ماذا رأى زين داخل خلاوي السودان؟

24 فبراير 2016
فضل الله، أحد خريجي خلاوي السودان (العربي الجديد)
+ الخط -
في حواره مع "العربي الجديد"، وجّه أحد خريجي خلاوي السودان، الشيخ فضل الله محمد زين، انتقادات إلى خلاوي القرآن التقليدية المنتشرة في أرياف السودان، وانتقد اقتصار الخلاوي على تدريس القرآن وإهمال تدريس الفقه والفكر الإسلاميين.

تخرج فضل الله في خلوة الشيخ موسى كدام بمنطقة المزروب، في كردفان، غربي السودان، ودرس بجامعة أم درمان الإسلامية وعمل أستاذا ومدربا للتنمية البشرية، بجانب انتظامه خطيبا للجمعة بأحد مساجد العاصمة السودانية الخرطوم.

أشار فضل الله إلى أن الصورة الذهنية في الوجدان السوداني لطالب الخلوة لا تتجاوز كونه عالة على المجتمع، ومحلا لصدقاتهم، واعتبر أن ذلك أدى إلى عزوف الناس عن الخلاوي. وأضاف أن الأسرة ترسل أبناءها إلى الخلاوي القرآنية في الصيف كـ"منفى"، بسبب مشكلة الإجازة وعدم استثمارها في السودان.

وعن قصة التحاقه بالتعليم في الخلوة، يقول فضل الله: اتخذ والدي القرار وأذكر أنه أخبرني برغبته في إرسالي إلى الخلوة لحفظ القرآن الكريم ووافقته على ذلك. كانت هناك مدرسة ابتدائية بالقرية ولكن المدارس لم تك تهتم بتحفيظ القرآن الكريم، ولذلك فهي لا تحقق أمل الوالد في حفظي القرآن الكريم.

وعن مدى اختلاف التعليم بالمدرسة عن التعليم الذي يتلقاه طالب الخلوة، يقول فضل الله إن هناك اختلافاً كاملاً في كل شيء، المدرسة بنظامها الخاص في التعامل مع الطلاب وفي نوعية الدروس والعلوم المقدمة للطلاب، وفي يومها الدراسي القصير نسبيا، كما أننا طلاب الخلاوي نرى أنفسنا أقرب للرجولة واكتمال الشخصية ونضجها مقارنة بطلاب المدارس الذين في مثل أعمارنا.

اقرأ أيضا:حفظ القرآن ليس إجبارياً

عقوبة الجلد
وبالنسبة للعقوبة المتداولة داخل الخلاوي لمن لا يحفظ مقرره اليومي من القرآن، يؤكد زين على أن الجلد طبعا هو العقوبة الأكثر انتشارا، كما أنه نادرا ما تثير هذه العقوبة خلافا بين الطالب والشيخ، لأن هناك عرفاً بين الخلوة وأسرة الطفل وهي تفويض كامل للشيخ في توقيع العقوبة المناسبة على الطلاب من قبل الأهل، وذلك وفقا للمقولة الشائعة لدى السودانيين (لكم الجِلد ولنا العضم).

يتابع فضل الله قائلا إن هناك حالات هروب من الخلوة، وقد تكتفي الخلوة بإرجاع الأسرة الطفل، وبعضها يقرر تقييد الطفل حتى لا يهرب مرة ثانية، خاصة إن كانت أسرته تقيم في منطقة بعيدة ولا تثق في قدرة الطفل على الوصول إليها بأمان.

يقول فضل الله: "في خلوتنا شاهدت هذا النوع من العقوبة مرة واحدة، ولكن المفارقة أن الذي تولى تقييد الطفل بالسلاسل الحديدية ليس الشيخ، بل والد الطفل، وفعل ذلك من طوع نفسه رغبةً في إكمال طفله حفظ القرآن الكريم".

ولكن هل يمكن أن تستمر هذه الخلاوي بكل تلك المشكلات دون عزوف الأهالي عنها، يقول فضل الله إنه أصبح معروفا في السودان أن حامل القرآن هو عالة على المجتمع ومحل لصدقاتهم ومعوناتهم، وهذا مفهوم منفر ويبعد أي إنسان عن هذا المصير. ولهذا بعض الذين حفظوا يتمردون على تقاليد الخلوة ويريدون أن يتشبهوا بـ(الأفندية) ويصبح يوم لبسه (بنطلوناً) بدلا عن (الجلابية) عيدا. وكذلك الناس يريدون لأولادهم مستقبلا يتصل بالمهن الحديثة، والخلاوي لا تقدم لهم ذلك ولهذا عزفوا عنها. من المؤسف أن الطبقة المثقفة والمسؤولين، حتى الآن، لم يبادروا إلى طرح أفكار لتطوير الخلاوي لتقوم بدورها.

وبالرغم من أن هناك بعض الأسر، التي تلحق أولادها بالمدارس القرآنية التي تزاوج بين القرآن والتعليم الحديث، إلا أن تلك الفكرة لم تلق النجاح التام، فقد نجحت بنسبة لا تتجاوز الـ 60% وقد أصابها ما أصاب عموم التعليم في السودان. هناك أيضا بعض الأسر ترسل أولادها إلى الخلاوي في الصيف لتدارك حفظ القرآن، وهذا النوع أقرب إلى النفي الأسري للطفل، لأن مشكلة الإجازة واستثمارها في السودان ما تزال غير قابلة للحل.

اقرأ أيضا:خلاوي السودان: جوع وسخرة وقرآن
المساهمون