مبادرة "غصن زيتون" لأجل أطفال درعا

11 يونيو 2015
تشرف مبادرة غصن زيتون على عشر مدارس (العربي الجديد)
+ الخط -

"الأطفال هم أكثر المتضررين من الحرب، لكنهم غالباً ما يكونون مهملين، لذا اعتبرنا أن من أولوياتنا مساعدتهم"، بهذه الكلمات يصف "صهيب الزعبي" أحد أعضاء تجمّع غصن زيتون، بداية فكرة التجمع العامل في ريف محافظة درعا.

"جيل العربي الجديد" التقى "صهيب الزعبي" للحديث عن تجمع "غصن زيتون" ونشاطاته المميزة في ريفي درعا والقنيطرة.


*هلّا قدمت لنا لمحة عن بدايات تجمّع غصن زيتون وأبرز مجالات نشاطه؟

تجمع غصن زيتون بدأ في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2012 ببعض النشاطات، وتوقف فترة جراء تعرض كادره لمضايقات أمنية، قبل أن يعاود العمل في شهر أغسطس/ آب 2013، واجه الفريق في بداية عمله صعوبات كثيرة، أبرزها نظرة الأهالي إلى نشاطات التجمّع على أنها عمل غير ملائم، في وقت تتمحور فيه احتياجاتهم حول الأمان والسلامة الجسدية وتأمين مقومات الحياة اليومية من طعام وشراب.

عانينا من تقبّل المجتمع لنشاطاتنا كالموسيقى والرسم والدعم النفسي، وكنا أحياناً موضعاً للسخرية، وبمرور الوقت انقلبت الموازين وأصبحت قوتنا مستمدة من الأهالي، بعد أن لمسوا أهمية وفائدة عملنا مع الأطفال.

*ما هي أبرز المعوقات التي واجهت عملكم في مرحلة التأسيس ثم مرحلة التوسع، وفي الوقت الراهن؟

توسع "غصن زيتون" من مبادرة لثلاثة أشخاص بتمويل لا يتجاوز 80 دولاراً، إلى مجموعة للعمل المدني ومؤسسة تشرف على عشر مدارس وتستقبل أكثر من ثلاثة آلاف طفل، إلى جانب نشاطات وأعمال أخرى.

هذا التوسع السريع فرض أعباء ومشكلات جديدة على الفريق، تتعلق بإدارة المشروع ومتابعته وتقييمه، إلى جانب الاستمرار بالعمل والحفاظ على التوجه والأهداف، بالتزامن مع الصعوبات المتمثلة بالتمويل والوضع الأمني السيئ، ونواجه حالياً تحديات الحفاظ على المشروع ومواصلة التوسع فيه، هاجسنا وقلقنا الدائم توقف التمويل عن إحدى المدارس، لأنها أصبحت تستقبل أطفالاً وخلقت لهم مساحة معيّنة، إن حرموا منها تعرضوا لنكسة.

*كيف تؤمّنون الدعم اللازم لإنجاز نشاطاتكم وضمان استمرار المشروع؟

القائمون على مشروع التجمّع يعملون على تطوير آليات تضمن استمرار التمويل، من كتابة المشاريع والتقدم إلى الجهات المانحة، والتواصل مع منظمات المجتمع المدني العالمية، إلى جمع التبرعات من المغتربين أو الشركات والمنظمات، ولا أريد أن أغفل الإشارة إلى اعتماد التجمع في البداية على التبرعات الفردية.

*مع توسع المشاريع والكادر، ألا تجدون أنكم بحاجة إلى تدريب؟ ربما تطلبونه من منظمات أكثر خبرة أو جهات داعمة تمول عملية التدريب؟

بالتأكيد مع توسع المشروع والحاجة إلى كادر أكبر تبرز الحاجة إلى التدريب والاستفادة من مختلف التجارب، خاصة في مجال العمل مع الأطفال، والذي يعتبر التدريب عاملاً أساسياً لنجاحه واستمراره، عملنا مع الأطفال، وفي هذا الظرف الحساس، يتطلب مزيداً من الاحتراف لا العواطف، لذا التدريب أساسي وليس استعراضياً أو ترفاً، نحن منفتحون على أي تدريب وعلى أي تعاون مع أي فريق في سورية، لنستفيد من خبراتهم ونزودهم بما لدينا، نرى أن عملية تشارك المعلومات بيننا وبين أي فريق أمر ضروري.

*كيف تقيّمون فترة عملكم حتى اليوم؟ كم من الأهداف تظنون أنكم حققتم وما الذي تطمحون إليه؟

يضم مشروع غصن زيتون اليوم عشر مدارس وأربع مزارع وحافلة الزيتون للتعليم والترفيه، إلى جانب مجلة قوس قزح، ومركز الزيتون الثقافي في قرية الرفيد بمحافظة القنيطرة، وتتوزع مدارس التجمع على بلدات: صيدا، اليادودة، تسيل، طفس، الطيبة، الجيزة، غصم، نصيب، الشجرة، وتقدم دورات في مجالات عدة بينها الكمبيوتر واللغات والرسم والموسيقى والحياكة والزراعة، وكذلك ورشات متنوعة حول حقوق الإنسان والطفل والمرأة وغيرها من الموضوعات.

يعمل في المشروع نحو 220 شخصاً بين متطوع وموظف، والمراكز مجهزة بكل الأدوات والأجهزة اللازمة لعملها على أفضل وجه، نحاول ألا نفتتح مركزاً جديداً قبل أن نضمن جهوزيته وقدرته على تحقيق فائدة للأطفال، ويجب أن يحوي على الأقل أدوات التعليم والترفيه وجهاز إسقاط وشاشة.

ننظر إلى ما أنجزناه حتى اليوم ونعتبر أننا قمنا بعمل جيد، لكنه غير كافٍ بالتأكيد، لا يزال أمامنا كثير من العيوب والنواقص لتلافيها، في المحصلة عمر مشروعنا أقل من ثلاث سنوات، ونحن بحاجة إلى مزيد من الخبرات والتطور، سواء على مستوى توسع المشروع أو دراسة أثره وما يحققه من نتائج على الأرض.

*هل هناك إحصائية، ولو تقريبية، لأعداد المستفيدين من مشاريعكم؟ وكيف تتم عملية رصد وتقييم الأثر على الأرض؟

يستفيد من مدارس التجمّع أكثر منثلاثة آلاف طفل من أعمار مختلفة، ونحو 300 طفل من مشروع حافلة الزيتون، في حين يستفيد نحو 300 يافع من نشاطات المركز الثقافي في الرفيد، وتوزع مجلة قوس قزح 2250 نسخة في مناطق عدة بالمحافظة شهرياً، إضافة إلى الوصول لنحو 10 آلاف عائلة ببعض الأعمال الإغاثية.

إلى ذلك، يشرف التجمع على مزرعتين بمساحة 65 دنماً، تؤمن 15 فرصة عمل ويستفيد منها أربعة آلاف شخص، وإضافة إلى ما سبق بدأ غصن زيتون مشروعاً رائداً في المنطقة، وهو زراعة الشعير المستنبت التي كانت فكرة أحد أعضاء التجمع، وتأتي أهميتها من أن الشعير المستنبت منخفض التكلفة ومفيد جداً، نستخدمه حالياً كغذاء رخيص للأبقار، ونظن أن زراعته ستنتشر بالمستقبل على مستوى الوطن العربي كأسلوب لمواجهة التصحر.

*من وجهة نظركم كأصحاب تجربة، ما هي أبرز معوقات العمل المدني في سورية اليوم؟

غياب التشارك وطغيان الطابع الفردي التنافسي بشكل مبالغ فيه على عمل المنظمات والمجموعات، أمر لا يتلاءم مع فكرة المجتمع المدني أصلاً، ولهذا لم تفرز التجربة بعد منظمات مجتمع مدني بالمعنى الحقيقي للكلمة، لا نزال نعمل في منظمات قائمة على أساس مجتمعي ولم نصل لمرحلة منظمات المجتمع المدني.

إلى جانب ذلك، كثرة المبادرات والمنظمات التي ظهرت خلال وقت قصير لا يتجاوز السنوات الثلاث، يدفع للقلق حول استمرارها والخوف من فشلها في تحقيق أهدافها، معظم المبادرات رائعة وقدمت عملاً جيداً، لكن ما لم تؤمن أساليب استدامة لن تستمر، التعاون والعمل يداً واحدة يحمينا جميعاً ويساهم في الاستمرار.

وهناك أمر بالغ الأهمية، هو فصل عمل منظمات المجتمع المدني عن التوجهات السياسية السائدة في أي بلد، فالمجتمع المدني ليس طرفاً، بل هو المساهم الأساسي في صناعة السلام بالمستقبل، ولأكون منصفاً لا بد أن أقول إنه خلال ثلاث سنوات فقط رأينا تجارب ترفع لها القبعات، قدمت الكثير رغم نقص الخبرة وحداثة العمل المدني، هذا يبعث كثيراً من التفاؤل والأمل.

*هل تحب أن تقول كلمة أخيرة؟

طموحنا أن نصل إلى أي مكان فيه طفل بحاجة لمساعدتنا، الشباب العاملون مع غصن زيتون يقولون دائماً "نريد أن نصل ليوم نعرف فيه أن طفلاً في الصومال بحاجة مساعدة، ونكون قادرين على مساعدته"، وأحب أن أعيد كلامهم هذا دائماً.

(سورية)

المساهمون