تغير المناخ يسبّب جفافاً حاداً في العراق وسورية وإيران

08 نوفمبر 2023
الجفاف يهدّد بكارثة إنسانية (أنمار خليل/ أسوشييتد برس)
+ الخط -

 

أدّى الاحترار المناخي الناجم بصورة رئيسية عن حرق البترول والغاز والفحم إلى "جفاف حاد" ومتواصل في الأعوام الأخيرة في العراق وسورية وإيران، بحسب ما كشف تقرير علمي نشرته شبكة وورلد ويذر أتريبيوشن، اليوم الأربعاء.

وتشير دراسة أعدّتها الشبكة التي تعنى بتحليل الرابط بين العوامل الجوية وتغيّر المناخ، إلى أنّ درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغيّر المناخ "زادت من احتمال حدوث الجفاف أكثر بـ25 مرّة في سورية والعراق و16 مرّة في إيران".

وتبيّن الدراسة أيضاً دور "أعوام من النزاع وعدم الاستقرار السياسي" في شلّ قدرة البلدان على مواجهة الجفاف، الأمر الذي تسبّب في "كارثة إنسانية".

وفي ظلّ الظروف الحالية، يزداد خطر تحوّل فترات الجفاف هذه إلى أمر اعتيادي، وأن تأتي على الأقلّ مرّة في كلّ عقد. ويشرح خبراء في الشبكة أنّ "الجفاف ما كان ليحدث لولا تغيّر المناخ الناجم أساساً عن حرق النفط والغاز والفحم".

وقد أُعدّت دراسة الشبكة في الفترة الممتدة ما بين يوليو/ تموز 2020 ويونيو/ حزيران 2023 في منطقتَين كانتا معرّضتَين كثيراً لتداعيات تغيّر المناخ، هما إيران ومنطقة حوض نهرَي دجلة والفرات، اللذَين ينبعان من تركيا ويعبران في سورية والعراق.

ويشير البيان الذي نشر إلى جانب الدراسة إلى أنّ "هاتَين المنطقتَين تشهدان حالياً جفافاً حاداً وفقاً للمقياس الأميركي لرصد الجفاف".

وتوضح الدراسة أنّ "تغيّر المناخ الناجم عن النشاط البشري زاد من حدّة هذا الجفاف، ولو كانت حرارة العالم أقلّ بـ1.2 درجة" مئوية، أي ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، "ما كان الأمر ليكون بهذه الحدّة".

في سياق متصل، تقول فريدريك أوتو، عالمة المناخ في معهد غرانثام التابع لجامعة إمبريال كولدج لندن، إنّه "بعد معدّل أمطار وحصاد جيّدَين في 2020، مرّت ثلاثة أعوام كانت الأمطار فيها ضعيفة ودرجات الحرارة عالية، الأمر الذي أدّى إلى جفاف كانت له تداعيات قاسية على إمكان الحصول على المياه للزراعة".

لا تفاؤل

وفي مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، دعا عالم المناخ محمد رحيمي، من جامعة سمنان الإيرانية، إلى إدارة أفضل للموارد، وقال: "في منطقتنا، لم نحظَ يوماً بأمطار كثيرة وهذا أمر عادي. لكنّ المستجدّ هو ارتفاع درجات الحرارة".

وتابع رحيمي المشارك في دراسة الشبكة": "نفقد جزءاً كبيراً من الأمطار بسبب عملية التبخّر، وإذا ارتفعت الحرارة أكثر في الأعوام المقبلة، فإنّ في إمكاننا توقّع مزيد من التبخّر ونتح النبات". وأضاف: "لست متفائلاً جداً من أجل المستقبل".

في العراق، الذي يُعَدّ من أكبر منتجي النفط في العالم وكذلك في سورية التي دمّرتها الحرب، غالباً ما تُسجَّل تداعيات تغيّر المناخ والجفاف اللذَين يطاولان خصوصاً أكثر المجتمعات فقراً.

وقد تراجع الإنتاج الزراعي بصورة كبيرة، في الأعوام الأخيرة، في هذَين البلدَين، لا سيّما في المناطق التي كانت سابقاً غنية بالقمح. بالإضافة إلى ذلك، أثّر تراجع منسوب الأنهر وتلوّثها في مهنة صيد الأسماك.

"أزمة مياه"

حتى سبتمبر/ أيلول 2022، تسبّب الجفاف في نزوح نحو مليونَي شخص في سورية من بين الذين يعيشون في المناطق الريفية، وفقاً لدراسة الشبكة. وفي إيران، يتسبّب نقص المياه في "توتّرات" مع الدول المجاورة، كذلك فإنّ تدنّي المحاصيل أدّى إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.

وفي العراق حيث يبلغ عدد النازحين من جرّاء تغيّر المناخ عشرات الآلاف، يرتفع أيضاً مستوى التوتّرات الناجمة عن توزّع المياه. ففي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، يعيش عراقي واحد من بين كلّ خمسة في منطقة تعاني من نقص المياه، بحسب تقرير للأمم المتحدة.

وتقف خلف "أزمة المياه المعقّدة" هذه في الشرق الأوسط عوامل عدّة يؤدّي الإنسان دوراً فيها، من قبيل أساليب ريّ قديمة ونموّ سكاني سريع، تُضاف إلى ذلك "محدودية في إدارة ملف المياه وفي التعاون الإقليمي" لا سيّما في ما يخصّ إدارة السدود وتفاوت مستوى مياه الأنهر في دول المنبع ودول المصبّ.

أمّا بالنسبة إلى فترات الجفاف الطويلة، فهي لن تكون بعد اليوم "حدثاً نادراً"، بحسب خبراء الشبكة، إذ إنّ مواسم الجفاف "قد تحلّ على الأقلّ مرّة كلّ عشرة أعوام في سورية والعراق، ومرّتَين كلّ عشرة أعوام في إيران".

ويحذر الخبراء من أنّ فرضية حدوث الجفاف قد تتضاعف "في حال ازداد الاحترار العالمي بدرجتَين إضافيّتَين عمّا كان عليه في فترة ما قبل الثورة الصناعية، وهو ما قد يحصل في العقود المقبلة في حال لم يتمّ التخلّي سريعاً عن الوقود الأحفوري".

(فرانس برس)

المساهمون