رمضان المغرب: موائد أمل وقفف وإفطارات لليتامى

رمضان المغرب: موائد أمل وقفف وإفطارات لليتامى

27 مارس 2024
حصلت على قفة تعينها خلال هذا الشهر (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال رمضان، تبرز مبادرات خيرية في المغرب كـ"قفة عطاء" بتوزيع 2000 قفة غذائية و"فطوري" لإفطار المسافرين والمحتاجين، تعكس روح العطاء وتخفيف معاناة الفقراء.
- في طنجة، جمعية العون والإغاثة تنظم إفطارات وأنشطة للأيتام وأسرهم، مع توفير احتياجاتهم التموينية، معززة التضامن والدعم المجتمعي، خاصة بعد الزلزال.
- "موائد الأمل" بالدار البيضاء تقدم إفطارات لـ 1200 صائم، مؤكدة على التكافل الاجتماعي والروابط بين المغاربة، وتمتد لدعم المحتاجين عالميًا، معبرة عن الأخوة الإسلامية.

يشهد المغرب خلال شهر رمضان الكثير من المبادرات الخيرية التي تسعى إلى مساعدة الفقراء واليتامى وغيرهم، من بينها "قفة عطاء" ومشروع "فطوري".

داخل مقر مؤسسة "عطاء الخيرية" في مدينة الدار البيضاء، يُرتّب الشاب سفيان سعيداني بحماس ظاهر المساعدات الغذائية الرمضانية المختلفة استعداداً لتوزيعها على الأسر المحتاجة. ويزداد حماسه وهو يرى زملاءه يعملون كأنّهم خلية نحل، يساعدونه في وضع اللمسات الأخيرة على إعداد "القفف" قبل التوجه بها نحو الأرامل والأيتام وعابري السبيل.
ويقول سفيان لـ "العربي الجديد"، بصفته مشرفاً عاماً على المؤسسة: "نحرص خلال شهر الجود والكرم والعطاء على تكثيف جهودنا لتوزيع المواد الغذائية، ونحمد الله أننا وصلنا إلى النسخة الحادية عشرة من مبادرة قفة عطاء، إلى جانب مشروع فطوري لتقديم وجبات إفطار جاهزة". وتهدف "قفة عطاء" إلى توزيع 2000 قفة على الأسر الفقيرة في مختلف المدن والقرى الجبلية في المغرب، كما يوضح سعيداني الذي قضى 10 سنوات في العمل التطوعي الميداني. وتضم المواد الغذائية الأساسية التي تكفيها طيلة شهر رمضان، وتصل قيمة القفة الواحدة إلى 700 درهم (حوالي 70 دولاراً).
فيما يهتم مشروع "فطوري" بتوزيع إفطارات جاهزة على عابري السبيل والمسافرين ومن يدركهم أذان صلاة المغرب بعيداً عن منازلهم في هذا الشهر، سواء على الطرقات والمستشفيات، خصوصاً أقسام الطوارئ وغير ذلك. ويشدد على أن "رمضان هو شهر الإحساس بمعاناة الفقراء في سائر الأشهر. نجوع لنحس بجوعهم وحاجتهم فنهتم بهم ونكون معهم، كما أننا نتربى على البذل والجود لنستمر عليه طيلة السنة".

اليتامى ومتضررو الزلزال

أما في مدينة طنجة (شمالي المغرب)، فقد كان للأيتام وأسرهم موعد مع إفطارات جاهزة وفقرات ترفيهية وأنشطة توعوية متنوعة داخل مقر جمعية العون والإغاثة، ما رسم البسمة على وجوههم وأدخل الفرحة إلى قلوب الصغار. ويقول رئيس جمعية العون والإغاثة مصطفى بوكور: "يشكل رمضان شهر الفرح والسرور للأسر العادية، لكنه قد يكون فرصة للإقصاء والإحساس بالعزلة لبعض الفئات المهمشة كالأيتام والفقراء، ومن هنا يأتي اهتمامنا بهذه الفئة".

الصورة
خلال تجهيز القفف (العربي الجديد)
خلال تجهيز القفف (العربي الجديد)

ويوضح بوكور أن هذه الوجبات الجماعية تندرج ضمن مبادرة "إفطار الصائم" التي تعتزم إفطار 5000 شخص، إلى جانب الاحتفاء بأسرة اليتيم، خصوصاً الأم الكافلة باستضافتها هي وأبنائها في جو عائلي، يساهم في إدماجهم وتأكيد رسالة نحن معكم ونشدّ عضدكم". ويتحدث عن مشروع "مؤونة رمضان"، الذي يسعى إلى دعم قدرة أسر اليتامى على توفير احتياجاتهم التموينية بوسائل تراعي كرامتهم، وتوزيع سلال غذائية وقسائم شراء على مستحقيها وتمتيعهم بحرية تسوق ما يرونه مناسباً لتخفيف الأعباء عليهم. ويشير إلى أن جزءاً من هذه المشاريع سيتم تطبيقه في المناطق والأقاليم التي أصابها الزلزال الذي هز المغرب في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2023، متضمناً إفطارات جماعية لفائدة 5000 أسرة متضررة، إلى جانب توزيع 2000 سلة غذائية تحتوي على المواد الضرورية خلال شهر رمضان على المحتاجين.

الصورة
يزداد الإحسان في رمضان (العربي الجديد)
يزداد الإحسان في رمضان (العربي الجديد)

موائد الأمل 

وبهدف استفادة عدد أكبر ممكن من المواطنين، خصصت جمعية "متطوعي الأمل للأعمال الخيرية والعناية الاجتماعية" فضاء ملعب العربي بن مبارك بمدينة الدار البيضاء، لتقديم موائد الأمل الرمضانية. ويقول الكاتب العام للجمعية شوقي لحرش لـ "العربي الجديد": "اخترنا شعار مائدة الأمل للمبادرة الثانية عشرة لإفطار صائم والثانية لنا على التوالي بهذا الفضاء، لما لها من دلالة وتعبير، ونسعى طيلة شهر رمضان إلى تقديم وجبات ساخنة للمحتاجين والفقراء، حتى يتسنى لهم الإفطار جماعياً في إطار جو تسوده المحبة والإخاء". وتهدف "مائدة الأمل" إلى تقديم إفطارات لـ 1200 صائم، بمعدل 60 مائدة يستفيد منها 600 شخص، إلى جانب وجبات محمولة يوزعها أعضاء الجمعية عبر دور القرآن ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، ويستفيد منها 600 شخص، وفقاً للمتحدث. يضيف لحرش أن "الهدف من هذه المبادرات هو التخفيف من عبء التكاليف، وإحياء الأمل في نفوس المستفيدين، وتذكيرهم بأن المغاربة كالجسد الواحد والبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً".

الصورة
مائدة رمضانية (العربي الجديد)
مائدة رمضانية (العربي الجديد)

مجتمع متضامن بلا حدود

ويرى أستاذ التعليم العالي والباحث في العلوم الشرعية محمد بولوز، أن "أصول ما نراه من ازدياد الخير والبذل والعطاء في شهر رمضان، سواء على مستوى الأفراد أو الهيئات والمؤسسات والجمعيات، هي أصول إيمانية تتلخص في العبادة والتقرب إلى الله وفتح باب التطوع والتنافس في النوافل والطاعات والإحسان". يضيف في حديث لـ "العربي الجديد": "يزداد الإحسان في رمضان، فهو شهر الجود والكرم، وهو شهر تكفير الخطايا والذنوب والتطهر من المعاصي والآثام فيقدم الناس أفراداً وهيئات وجمعيات ما يقدرون عليه من الخير لتحقيق هذا المقصد". يتابع أنه "شهر شرعت فيه كفارات الإطعام لذوي الأعذار الصحية كالسكري ونحوه، فيكثر الإطعام وتفطير الصائمين، كما أن الرغبة في الأجور المضاعفة تدفع المحسنين إلى إقامة موائد الإفطار". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جهته، يقول الأستاذ والباحث في الفكر الإسلامي عبد العزيز الإدريسي، تكثر المبادرات الاجتماعية سواء الفردية أو الجماعية خلال رمضان في المدن والقرى، ومن أبرز مظاهرها توزيع القفة على الأسر المعوزة، وتنظيم الإفطارات في بعض الفضاءات، وبرمجة أنشطة متنوعة في دور الأيتام و العجزة، وتنظيم المسابقات في حفظ القرآن الكريم وتجويده ورصد جوائز نقدية وعينية لهذا الأمر، وكذلك توزيع كسوة العيد.
يضيف: "تساهم مختلف هذه الأنشطة في تخفيف عبء تبعات غلاء الأسعار على الأسر المحتاجة، وتساهم في تمتين الروابط الاجتماعية وتقويتها، بالإضافة إلى تحقيق قيم التراحم التي جاءت بها المنظومة القرآنية والتوجيهات النبوية". ويثني على "جهود النشطاء والجمعيات في دعم ساكنة الحوز التي لا تزال تئن تحت وطأة تداعيات الزلزال وإسنادها، من خلال تنظيم قوافل تضامنية محملة بالمواد الغذائية وبعض التجهيزات المنزلية". كما يشير إلى أن التضامن تجاوز الحدود الجغرافية، وسارعت الكثير من الهيئات والمنظمات في المغرب إلى اغتنام هذا الشهر من أجل إيصال مساعدات إلى غزة جراء العدوان الإسرائيلي وسياسة الحصار والتجويع، تحقيقاً لمعاني الأخوة الإسلامية والرابطة الإيمانية.

المساهمون