سورية: توقف الدعم يقلق معلمين في إدلب ويدفعهم للبحث عن بدائل

سورية: توقف الدعم يقلق معلمين في إدلب ويدفعهم للبحث عن بدائل

16 ابريل 2024
أطفال عائدون من مدارسهم في مخيمات دير حسان (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في إدلب وشمال غربي سورية، توقف الدعم المالي من المنظمات الداعمة للتعليم مثل "تكافل الشام" وانتهاء المشروع التعليمي "منارة"، أثر سلبًا على العملية التعليمية ووضع المعلمين والطلاب في موقف حرج.
- المعلمون يواجهون ظروف معيشية صعبة، مما يدفع بعضهم للتفكير في ترك التعليم بحثًا عن دخل أفضل، مهددًا بتدهور جودة التعليم وزيادة خطر تسرب الطلاب.
- الإهمال الكبير لقطاع التعليم من قبل المنظمات الإنسانية يهدد بخلق جيل يعاني من الأمية، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا لإيجاد حلول دائمة تضمن استمرارية التعليم وتحسين ظروف المعلمين.

اشتكى معلمون في إدلب وشمال غربي سورية من توقف الدعم المنظماتي عن العديد من المدارس أخيراً، ما أثّر بشكل مباشر في واقعهم، وسط مخاوف من خسارة عملهم، وانقطاع الطلاب عن التعليم. ومن تلك المنظمات التعليمية التي أوقفت دعمها، منظمة "تكافل الشام" التي أنفقت آخر ما تبقى من أموال المشروع التعليمي منذ بداية العام الحالي على المعلمين في 44 مدرسة قبيل عيد الفطر بأيام. وقال مصدر في المنظمة: "إنهم صرفوا مبلغ 20 دولاراً أميركياً لكل معلم من المدارس التي تدعمها بما يغطي أجورهم لمدة أربعة أيام، بينما أكملت التربية رواتبهم عن الـ 26 يوماً المتبقية من الشهر".

وأفاد المسؤول التعليمي في منظمة "تكافل الشام" عبد الله جمعة لـ"العربي الجديد" بأن مشروع "منارة" الداعم ممول من صندوق "أوتشا" و"يونيسف"، وبدأ الدعم عام 2020 وانتهى مؤخراً، حيث بلغ عدد المدارس المدعومة منه 44 مدرسة، موزعة على 40 مدرسة في إدلب وأربع مدارس في الباب، بينما بلغ عدد الطلاب 15500، 14504 منهم في إدلب، و996 في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ووصل عدد الكوادر المدعومة بالرواتب 778 موظفاً، منهم 713 في إدلب و65 موظفاً في الباب، وبلغ سلم الرواتب للمدير والمشرف 170، والمعلم والداعم النفسي 150، أما المستخدم والحارس فبلغ 120.

وعن الأنشطة المقدمة خلال المشروع، شرح المتحدث أنها تضمنت تعليم الطلاب، ورواتب الكوادر وتدريبهم، ومنهاج الطلاب، وصيانة المدارس، واستبدال الخيم بكرفانات تعليمية، ولوجستيات ومصاريف تشغيلية، وفيول تدفئة، وأنشطة حماية، ودعم نفسي، وإدارة حالة.

ويأسف جمعة لتوقف المشروع الذي سيرافقه تأثر الكثير من المدارس بغياب الدعم عنها، ذلك أن ثلثي الطلاب نازحون ويقطنون بالمخيمات، ما سيعرض قسماً كبيراً منهم لخطر التسرب، كما أن عدداً من المعلمين المميزين سينتقلون لمدارس مدعومة أو أعمال أخرى لكسب لقمة عيشهم، ومن المرجح تبديلهم بمعلمين وكلاء وغير خريجين، مما سيضعف جودة التعليم، الأمر الذي سينعكس على مستوى الطلاب عموماً.

من جهته، أوضح المعلم سليم العمر أحد كوادر المدارس المتوقف دعمها، أن توقف الدعم ينبئ بأوضاع كارثية تطاول القطاع التعليمي، لا سيما على المعلمين، حيث إن الرواتب لم تكن تكفي المعلم أكثر من نصف شهر فكيف سيكون الحال مع رواتب التربية المخفضة.

وأفاد المتحدث بأن المعلمين يواجهون ظروفاً معيشية صعبة للغاية ويفتقدون أدنى مقومات الحياة ، متابعاً "لم أستطع تأمين ملابس العيد لأطفالي، كما عجزت عن دفع زكاة الفطر أيضاً". وأشار إلى أن "واقع المعلمين يرثى له سواء من حيث الرواتب أو المعاملة، إنهم أكثر الفئات هشاشة بين موظفي المنطقة".

أما المعلمة روان السعد فتفكر بالتوقف عن التعليم والاتجاه لمجالات أخرى وخاصة العمل ضمن كوادر المنظمات التي تمنح موظفيها رواتب أعلى مقابل جهود أقل بكثير من جهود التعليم، التي ترهق المعلم من حيث التحضير ومتابعة الطلاب خطوة بخطوة. وأشارت إلى أن دعم التربية ورواتبها لا يكاد يكفي ثمناً للخبز، وأعلى حد لها هو 100 دولار أميركي وهو مبلغ زهيد لا يكفي المعلم أكثر من أسبوع واحد، وهو ما يضطره للبحث عن بدائل ربما تكون أجدى وأفضل بكثير.

وتتساءل عن سبب كل هذا التهميش والإهمال لواقع المعلمين في المنطقة، فالمعلم غالباً ما يعيش حالة عدم استقرار وفقر وحاجة في الوقت الذي يجب أن يكون حاله أفضل بكثير لما سيعكسه واقع الأمر على القطاع التعليمي في المنطقة بشكل عام.

من جانبه، أشار المعلم كريم الحمدو إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمعلمين، وتهميش العملية التعليمية بالكامل، من خلال توقف الدعم المستمر عن هذا القطاع العام، مطالباً الجهات المسؤولة والداعمة بإيجاد الحلول المستمرة والدائمة التي تعيد للمعلمين قيمتهم المعنوية وجزءاً من حقوقهم المسلوبة.

وأكد أنه على استعداد تام للتخلي عن المهنة في حال توفر البديل الملائم وفرصة العمل التي تمكن المعلم من العيش بكرامة مع عائلته وسط ما يعانيه من فقر وضنك العيش، مشيراً إلى أن رواتب المعلم المحددة من مديرية التربية ضئيلة، ولا تتناسب مطلقاً مع متطلبات الحياة اليومية، ولا ترقى لاعتبارها مصدر دخل معلم يفني كل وقته وطاقته ليرتقي بالواقع التعليمي في المنطقة.

وفي بيان سابق له، قال فريق "منسقو استجابة سورية" إنّ قطاع التعليم يعتبر من أكثر القطاعات المهمشة من قبل المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، وغياب الدعم اللازم لهذا القطاع سبب تسرب الأطفال بشكل كبير والتوجه إلى سوق العمل. وأشار الفريق إلى أن الاستمرار في هذا المنحى سيجعل من الجيل المتسرب من المدارس وغير المتعلم يعاني الأمية، وسيخلق جيلاً مستهلكاً غير منتج في المجتمع، وبالتالي سيكون الأطفال غير المتعلمين عبئاً على المجتمع.

المساهمون