ازدواجية معايير مصرية

05 يناير 2016
+ الخط -
قد ترى أماً تبكي بحرقة، أو طالباً يجلس ذليلاً عند سياج أمني، أو مريضاً يتلوى من ألمه. لم يعد هذا كله مشهداً غريباً عندما تطالعك أخبار معبر رفح بين قطاع غزة وجمهورية مصر "العربية"، المعبر يراه الغزيون شريان حياة ونافذة على العالم في ظل حصار إسرائيلي متواصل منذ ثماني سنوات، وتراه السلطات المصرية معبراً للإرهاب والمسلحين.
تحوّل فتح المعبر لمرور الفلسطينيين بالاتجاهين إلى فولكلور موسمي، وتواصل التضييق الممنهج من السلطات المصرية، يجعل الصورة أكثر وضوحاً أمام المتابع لمعرفة وتفهم حقيقة الأسباب التي قد تدفع الشاب "المضطرب" عقليا إسحاق حسان إلى محاولة عبور الحدود سيراً على الأقدام، من دون أن يعلم أن حكماً بالإعدام صدر سلفاً بحقه، نوعاً من القصاص على جريمة "انتهاك" السيادة المصرية أمتاراً معدودة.
نتج عن دفاع حرس الحدود المصري المستميت عن "السيادة" سقوط عدة ضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإن كانت الكاميرات نجحت بتوثيق إعدام حالتين، الشاب إسحاق حسان والصياد الفتى فراس مقداد البالغ 16عاماً الذي خرج إلى البحر طلبا للرزق، قبل أن يتحول جسده إلى "صيد" سهل لحرس الحدود المصري.
لم يكن هذا "الالتزام" بحماية الحدود المصرية ليثير حزن الفلسطينيين، لو أنه يطبق على غير سكان قطاع غزة، ولا سيما الإسرائيليين الذين تشرع الحدود وأبواب المنتجعات السياحية لقضاء إجازاتهم من دون حسيب أو رقيب، لا بل تشدد الإجراءات الأمنية لحمايتهم، ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بالصور ومقاطع الفيديو التي تظهر كيف تمر قوافل الإسرائيليين عبر الحدود، بينهم عسكريون يرتدون زيهم الرسمي، وهو ما يشكل صفعة لكل معايير السيادة حول العالم، إلى جانب أن الجيش المصري ليس مسموحا له تخطي مساحة معينة ضمن أراضي سيناء، من دون موافقة إسرائيل المسبقة.
ازدواجية المعايير المصرية تجاه الفلسطينيين، وخصوصاً أبناء غزة التي كانت، منذ فترة ليست بعيدة جداً، تخضع لوصاية القاهرة، تدفع بالمواطن الفلسطيني إلى التساؤل بحسرة، هل كانت حياتهم ستهدر على أعتاب المعابر المصرية، لو أنهم من حملة الجنسية الإسرائيلية؟ هل كان سيخرج صحفي مشهور علناً وبكل فخر ليحرض الجيش على "تقطيع من يتخطى الحدود 400 حتة"؟ هل على الفلسطيني تمني الحصول على الجنسية الإسرائيلية من أجل تسهيل مروره عند بعض الحدود العربية؟

D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
جلال قبطان (فلسطين)
جلال قبطان (فلسطين)