هدم الأبنية في حمص السورية: النظام يستغل المواطنين بالقانون

14 فبراير 2024
قانون الهدم يهدف لسلب العقارات التي يريدها النظام (أرشيف/لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يواصل مجلس مدينة حمص وسط سورية، عملية إزالة المباني المتضررة والآيلة للسقوط في المدينة، ضمن الأحياء التي شهدت احتجاجات ضد النظام السوري وتعرضت لقصف من الطيران الحربي ومدفعية جيش النظام، بداعي خطرها على السكان في المدينة والسلامة المرورية.

وينفذ مجلس المدينة حاليا، وفق مدير الأشغال العامة حيد الوعري، عقد إزالة أبنية في أحياء الخالدية والقرابيص وجورة الشياح، بنسبة تنفيذ بلغت 70 بالمائة بعد إزالة 78 بناء فيها، مشيراً إلى أن عدد الأبنية التي تمت إزالتها بلغت خلال الأعوام الماضية 362 عقارا بالإضافة إلى 17 بناء متضررا، نتيجة الزلزال حسب زعمه في أحياء "الخالدية والقرابيص والوعر وجورة الشياح والبياضة وحمص القديمة"، وفق ما نقل موقع "أثر برس" المقرب من النظام عنه في تقرير صدر أمس الثلاثاء.

ويرى الحقوقي عاصم الزعبي، عضو تجمع "أحرار حوران"، لـ"العربي الجديد"، أن النظام السوري يعمل على هدم الأبنية وفق القانون رقم 3 لعام 2018 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية، والأبنية المخالفة، حيث منح المحافظ سلطة تحديد المنطقة العقارية والمباني المتضررة الواجب إزالتها، بينما تُرك لمالك العقار مهلة شهر واحد لإثبات حقوقه من دون منحه حق الطعن في قرار المحافظ.

قانون هدم مباني حمص

أضاف الزعبي أن القانون أعطى المحافظ أيضاً صلاحية إصدار قرار إزالة الأبنية الآيلة للسقوط. أي أن المحافظ له الحق في توصيف الأبنية الواجب هدمها من خلال لجنة خاصة بذلك يتم تشكيلها. وبالنسبة لمالكي العقارات، فإن القانون أجاز لهم الاعتراض أمام محكمة الاستئناف المدنية، فقط على الخطأ في جدول أسماء أصحاب الملكية الذي تعدّه اللجنة. بينما لم يُجز القانون لمالكي العقارات الاعتراض على قرار اللجنة حول حالة العقارات والتوصية بهدمها.

وأشار إلى أن القانون "أجاز هدم الأبنية، حتى قبل البتّ بذلك الاعتراض في المحكمة. وبالتالي، فإن حق الإعتراض شكلي فقط، لأن الاستئناف لا يوقف أعمال الهدم وإزالة الأنقاض، بل يتعلق فقط بالتثبّت من ملكية العقارات. ولم يتطرّق القانون إلى مصير الأرض التي يوجد عليها البناء الذي تم هدمه، ولم يكن واضحا بالنسبة لوجود حق لمالك الأرض، سواء كان شخصا واحدا أو مجموعة من الشركاء، بإعادة إنشاء بناء جديد، ولم يتحدث القانون عن أي تعويضات، وحتى لم يتطرق إلى ما إذا كان مصير الأرض سيكون الاستملاك ودفع بدل للاستملاك أو تعويض صاحبها بسكن في مكان آخر، وما بيّنه القانون هو أن لمالك العقار حقا في أنقاض بنائه فقط "أي الردم والحديد ومكونات البناء المهدوم". 

وأكد الزعبي أن القانون لا يراعي مهلة النازحين واللاجئين السوريين لإثبات ملكيتهم للعقارات، سواء كانت ملكية مباشرة للمالك الأساسي أو للورثة في حالة الوفاة، إذ منح مهلة شهر فقط تتعلق بتصحيح أسماء أصحاب العقار. مشيرا إلى أن القانون كان سببا في منع الكثير من السوريين من التمكن من إثبات ملكيتهم، بسبب قصر المهلة من جهة، والإجراءات المعقدة لإثبات الملكية، وصعوبة التمثيل القانوني لقسم كبير من السوريين بسبب الملاحقات الأمنية وربط الوكالات في بعض الحالات بالحصول على موافقات أمنية، أي في النتيجة القانون تم سنّه لسلب العقارات التي يريد النظام سلبها أو يرى أنها مفيدة بالنسبة له، وهو نوع من العقوبات بحق المعارضين والملاحقين أيضا.
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن 75 بالمائة من سكان الأحياء التي كانت تصنّف على أنها أحياء معارضة للنظام في مدينة حمص وسط سورية محرومون من العودة إليها، بسبب منعهم من قبل الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري. 

الاستثمار في الهدم

وعملية الهدم تتم بناء على تقرير من نقابة المهندسين ولجنة الجرد للأبنية التي ترفع تقرير المحافظة ليشمل الأبنية قرار الهدم، بداعي خطرها على السلامة المرورية.  وفق ما بينت رئيسة دائرة الأشغال في مجلس مدينة حمص سلام حاكمي، موضحة أن دائرة الأشغال تعمل على هدم سبعة أبنية في شارعي سلمية والمسعودية بمدينة حمص، بعقد تبلغ قيمته 300 مليون ليرة سورية، وهذا العقد يحدد بكميات الحديد المستخرجة من البناء بعد هدمه وليس بعدد الأبنية، ويقوم المتعهد بترحيل الأنقاض، ويتم وزن كميات الحديد المستخرجة ويدفع المتعهد تكلفتها لمجلس المدينة، حيث يبلغ سعر الكيلو الواحد 5 آلاف ليرة، ويتم احتساب ثمن الحديد من تكلفة ترحيل الأنقاض التي تقع على عاتق صاحب البناء، ويحصل المتعهد على كميات الحديد غير القابلة للاستخدام دون مقابل. وهذا العقد مدته ستة أشهر، وفق ما نقلت جريدة "العروبة " المقربة من النظام في تقرير صدر عنها أمس الثلاثاء.

وفي الخصوص، أوضح المهندس المدني علي محمد، من مدينة حمص، لـ"العربي الجديد" أنه في الحد الأدنى يحتاج المتر المكعب إلى 90 كيلو من حديد التسليح وفي المتوسط 120 كيلوغراما، وحساب الكميات المطلوبة لبناء مكون من 5 طوابع، يبين أنه يحتاج  إلى نحو 30 طنا من حديد التسليح بالحد الأدنى، لتبلغ كمية حديد التسليح في 7 أبنية نحو 210 أطنان. وبحساب أن الحديد القابل لإعادة التدوير من هذه الأبنية يبلغ 180 طنا، فإن تكلفته تصل لنحو 900 مليون ليرة سورية. لافتا إلى أن كمية حديد التسليح المستخرجة من الأبنية كافية لتغطية عقد الهدم دون الحاجة لتكليف المواطنين.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في المقابل، أوضح خالد المحمد، لـ"العربي الجديد"، أن ملكية العقار تحتسب من الأرض التي بني عليها العقار، مشيرا إلى أن عملية الهدم في الوقت الحالي تتم دون العودة لمن هم خارج سورية.

وأضاف: "بالطبع ليس هناك أي تعويض، وكميات الحديد المستخرجة تكون بتصرف مجلس المدينة، ورغم ذلك يجب على المواطن أن يتحمل تكاليف الترحيل، والتقييم أيضا يتم من خلال مجلس المدينة"، لافتا إلى أن "المشكلة أن المباني المتضررة تضررت بسبب القصف وتأثير الزلزال عليها بالكاد يلاحظ، قصف الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة هو السبب، والمواطن بحاجة إلى تعويض، وليس دفع تكاليف التخلص من أبنية دمرها القصف". 
(1 دولار= 14650 ليرة سورية) 

المساهمون