تجدد محاولات الاستيلاء على أرض "سوق الجمعة" في القدس

15 فبراير 2024
الأرض مملوكة لثلاث عائلات مقدسية (العربي الجديد)
+ الخط -

تواصل عائلات عويس، وحمد، وعطا الله المقدسية منذ 6 سنوات التصدي لمحاولات سلطتي الحدائق والآثار الإسرائيليتين المدعومتين من بلدية الاحتلال في القدس السيطرة على موقع "الخندق" في البلدة القديمة من القدس، والذي يعرف شعبياً بـ"سوق الجمعة"، ويلاصق المقبرةَ اليوسفية، والتي تعرّض جزء منها للمصادرة لإقامة "حديقة وطنية"، كما تلاصق سور القدس التاريخي، وعلى مقربة من بابي الأسباط والساهرة.
وبدأ استهداف جديد مع محاولة طواقم سلطة الحدائق والآثار الإسرائيلية القيام بأعمال تجريف، لكن العشرات من أبناء العائلات المقدسية تصدوا لهم، واستدعيت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال إلى الموقع، وأغلقته بمكعبات إسمنتية تنفيذاً لقرار من محكمة الاحتلال بإغلاقه مؤقتاً إلى حين البت في القضية.
يمثل الناشط خلدون عويس العائلات المقدسية الثلاث، ويقول لـ"العربي الجديد": "تقرر في آخر  جلسة للمحكمة وقف العمل بالموقع، وهو قرار انتزعناه من قاضية المحكمة المركزية التي لم تكن ترى فيه ضرورة، وتأجل البت في القضية لاستصدار قرار يحدد مصير الأرض. تخوض العائلات منذ عام 2018 صراعاً قضائياً مع خمس دوائر إسرائيلية، وهناك قضيتان منظورتان حالياً، الأولى هي قضية ملكية الأرض، وملكيتها قائمة منذ عام 1920، ونملك جميع المستندات والوثائق التي تؤكد ملكيتنا، علماً أن ملكيتنا لها تعود إلى مئات السنين، والقضية الثانية تتعلق بقرار المصادرة، وهو مشروع مقدم من عدة جهات، ونأمل أن يصدر قرار لصالحنا، مع أن الجو العام لا يبشر بخير بسبب الحرب على غزة".
يضيف عويس: "سلطات الاحتلال قامت بهذه الخطوة المفاجئة مستغلة انشغال الرأي العام بالحرب على قطاع غزة، وهدفها الاستيلاء على الموقع الذي يمتلك أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يعتبر الموقع الوحيد المتبقي بجوار سور القدس الشمالي، ويشكل امتداداً لمقبرتي باب الرحمة واليوسفية، وفي امتداده تقع الدفاعات الأيوبية وخندقها الشهير. هناك توافق بين خمس جهات إسرائيلية على انتزاع الأرض، إن لم يكن بالتشكيك في ملكيتها، فعبر مصادرتها بزعم إقامة متنزه عام، على الرغم من عدم وضوح الخلفيات، وبناء على ذلك نخوض صراعاً قضائياً في المحكمتين المركزية والعليا".

الصورة
يلاصق موقع "سوق الجمعة" المقبرة اليوسفية (Getty)
يلاصق موقع "سوق الجمعة" المقبرة اليوسفية (Getty)

يتابع: "استخدمت الأرض في العديد من الأغراض سابقاً، إذ استخدمت كسوق للماشية، كان يعرف باسم سوق الجمعة، وكان يفد إلى الموقع أسبوعياً التجار والرعاة من مضارب البدو والتجمعات الريفية في محافظة القدس، ومن مناطق الضفة الغربية لبيع مواشيهم، ثم استخدمت الأرض من قبل وكالة الغوث لتوزيع المواد التموينية على اللاجئين، وسمي الموقع بأرض الخندق لوجود خندق فيه، والذي كان جزءاً من الدفاعات الأيوبية عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى. بعد سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة، حولت بلدية الاحتلال في القدس الموقع إلى مكب للنفايات، قبل أن تعيد العائلات الثلاث تأهيله كمرآب لسيارات زوار المسجد الأقصى من ناحية باب الأسباط".
ويقع بالقرب من موقع الأرض "ضريح الجندي المجهول"، والذي يعد امتداداً لمقبرة اليوسفية التي تعرضت على مدى العامين الماضيين إلى عمليات تجريف وتدمير للقبور بحجة إقامة حديقة وطنية، ما أثار احتجاجات الهيئات الدينية الفلسطينية التي اعتبرت التجريف الإسرائيلي انتهاكاً لحرمة المقبرة الإسلامية. يؤكد عويس: "لدينا القدرة اللازمة لإقامة أي مشروع بعيداً عن دوائر الاحتلال، وأبدت العائلات الثلاث استعدادها لتنفيذ أي مشروع في الموقع للصالح العام، على أن تديره بنفسها، رداً على ما يقوله الاحتلال بأن هدف مصادرة الأرض هو إقامة متنزه".

ويقول مسؤول المقابر بدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، مصطفى أبو زهرة، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال أقام مكباً للنفايات في مكان سوق الجمعة الذي كان يقع بين سور القدس والمقبرة اليوسفية، ما يضفي مظهراً غير لائق على المنطقة، ويدنس حرمة المقبرة، ويعني أن محاولة الاستيلاء عليه يندرج في سياق ما جرى من اعتداء على المقبرة. لم يكن الموقع مكاناً لبيع الأغنام فقط، بل كان أيضاً ممراً رئيسياً للوافدين للصلاة في الأقصى، وكذلك السياح الذين يزورون القدس، خاصة من يدخلونها من باب الأسباط".
بدوره، يشير مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس، خليل تفكجي، إلى أن "الوثائق الرسمية تؤكد قيام  الانتداب الإنكليزي في عام 1942، بالسيطرة على سوق الجمعة، وتحويله إلى أرض حكومية، قبل أن تنتقل الأرض بعد ذلك إلى السلطة الأردنية، وبعدها استولت بلدية القدس على الأرض رغم أن ملكيتها مثبتة بالوثائق للعائلات المقدسية الثلاث".

المساهمون