حسام عيسى.. المُنقلب على الثورة المصرية

29 يونيو 2014
عيسى أثناء إعلانه جماعة الإخوان "إرهابية" (GETTY)
+ الخط -

ارتبطت مظاهرات (30 يونيو) من العام الماضي بعدد من الشخصيات التي كانت في صدارة مشهد إطاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي، وكان بينهم أستاذ القانون في جامعة عين شمس الدكتور حسام عيسى، الذي كان أحد رموز المعارضة في عهد مبارك، وأحد الرموز المحسوبة سابقاً على ثورة (25 يناير) 2011.

ولطالما أعلن عيسى، مراراً وتكراراً، أنه ضد ما كان يصفه بـ"الفاشية الدينية"، لكنه برهن خلال منصبه كنائب لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالي في حكومة حازم الببلاوي (أول حكومة تشكلت بعد الانقلاب) أنه أحد أبرز الموالين لـ"الفاشية العسكرية".

"القوات المسلحة لا تطمع في السلطة، وساندت الشعب المصري في ثورتي يناير ويونيو"، كانت هذه عينة من تصريحاته عقب انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013، إلا أنه مع إعلان عبد الفتاح السيسي ترشحه للرئاسة، سارع "بلا تردد، صوتي للسيسي في رئاسة الجمهورية".

ومع استمرار انتفاضة الجامعات في الفصل الدراسي الأول، احتجاجاً على اعتقال مئات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، واقتحام الشرطة للجامعات، وإطلاق الرصاص الحي على الطلاب داخلها، كان رد عيسى "من حق الشرطة أن تواجه العنف في الجامعات بالرصاص الحي".

وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وبعد سقوط شهيد كلية الهندسة الطالب محمد رضا، داخل كليته برصاص قوات الأمن، أجاب عيسى عن سؤال حول مسؤولية الشرطة عن مقتل الطالب، فرد "إن وزير الداخلية محمد ابراهيم قال لي، إن الداخلية لم تستخدم الرصاص أو الخرطوش لضرب مظاهرات طلاب جامعة القاهرة، بل استخدمت فقط الرصاص المطاطي الذي يلسع"، وهو التصريح الذي أثار استهجاناً واسعاً وانتقادات كبيرة له كوزير مسؤول وقتها.

ارتبط اسم حسام عيسى، أستاذ القانون، ببيان مجلس الوزراء الشهير الذي اعتبر فيه جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، عقب عملية تفجير أعلنت جماعة أخرى، هي جماعة أنصار بيت المقدس، مسؤوليتها عنها في محافظة الدقهلية، شمال مصر، نهاية العام الماضي، وترتب على البيان التحفظ على الجمعيات الخيرية ومدارس الإخوان بلا صفة ولا سند قانوني.

وعن الحريات، بعد أن اكتظت السجون بشباب ثورة 25 يناير، يقول عيسى "أنا راض جداً عن مستوى الحريات. أما فيما يتعلق بمن هم في السجون من شباب الثورة، فلا أملك لهم شيئاً إن كانوا مسجونين بحكم قضائي، أو ارتكبوا أمراً يعاقب عليه القانون".

نسي عيسى، الذي اقترب من عامه السبعين، وقوفه ذات يومٍ في ميدان التحرير، ومطالباته بتطهير وزارة الداخلية وإصلاحها، و التي دعا لها في أثناء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلا أنه بمجرد توليه منصباً في حكومة الببلاوي، تغيرت مواقفه، وتبدلت أقواله ، فكان أول من قال: لا يمكن البدء في إصلاح وزارة الداخلية في ظل حالة الفوضى التي نعيشها، فالإصلاح لا يتحقق إلا حين يكون هناك استقرار.

وحاول عيسى إظهار الأمر كأن هناك ثأراً قديماً بينه وبين جماعة الإخوان، فاتهمهم في أغلب تصريحاته الصحافية بأنهم "يريدون تشويه تاريخه النضالي، ويرغبون في إسقاط الدولة".

مؤسس حركة شباب 6 أبريل، أحمد ماهر، وصف عيسى، في إحدى رسائله المسربة من داخل السجن، "خان من نزلوا يوم 30 يونيو، وتظاهروا ليأتوا به إلى الحكومة"، رداً على تصريحات عيسى التي أدان فيها المتظاهرين، واتهمهم فيها بوقف السياحة والاستثمارات.

وتعرض عيسى لهجوم من إحدى المواطنات، أثناء أدائه العزاء في الشاعر الراحل، أحمد فؤاد نجم، حيث قالت له "لو عندك كرامة استقل، أولادك بيموتوا في الجامعات، هي الكراسي بتغير كده يا حسام يا عيسى".

الكل طالب بإقالته، حتى من نزل معه في تظاهرات 30 يونيو، ومنهم طلاب من جبهة طريق الثورة، واتحاد طلاب الجامعات الخاصة، ومنهم رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، الذي طالب رئيس الوزراء بإقالة عيسى بعد عجزه الواضح كوزير للتعليم العالي ورئيساً للمجلس الأعلى للجامعات في إدارة ملف الجامعات ومواجهة حالات الانفلات الأمني.

ومثلما ارتبط اسم فتحي سرور، أستاذ القانون ورئيس البرلمان أيام مبارك، بصفة "ترزي قوانين للرئيس المخلوع حسني مبارك"، لأنه وضع قوانين تضمن استمرار الفساد وحمايته، فإن عيسى تحول من أستاذ قانون أسند إليه بعد ثورة 25 يناير مهمة استرداد أموال نهبتها عائلة مبارك ورجال أعماله، إلى الرجل الذي فصّل مادة، الفصل النهائي من التعليم، في قانون تنظيم الجامعات، على مقاس الطلاب والناشطين الذين ينظمون مظاهرات، بحيث لا يجوز الطعن عليه. ثم توالت سقطاته، فأصدر قراراً من رئاسة الوزراء يسمح بدخول الشرطة الحرم الجامعي لفض مظاهرات الطلاب.

في ذلك اليوم نسى حسام عيسى أنه ناضل مع مجموعة من أساتذة الجامعات، وشاركهم في تأسيس ما عرف بـ"حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات"، للحصول على حكم من القضاء الإداري في عام 2010 لطرد عناصر الشرطة من الجامعات، بسبب الانتهاكاتها المتواصلة التي ارتكبوها ضد الطلاب والأساتذة، وتناسى متعمداً الموقف الشهير الذي تعرض له مع أساتذة الحركة، في نهاية حكم مبارك حيث تم الاعتداء عليهم بالضرب من أفراد تابعين للأمن داخل جامعة عين شمس.

الدكتور حسام عيسى، هو عضو المكتب السياسي السابق للحزب العربي الناصري في مصر، وشوهد في يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011 بالقرب من ميدان التحرير يعاني من سعال شديد، متأثراً بقنبلة غاز ألقتها قوات الأمن على المحتجين، وينقل عنه الحاضرون تصريحاً شهيراً بعد إعلان تنحي مبارك قال فيه إنه "يحمد الله على أنه عاش هذا اليوم، وأنه متفائل بسقوط دولة مبارك الدكتاتورية التي ناضل من أجل سقوطها"، قبل أن يغريه قادة الانقلاب بمنصب وزير في حكومة الببلاوي، وتتحول كل مواقفه إلى النقيض تماماً.

المساهمون