تقرير يرصد تنامي مشاعر الكراهية للإسلام في فرنسا

27 اغسطس 2014
التقرير: 226 هجوما على المسلمين بفرنسا العام الماضي (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن فرنسا هي موطن أكبر جالية مسلمة في غرب أوروبا تقدّر بما بين خمسة وسبعة ملايين، إلا أنه ليس من السهل دائماً على المسلمين العيش في بلد يتباهى بهويته العلمانية.

فقد جاء في تقرير صدر عن منظمة التعاون الإسلامي خلال العام الجاري، أن المشاعر المناهضة للمسلمين في فرنسا وفي أوروبا على نطاق أوسع، في ازدياد.

وأشار التقرير إلى وقوع 226 هجوماً على المسلمين في فرنسا العام الماضي، بزيادة نسبتها 11.3 في المئة على ما يبدو.

كذلك أبرزت دراسة المنظمة وقائع مثل كتابة كلمات مسيئة على مسجدَين في بوزانسون في شرق فرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، من قبيل "فرنسا للفرنسيين" و"اطردوا العرب" و"الموت للمسلمين".

وقد أوضحت إلسا راي التي تعمل في جمعيّة لمراقبة كراهيّة الإسلام "لجنة مناهضة كراهية الإسلام في فرنسا"، أن عدد وقائع الكراهية في فرنسا زاد بشدّة خلال العام الماضي. وهو ما ذهب إليه تقرير منظمة التعاون الإسلامي.

وقالت "سجلنا خلال النصف الأول من العام 2014 أكثر من 400 حالة تمييز في العمل والخدمات العامة، بالإضافة إلى الاعتداءات البدنية والعنيفة".

وتتيح اللجنة التواصل في مركز الاتصال الخاص بالجمعية، والإبلاغ عن حوادث كراهية الإسلام، وتشجّع من يشعرون بأنهم ضحية لهذه الظاهرة على الاتصال.

وقد لفت تقرير منظمة التعاون الإسلامي أيضاً إلى أن الحكومات الغربيّة لا تفعل ما يكفي لمكافحة مشاعر كراهية الإسلام أو ملاحقة المذنبين قضائياً.

واتخذ التقرير فرنسا مثالاً، إذ دفعت المكاسب السياسية التي حققها حزب الجبهة الوطنية، إلى سن العديد من القوانين في المناطق التي فاز فيها.

فعلى سبيل المثال، أعلن الحزب في بداية أبريل/نيسان أنه سيمنع المدارس من تقديم وجبات غداء خاصة للتلاميذ المسلمين في البلدات الإحدى عشرة التي فاز فيها بالانتخابات المحلية.

وقد أيدت راي الرأي القائل بأن الحكومة الفرنسيّة لم تفعل ما يكفي لمكافحة تلك الظاهرة.

أضافت "يجري ذلك بتشجيع من الحكومة، لأن الإسلاموفوبيا غير معترف بها رسمياً كنوع من جرائم الكراهية. فهم يشعرون بالانفتاح والحرية في وصم المسلمين ومهاجمتهم في خطابهم. ويعتقد أن القيام بذلك أمر معتاد، هذا ليس بالشيء العظيم فعلياً".

وفي العام 2010، جرى سن قانون جديد يمنع وضع النقاب في الأماكن العامة، بما في ذلك المتاجر والمتنزهات والمتاحف والشوارع. وقد رأت الحكومة أن تغطية الوجه تمثل خطراً أمنياً. لكن الجالية المسلمة في فرنسا، بخاصة النساء اللائي يرتدين النقاب، تشعر بأنها مستهدفة.

ويقضي قانون مماثل، دخل حيّز التنفيذ في العام 2004، بحظر وضع جميع الرموز الدينية في المدارس العامة. ويشدّد على ضرورة ذلك للحفاظ على طابع المدارس المدني، بما في ذلك حجاب المسلمين والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة.

ومرّة أخرى، شعرت النساء المسلمات اللاتي يضعن النقاب بأنهن مستهدفات بشكل خاص، إذ إن رمزهن الديني ظاهر بشكل أكبر من الصليب. وقد احتج آلاف الأشخاص في بلدات ومدن فرنسيّة عدّة، على هذه الخطط عندما أعلنت للمرة الأولى، وهتف الكثير قائلين "حجاب واحد.. خيار واحد".

وقال متخصصون في الشؤون الإسلامية، من أمثال برنار غودار الذي يقدم النصح للحكومة الفرنسيّة بشأن القضايا الدينية، إنه بات من الصعب على المسلمين أن يظهروا هويتهم الدينية في المجتمع الفرنسي اليوم. وقد أوضح أن "هذه الصعوبة تعود إلى سهولة ملاحظة كونك مسلماً".

لكنه قال إنه ليس من العدل إلقاء اللوم على الحكومة، التي تحاول معالجة هذه القضيّة. وهو كان قد ساعد في العام 2013 على إنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو الهيئة التي تقدّم النصح للحكومة الفرنسيّة بشأن شؤون المسلمين وقضاياهم.

أضاف غودار "منظمة التعاون الإسلامي تقول إننا بحاجة إلى وضع خطة لمكافحة كراهية الإسلام. حسن، إن فرنسا تقول نعم، وقد أشرنا إلى كل عوامل كراهية الإسلام وسوف نحاول ملاحقة المعتدين قضائياً، وهكذا الدولة الفرنسية تقوم بعملها".

وفي يوليو/ تموز على سبيل المثال، أدينت السياسية الفرنسية كريستين تاسين بالحض على الكراهية العنصرية حين أعلنت نفسها "كارهة للإسلام" في حديث مع أفراد من الجالية المسلمة. وقد صدر بحقها حكم مع إيقاف التنفيذ وغرامة.


لكن الواقع يقول أيضا إنه، وبعد مرور عشر سنوات على أزمة قانون الرموز الدينية، ما زالت بعض المسلمات يقلن إنهن يواجهن مشكلات. فقد استدعت لجنة مناهضة كراهية الإسلام في فرنسا كريمة عويسي (18 عاماً) التي تقيم في ضاحية لو رينسي بباريس في منتصف يونيو/حزيران، والتي تزعم بأنها تعرّضت لإحدى حوادث كراهية الإسلام قبل دقائق من اختبار مهم. فقد جرى إبلاغها أن زيّها غير مناسب وديني بشكلٍ واضح. وهو كان عبارة عن فستان طويل أبيض ومعطف.

وقالت عويسي: "طلبت (نائبة المديرة) مني رفع تنورتي، فهي ترى أنني أرتدي الكثير من الملابس وهي لا ترى وسطي، وأن ملابسي تتسم بطابع ديني. وقد حاولت أن أشرح لها أنها ليست كذلك".

وعويسي التي هزتها هذه التجربة بشكل واضح، قالت "شعرت بالرعب وكنت أبكي. دخلت الامتحان وعقب انتهائي منه ذهبت إلى مكتب نائبة مديرة المدرسة لأحصل على حجابي (الذي كانت تحتفظ به). فأجابتني "لن تحصلي عليه. لماذا تضعينه؟ هل تريدين وضعه في الخارج؟".

دلالات