إسرائيل تبتز عباس لمحاربة "حماس"

08 سبتمبر 2014
إسرائيل تعمل لتعطيل المصالحة الفلسطينية (عباس المومني/فرانس برس/getty)
+ الخط -

تعكس تصريحات وزير الاستخبارات الإسرائيلية، يوفال شطاينتس، للإذاعة الإسرائيلية، والتي انتقد فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واتهمه بأنه لم يفِ بالتزاماته في قطاع غزة، نية إسرائيلية مبيتة للتحايل على استحقاقات وقف إطلاق النار، من جهة، ولابتزاز أبو مازن، ودفعه نحو مقاطعة "حماس" ومحاربتها، من جهة ثانية.
وفي ردّه على سؤال الإذاعة حول احتمال عودة عباس، بعد العدوان، كـ"شريك في المفاوضات"، بدليل التصريحات التي أدلى بها في القاهرة ضدّ حركة "حماس"، قال شطاينتس إنّه "ليس بمقدور أبو مازن أن يتنصل أصلاً من مسؤوليته عن مآل الأوضاع في قطاع غزّة وقيام الحركات الجهادية والإرهاب الإسلامي (على حد تعبيره) برفع رأسها هناك".
ودعا شطاينتس، عباس، قبل أن يوجه الانتقادات لإسرائيل، أن يثبت بدايةً جدارته في ضبط الأمور في القطاع، خالصاً إلى أن "ما حدث في القطاع يثير سؤالاً كبيراً لدينا حول ما إذا كان بالإمكان الركون إلى اتفاق يتم التوصل إليه مع أبو مازن، لأن على الأخير أن يفعل قبل ذلك الحد الأدنى مما وعد به، وهو نزع سلاح المقاومة".

ولم ينس شطاينتس في هذا السياق أن يربط بين تنظيمي "الدولة الإسلامية" (داعش) و"القاعدة"، وحركة "حماس"، وذلك في إطار جهد إسرائيلي واضح للموازاة بين المقاومة والتنظيمات المذكورة، وإدراج حماس ضمن "سلة" الأهداف التي يتعين على التحالف الدولي محاربتها. وبالتالي، سيكون على أبو مازن، وفق التكتيك الإسرائيلي الحالي، أن ينضم إلى هذا التحالف الذي سيلزمه في نهاية المطاف، إذا كان يريد التسوية السياسية مع إسرائيل، أن ينتقل من خانة الانتقادات لحركة "حماس" إلى خانة العمل ضدّها.

ولعل أهمية تصريحات الوزير شطاينتس لا تنبع من كونه وزيراً للاستخبارات، وإنما بالأساس من كونه الوزير الأكثر وفاء لنتنياهو داخل حزب "الليكود"، من جهة، ولأنه هو من يعبر عملياً عن خط تفكير نتنياهو وسياساته وخطواته المقبلة من جهة ثانية.

ويرغب نتنياهو برؤية أبو مازن وعناصر أمن السلطة الفلسطينية يعودون إلى القطاع، وذلك بهدف الضرب على وتر الانشقاق الفلسطيني ووضع الرئيس الفلسطيني في مأزق الاختيار بين المفاوضات والمصالحة الفلسطينية.

هكذا، جاءت تصريحات شطاينتس، أمس الأحد، في إطار الضغوط الإسرائيلية المباشرة على عباس، لابتزازه وجرّه إلى كمين في كل ما يتعلق بالتطورات المستقبلية في قطاع غزة. وكانت الصحف الإسرائيلية قد كشفت قبل أسبوعين أن نتنياهو أبلغ الجنرال الأميركي جونز ألن، موفد وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة، خلال لقائه به قبل يوم من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، أن خطة نتنياهو تقوم بالأساس على إنهاك قوى عباس في قطاع غزة أولاً في مواجهة "حماس" وباقي الفصائل المسلحة في القطاع قبل أي حديث عن مفاوضات حول مستقبل الضفة الغربية، والترتيبات الأمنية.

ويبدو من التصريحات الإسرائيلية هذه، أن حكومة نتنياهو ليست في وارد استئناف المفاوضات بشأن الحل الدائم، بل هي تبحث عملياً عن ذرائع ومبررات للتنصل من استحقاقات وبنود اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصاً في ظل الانتقادات الشديدة التي تعرض لها نتنياهو من قبل شركائه في الائتلاف الحكومي، وحتى داخل "الليكود" بسبب العدوان. وتظهر أيضاً نيّة حكومة نتنياهو في ضرب مكانة أبو مازن كطرف للحوار، بعدما خرج اتفاق القاهرة لوقف إطلاق النار عبر وفد فلسطيني موحّد عزّز من موقع أبو مازن الدولي.

المساهمون