يقف محمد (9 سنوات)، باكياً على ركام منزله في قرية طانا بالقرب من مدينة نابلس، فيما تجول عيناه في المكان وتراقب تلك البيوت الاستيطانية التي تشيّد على الأراضي الفلسطينية. هو لا يدرك ما يجري من حوله، لكنه يسأل: "لماذا لا يهدمون بيوت المستوطنات، فقط بيتنا وبيوت جيراننا؟". ويواصل الصغير بحثه عمّا تبقى من ألعاب له بين أنقاض منزل العائلة المدمّر.
وهذا المشهد ليس إلا نموذجاً مصغراً من "صراع الديموغرافيا" الذي تقوده إسرائيل وتسعى بموجبه إلى هدم أكبر عدد من منازل الفلسطينيين وبناء مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.
إلى ذلك، كثيراً ما تعلن قوات الاحتلال قرية طانا منطقة عسكرية مغلقة، وتمنع أهلها من الخروج من منازلهم والزائرين من دخول القرية. وقد وصل الأمر الشهر الماضي إلى حدّ تسليم السكان إخطارات بإخلاء القرية لمدّة خمس ساعات في النهار تحت طائلة إخلائها بالقوة.
وفي خربة طانا، الواقعة شرقي بيت فوريك، يعيش نحو 300 فلسطيني في بيوت بدائية وخيام منذ عشرات السنوات ويعتاشون على الزراعة ورعي المواشي. أما من حولهم، فتزداد المستوطنات اتساعاً، في مشهد ينطبق على مناطق أخرى كثيرة في الضفة الغربية. وبالقرب منها، هدمت قوات الاحتلال أخيراً 17 خيمة ومنشأة زراعية في خربة جعوانة وشرّدت ساكنيها، من دون أن تسمح لهم بإخراج كل محتوياتها. ويوضح سكان تلك الخربة أن كل ما يقوم به الاحتلال يهدف إلى فتح المجال أمام المستوطنين لبناء مزيد من الوحدات الاستيطانية.
ويأتي قرار هدم أي منزل فلسطيني وبناء أي وحدة استيطانية بإشراف رفيع المستوى. فإسرائيل تريد بأي طريقة زيادة عدد اليهود في الضفة الغربية والقدس وفي داخل الخط الأخضر. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفي خلال مشاركته في التظاهرة العالمية في باريس تنديداً بالاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو"، وجّه دعوات إلى يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل باعتبارها المكان الأكثر أماناً لهم.
لكن هذه الدعوة ليست جديدة لدى إسرائيل التي لا تفوّت فرصة إلا وتدعو يهود العالم إليها. وقد وصل الأمر في بعض الأحيان إلى البحث عن قبائل غير يهودية في الدول الفقيرة ودفعها إلى اعتناق اليهودية والهجرة إلى إسرائيل في مقابل إغراءات مالية وضمانات مختلفة. وكل ذلك في سبيل التفوّق السكاني.
ويحذّر الخبير خليل التفكجي، وهو مسؤول قسم الخرائط في بيت الشرق في القدس المحتلة، من "خطورة حرب الديموغرافيا الإسرائيلية. فسياسة إسرائيل هي الإعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة بين الحين والآخر". ويوضح أن ذلك "مرتبط بالانتخابات الإسرائيلية وصراع الأحزاب على أصوات المستوطنين من جهة، ومن جهة أخرى يأتي هذا الإعلان خطوة في السياسة المستمرة من ضمن البرنامج الذي وضعته إسرائيل عام 1979 والقاضي بإسكان مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدس".
ولعلّ ما دفع إسرائيل إلى تعزيز هذا النهج، هو إعلانها قبل سنوات أن عدد المغادرين من اليهود أصبح أكثر من الوافدين إليها، وفقاً لما بيّنته دائرة إحصائها. فتحولت "الهجرة العكسية" كابوساً يزعج المسؤولين الإسرائيليين. لكن مراقبين يرون في مثل تلك الإعلانات، مجرد دعاية لدفع اليهود إلى الهجرة نحو فلسطين والاستيطان فيها، وخصوصاً أن إسرائيل تهوى دائماً العزف على وتر ما تسميه "الشبح الديموغرافي الفلسطيني في الداخل"، وتعمل بشكل دائم على استمالة يهود أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وبعض بلدان الاتحاد السوفييتي السابق والدول الأفريقية، لتشجيعهم على الهجرة إليها.
وكثيراً ما تنشر إسرائيل إعلانات في الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية، تدعو اليهود من خلالها إلى زيارتها ومن ثم التفكير بالهجرة إليها. وهي تركز خصوصاً على ضرورة هجرة اليهود الأميركيين، في حين تشير الإحصائيات إلى أن 70% من هؤلاء لم يزوروا إسرائيل أبداً ولا يفكرون في ذلك. ومما يثير قلق تل أبيب، هو ما أظهرته استطلاعات للرأي صرّح فيها نصف يهود الولايات المتحدة بأنهم لا يأبهون بما يحدث في إسرائيل، ولن يعنيهم زوال "الدولة اليهودية" عن الوجود.
وفي أعقاب الفشل في دفع اليهود إلى إسرائيل، تشكلت جمعيات ومنظمات خاصة لدفع سكان بعض الدول الفقيرة إلى اعتناق اليهودية والهجرة إلى إسرائيل. وكانت نتائج إحصائيات إسرائيلية سابقة قد بيّنت أن 300 ألف مهاجر جديد صنّفوا من "مستحقي العودة"، ليسوا يهوداً في الأساس.
وهذا المشهد ليس إلا نموذجاً مصغراً من "صراع الديموغرافيا" الذي تقوده إسرائيل وتسعى بموجبه إلى هدم أكبر عدد من منازل الفلسطينيين وبناء مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.
إلى ذلك، كثيراً ما تعلن قوات الاحتلال قرية طانا منطقة عسكرية مغلقة، وتمنع أهلها من الخروج من منازلهم والزائرين من دخول القرية. وقد وصل الأمر الشهر الماضي إلى حدّ تسليم السكان إخطارات بإخلاء القرية لمدّة خمس ساعات في النهار تحت طائلة إخلائها بالقوة.
وفي خربة طانا، الواقعة شرقي بيت فوريك، يعيش نحو 300 فلسطيني في بيوت بدائية وخيام منذ عشرات السنوات ويعتاشون على الزراعة ورعي المواشي. أما من حولهم، فتزداد المستوطنات اتساعاً، في مشهد ينطبق على مناطق أخرى كثيرة في الضفة الغربية. وبالقرب منها، هدمت قوات الاحتلال أخيراً 17 خيمة ومنشأة زراعية في خربة جعوانة وشرّدت ساكنيها، من دون أن تسمح لهم بإخراج كل محتوياتها. ويوضح سكان تلك الخربة أن كل ما يقوم به الاحتلال يهدف إلى فتح المجال أمام المستوطنين لبناء مزيد من الوحدات الاستيطانية.
ويأتي قرار هدم أي منزل فلسطيني وبناء أي وحدة استيطانية بإشراف رفيع المستوى. فإسرائيل تريد بأي طريقة زيادة عدد اليهود في الضفة الغربية والقدس وفي داخل الخط الأخضر. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفي خلال مشاركته في التظاهرة العالمية في باريس تنديداً بالاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو"، وجّه دعوات إلى يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل باعتبارها المكان الأكثر أماناً لهم.
لكن هذه الدعوة ليست جديدة لدى إسرائيل التي لا تفوّت فرصة إلا وتدعو يهود العالم إليها. وقد وصل الأمر في بعض الأحيان إلى البحث عن قبائل غير يهودية في الدول الفقيرة ودفعها إلى اعتناق اليهودية والهجرة إلى إسرائيل في مقابل إغراءات مالية وضمانات مختلفة. وكل ذلك في سبيل التفوّق السكاني.
ويحذّر الخبير خليل التفكجي، وهو مسؤول قسم الخرائط في بيت الشرق في القدس المحتلة، من "خطورة حرب الديموغرافيا الإسرائيلية. فسياسة إسرائيل هي الإعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة بين الحين والآخر". ويوضح أن ذلك "مرتبط بالانتخابات الإسرائيلية وصراع الأحزاب على أصوات المستوطنين من جهة، ومن جهة أخرى يأتي هذا الإعلان خطوة في السياسة المستمرة من ضمن البرنامج الذي وضعته إسرائيل عام 1979 والقاضي بإسكان مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدس".
ولعلّ ما دفع إسرائيل إلى تعزيز هذا النهج، هو إعلانها قبل سنوات أن عدد المغادرين من اليهود أصبح أكثر من الوافدين إليها، وفقاً لما بيّنته دائرة إحصائها. فتحولت "الهجرة العكسية" كابوساً يزعج المسؤولين الإسرائيليين. لكن مراقبين يرون في مثل تلك الإعلانات، مجرد دعاية لدفع اليهود إلى الهجرة نحو فلسطين والاستيطان فيها، وخصوصاً أن إسرائيل تهوى دائماً العزف على وتر ما تسميه "الشبح الديموغرافي الفلسطيني في الداخل"، وتعمل بشكل دائم على استمالة يهود أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وبعض بلدان الاتحاد السوفييتي السابق والدول الأفريقية، لتشجيعهم على الهجرة إليها.
وكثيراً ما تنشر إسرائيل إعلانات في الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية، تدعو اليهود من خلالها إلى زيارتها ومن ثم التفكير بالهجرة إليها. وهي تركز خصوصاً على ضرورة هجرة اليهود الأميركيين، في حين تشير الإحصائيات إلى أن 70% من هؤلاء لم يزوروا إسرائيل أبداً ولا يفكرون في ذلك. ومما يثير قلق تل أبيب، هو ما أظهرته استطلاعات للرأي صرّح فيها نصف يهود الولايات المتحدة بأنهم لا يأبهون بما يحدث في إسرائيل، ولن يعنيهم زوال "الدولة اليهودية" عن الوجود.
وفي أعقاب الفشل في دفع اليهود إلى إسرائيل، تشكلت جمعيات ومنظمات خاصة لدفع سكان بعض الدول الفقيرة إلى اعتناق اليهودية والهجرة إلى إسرائيل. وكانت نتائج إحصائيات إسرائيلية سابقة قد بيّنت أن 300 ألف مهاجر جديد صنّفوا من "مستحقي العودة"، ليسوا يهوداً في الأساس.