلقات "سلاح فتّاك"
+ الخط -
يعيد الاقتباس التلفزيوني الجديد لفيلمين سينمائيين رسم ملامح العلاقة القائمة بين صناعتي السينما والتلفزيون، والتبادل الدائم بينهما، على مستوى الاقتباس. فالعلاقة قديمة، إذْ غالباً ما تعثر شركات الإنتاج السينمائي الأميركي في مسلسلات مختلفة، على ما تعتبره مفيداً لها من الناحية التجارية، فتُحوِّل بعضها، على الأقلّ، إلى أفلامٍ تجارية؛ في مقابل تحويل أفلامٍ رائجة تجارياً إلى مسلسلاتٍ، تريدها شركات الإنتاج التلفزيوني استكمالاً لمغامرات شخصياتها، على الشاشة الكبيرة.


يأتي عملا Shooter (الترجمة العربية الأقرب إلى العنوان الإنكليزي ومضمون العمل معاً: قنّاص) و"سلاح فتّاك" (Lethal Weapon) لمات ميلر، في السياق نفسه الذي يرى أن نجاحاً تجارياً لفيلم سينمائي، أو لسلسلة سينمائية كـ "سلاح فتّاك"، كافٍ لاقتباس تلفزيوني، يُمدِّد زمن المغامرات، ويزيد عددها وتفاصيلها ومساراتها وحكاياتها التي يُفترض بها أن تكون مضبوطةً على الشاشة الكبيرة في زمنٍ وأحداثٍ وحكايات محدّدة وقليلة.

لكن النجاح السينمائي التجاري لن يكون سبباً وحيداً للاقتباس التلفزيوني، إذ أن الإيرادات الدولية للعروض التجارية الخاصّة بـ "قنّاص"، الذي حقّقه أنطوان فوكا عام 2007 (تمثيل: مارك وولبرغ وداني غلوفر) بلغت 95 مليوناً و700 ألف دولار أميركي، في مقابل 61 مليون دولار أميركي كميزانية إنتاجية.

أما الحلقات السينمائية الأربع لـ "سلاح فتّاك"، التي أخرجها ريتشارد دونّر أعوام 1987 و1989 و1992 و1998، مع الثنائي مِلْ غيبسون وداني غلوفر أيضاً، فكانت كلّها نجاحاً تجارياً فعلياً، إذْ حقّقت إيرادات دولية كبيرة، بلغت نحو 955 مليون دولار أميركي، في مقابل ميزانية إنتاجية لها، تساوي 215 مليون دولار أميركي.

في هذا الإطار، يقول متابعون لأحوال الصناعة الهوليوودية، إنّ أحد أبرز أسباب الاقتباس التلفزيوني لـ "قنّاص" يكمن في موضوعه الذي يمزج السياسة بالاقتصاد العسكري والمؤامرات الأمنية والجريمة، والذي يولي أهمية كبيرة لفنّ التشويق، المتمثّل بمطاردات استخباراتية بين أجهزة أمنية ومتّهم زوراً باغتيال مطران أثيوبيا، أثناء زيارته الولايات المتحدّة الأميركية، لإخفاء جريمة إبادة (نحو 400 ضحية)، نفّذها مسؤولون في الجيش وأجهزة أمنية أخرى، في هذا البلد الأفريقي، لحساب شركات اقتصادية ضخمة، مرتبطة بسيناتور أميركي، تريد استثمار أراضي هؤلاء الضحايا، الرافضين لمشروعها.

هذا يعني أن المادة الدرامية غنيّة بمعطياتٍ، قادرة على تحويل الحبكة القصصية إلى مسلسلٍ، يتألّف موسمه الأول من 12 حلقة، تُعرض في أميركا الشمالية منذ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، ويبدأ عرضها الفرنسي نهاية مارس/ آذار 2017، علماً أن "شبكة يو. أس. آي." التلفزيونية الأميركية، مُنتجة العمل، أعلنت إطلاقها عملية إنتاج موسم ثان، بدءاً من 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016.


لن يختلف المسلسل التلفزيوني كثيراً عن النصّ السينمائيّ المستلّ، أصلاً، من كتاب "نقطة التأثير" (1993) للأميركي ستيفن هانتر. بوب لي سواغر (راين فيليب)، قنّاص سابق في إحدى فرق النخب في البحرية الأميركية، يُطلب منه العودة إلى العمل (بعد تقاعده الباكر، إثر تنفيذه مهمات مختلفة في دول عديدة) لإحباط مخطّط لاغتيال رئيس الولايات المتحدّة الأميركية. لكنه يجد نفسه متّهماً بالتخطيط للاغتيال ومحاولة تنفيذه، ما يدفعه إلى استعادة كل تدريباته العسكرية والأمنية، وحنكته وذكائه، كي يُبرّئ نفسه، عبر كشف المتورّطين الحقيقيين في المخطّط، وأبعاد هذا المخطّط، المرتبطة بمصالح أمنية وتجارية واقتصادية ومالية وسياسية.

أما "سلاح فتّاك"، فليس مجرّد سلسلة سينمائية مليئة بالمغامرات المشوّقة والخطرة، وبالعنف المباشر فقط، لأنه لا يتغاضى عن قصص حبّ وعلاقات صداقة بين زميلي العمل في شرطة لوس أنجلوس، روجر مورتو (غلوفر) ومارتن ريغس (غيبسون). فالحسّ الكوميدي حاضرٌ، والمقالب التي يُدبِّرها ريغس لزميله مُضحكة، وهذا يحصل أثناء تحقيقات بوليسية مختلفة، ومطاردات عديدة أثناء ملاحقة رجال عصابات وتجّار مخدرات وأسلحة، وغيرهم.

في المسلسل الذي يُعرض في أميركا الشمالية منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2016 (على أن تبدأ عروضه الفرنسية قبل نهاية العام الجاري)، يؤدي دايمن وايانس دور مورتو، وكلاين كراوفورد دور ريغس، الجندي السابق في فرقة Seal، المُصاب بعطب نفسي جرّاء وفاة زوجته الحامل، والذي لديه ميول انتحارية متأتّية من صدمة الوفاة تلك، ما يجعله أكثر عنفاً في مطاردة الأشرار، والتعامل معهم. والتنويع في الحكايات، الموجود أصلاً في الأفلام الأربعة، يمتدّ على 13 حلقة تُشكِّل الموسم الأول، علماً أن شركة "فوكس" طلبت، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، 5 حلقات إضافية للموسم نفسه.

في مقابل الاقتباس التلفزيوني لأفلام سينمائية، يُشار إلى الاقتباس السينمائي لمسلسل، له شهرة كبيرة لدى محبّي الشاشة الصغيرة: "مهمة مستحيلة" الذي ابتكره بروس غيلّر لحساب الشبكة الأميركية "سي. بي. أس"، وتمّ عرضه بين عامي 1966 و1973 (171 حلقة). ففي العام 1996، حقّق براين دي بالما أول نسخة سينمائية منه، مع توم كروز، الذي سيتولّى عملية إنتاج السلسلة التلفزيونية كلّها، إلى جانب التمثيل في الأجزاء الأربعة اللاحقة. النجاح السينمائي التجاري متفاوت بين الحلقات، علماً أن تكاليف إنتاجها كلّها يُساوي 650 مليون دولار أميركي، والإيرادات الدولية بلغت نحو مليارين و780 مليون دولار أميركي.

المساهمون