تغيّر المناخ وراء موجة الحرّ في الساحل الأفريقي

تغيّر المناخ وراء موجة الحرّ في منطقة الساحل الأفريقي

18 ابريل 2024
في باماكو أكياس مياه باردة وسط موجة حرّ، في 6 إبريل 2022 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دراسة من شبكة وورلد ويذر أتريبيوشن تربط بين تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري وموجة الحر القاسية في الساحل الأفريقي، مع درجات حرارة تجاوزت 45 درجة مئوية في مالي وبوركينا فاسو، مما أدى لوفيات ومشاكل صحية.
- تحذيرات من أن موجات الحر ستزداد شدة وتكراراً بسبب استمرار احترار الكوكب، مع توقعات بأن تصبح أكثر حرارة بدرجة مئوية وتزداد وتيرتها عشر مرات إذا وصل الاحترار إلى درجتين مئويتين.
- التأثيرات الصحية والاجتماعية الخطيرة لموجة الحر، بما في ذلك التحديات خلال رمضان وانقطاع الكهرباء، مع تحذيرات من خطر الصراعات والنزوح الجماعي في منطقة الساحل بسبب تغير المناخ، حتى مع اتباع سياسات مناخية طموحة.

أفادت دراسة أجرتها شبكة وورلد ويذر أتريبيوشن، ونشرتها اليوم الخميس، بأنّ تغيّر المناخ الناجم عن النشاط البشري وراء موجة الحرّ الاستثنائية التي ضربت منطقة الساحل الأفريقي مطلع إبريل/ نيسان الجاري.

وأوضحت دراسة الشبكة التي تهتم بتحليل تأثير تغيّر المناخ المحتمل على الظواهر الجوية المتطرفة، أنه في الفترة الممتدة من الأول إلى الخامس من إبريل شهدت مالي وبوركينا فاسو موجة حرّ استثنائية، سواء من حيث مدتها أو شدتها، فيما تسبّبت درجات الحرارة التي وصلت إلى أكثر من 45 درجة مئوية في العديد من الوفيات في البلدين.

وتظهر ملاحظات العلماء ومقارناتهم لنماذج درجات الحرارة في الدراسة أنّ "موجات الحرّ التي سجّلت في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان 2024 في المنطقة كانت مستحيلة لولا ارتفاع درجة حرارة الأرض 1,2 درجة مئوية بسبب النشاط البشري". وأشارت الدراسة إلى أنّ موجة مماثلة لتلك التي ضربت منطقة الساحل لمدة 5 أيام في إبريل لا تحدث من حيث المبدأ إلا "مرة كل 200 عام".

وتعد موجات الحرّ شائعة في منطقة الساحل في هذا الوقت من العام، لكن شهر إبريل "كان أبرد بمقدار 1,4 درجة مئوية" في المنطقة "لو لم يتسبب البشر في احترار المناخ بحرق الوقود الأحفوري"، كما أكد واضعو الدراسة. وأوضحوا أن "هذه الاتجاهات ستستمر مع تواصل احترار الكوكب".

ويقدّر العلماء أن موجة مماثلة في مالي وبوركينا فاسو ستكون "أكثر حرّاً بمقدار درجة مئوية في عالم أكثر حرّاً بـ0,8 درجة مئوية"، وستكون وتيرتها أعلى عشر مرات إذا وصل الاحترار إلى درجتين مئويتين.

كوارث "فتاكة" 

وتسبّبت مدة موجة الحرّ وشدّتها في ارتفاع عدد الوفيات والحالات التي استدعت علاجاً في المستشفى في البلدين وفق "وورلد ويذر أتريبيوشن"، حتى لو أن سكان مالي وبوركينا فاسو "تأقلموا مع درجات حرارة مرتفعة". وفي حين أنه من الصعب معرفة عدد ضحايا موجة الحرّ بسبب نقص البيانات المتاحة في البلدَين "يرجح أن تكون هناك مئات الوفيات أو حتى آلاف منها"، وفق الشبكة.

وأوضح البروفيسور دجيبو ماهاماني ديانغو، رئيس قسم التخدير في مركز غابريال توري الطبي في باماكو، مطلع الشهر في مؤتمر صحافي أنه في الفترة الممتدة من الأول من إبريل إلى الرابع منه، وصلت إلى المؤسسة مائة وجثتان أكثر من 50 % منها "تعود إلى أشخاص تفوق أعمارهم 60 عاماً" مقارنة بـ130 جثة خلال شهر إبريل بكامله من العام السابق.

وذكّرت الدراسة بأنّ "موجات الحرّ هي من بين الكوارث الطبيعية الأكثر فتكاً" وتؤثر بشكل خاص على المسنين والأطفال الصغار. وتزامنت درجات الحرارة المرتفعة في مالي حيث بلغت ذروة الحرّ 48,5 درجة مئوية وفي بوركينا فاسو، مع الصيام خلال شهر رمضان وانقطاع التيار الكهربائي، ما حد من استخدام المراوح ومكيفات الهواء، وأثر على سير الخدمات الصحية.

ومطلع إبريل، طلب المركز الوطني لنقل الدم في باماكو من المؤسسات الطبية "الامتناع عن إجراء عمليات نقل الدم غير الضرورية" بسبب "الانقطاع اليومي للكهرباء لأكثر من 12 ساعة". وتعاني مالي انقطاع التيار الكهربائي بسبب تهالك محطاتها لتوليد الطاقة والديون التي تثقل كاهل شركة الطاقة الوطنية.

ومنذ سبعينيات القرن العشرين، تواجه بلدان الساحل الجفاف وفترات أمطار غزيرة. وسبق أن حذر تقرير أممي من أنه في حال عدم الإسراع بالاستثمار في التخفيف من الآثار المترتبة على تغيّر المناخ والتكيف معه، فإن بلدان منطقة الساحل معرضة لخطر حدوث عقود من الصراع المسلح والنزوح اللذين سيتفاقمان نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وندرة الموارد وانعدام الأمن الغذائي. وأفاد استناداً إلى توقعات إلى ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الساحل بدرجتين مئويتين ونصف بحلول عام 2080 حتى وإن تم اتباع أكثر السياسات المناخية طموحاً- وإن تأخر العمل اللازم فقد يصل الارتفاع إلى 4.5 درجات مئوية.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون