الحكومة الفلسطينية تعاقب قرى بالأغوار بسبب ديون الكهرباء

الحكومة الفلسطينية تعاقب قرى بالأغوار بسبب ديون الكهرباء

17 اغسطس 2023
يعاني الأهالي من انقطاع الكهرباء وشح المياه (عصام الريماوي/فرانس برس)
+ الخط -

في مواجهة تحديات متعددة، تعاني قرى الجفتلك، وفصايل، مرج نعجة، والزبيدات، ومرج الغزال في الأغوار الفلسطينية من شلل تام في المشاريع الإغاثية والتنموية. يأتي هذا في أعقاب قرار وزارة الحكم المحلي الفلسطينية بوقف جميع المشاريع المدعومة دولياً ومحلياً، كعقوبة جماعية للأهالي بسبب عدم تسديد ديونهم المتأخرة في فواتير الكهرباء والمياه.

وفي سياق هذا التطور، أفاد رئيس مجلس قروي الجفتلك، أحمد غوانمة، لـ"العربي الجديد"، بأن وزير الحكم المحلي، مجدي الصالح، طالبهم بدفع أثمان الكهرباء المستحقة، مع العلم أن الكهرباء لا تصل إلى نصف سكان القرية البالغ عددهم حوالي 4200 شخص. وعلى الرغم من وعود الحكومة بتوفير الكهرباء للجميع، إلا أن الوضع لا يزال صعباً، حيث ذكر غوانمة أنه لا توجد عدادات كهرباء في القرية

وأشار إلى أن "تصريحات المسؤولين الفلسطينيين حول دعم الأغوار لا تتناسب مع الواقع، حيث تقدم الحكومة مشاريع قليلة وغير كافية لتحسين الأوضاع المعيشية، في حين يوجد في الجفتلك وحدها معسكران لتدريب جيش الاحتلال، فضلاً عن مستوطنتين استولتا على آلاف الدونمات، والاعتداءات يومية".

تفاصيل مأساوية

وقد أثرت التجاوزات والإهمال على مشاريع التنمية المحلية، حيث أوضح غوانمة أن مشاريع تمولها وكالة التنمية الفرنسية تعطلت بسبب قرار وزير الحكم المحلي، ما أثر بالسلب على الحياة في القرية. وتساءل غوانمة عن كيفية تحقيق الوزير لدعم صمود سكان الجفتلك في الأغوار من خلال منع المشاريع الممولة من قبل الدول الصديقة.

ويشير الكتاب الذي تلقاه غوانمة في مايو/ أيار الماضي، إلى توجهات الحكومة الفلسطينية بالعمل على تصويب وضع الهيئات المحلية في ما يخص تقليص الديون المترتبة على فاتورتي الكهرباء والمياه، حيث سيتم وقف تنفيذ كافة المشاريع بما فيها الدولية، في الجفتلك لحين الالتزام التام بما ورد في قرار مجلس الوزراء بهذا الخصوص، مع عدم الممانعة بأن يكون الدفع وفق التفاهمات السابقة.

الصورة
الحكومة الفلسطينية تعاقب قرى بالأغوار بسبب ديون الكهرباء/العربي الجديد
كتاب رسمي بوقف تنفيذ كافة المشاريع بما فيها الدولية (العربي الجديد)

وكشف غوانمة عن تفاصيل مأساوية تعيشها القرية، حيث يعاني السكان من انقطاع الكهرباء المستمر وشح المياه، مما أجبرهم في بعض الأحيان على البحث عن الظل تحت الأشجار في موجة الحر الأخيرة. وأشار إلى أن قرار وزارة الحكم المحلي أدى إلى إخطار قوات الاحتلال بالهدم القائم على 47 منزلاً في القرية.

كما أوضح أن الكهرباء في الجفتلك غير كافية لتلبية احتياجات الأهالي، حيث تفتقر القرية لشبكة كهربائية قوية، وتراكمت ديون قدرها 20 مليون شيكل(حوالى 5 ملايين دولار أميركي)، مما أثر على جودة الخدمات وتسبب في ظروف معيشية صعبة. وشدد على ضرورة دعم الأهالي وتحسين البنية التحتية لتوفير كهرباء ومياه كافية.

ونبه من أنه "لا توجد خطة فلسطينية رسمية مستقبلية للأغوار، وتتم معاقبة المواطنين بوقف المشاريع"، مضيفاً: "لقد جلست مع المسؤولين في وكالة التنمية الفرنسية وكان ردهم أنهم أوقفوا المشروع بناء على قرار وزارة الحكم المحلي".

أثر سلبي

بدوره، قال رئيس مجلس قروي مرج نعجة، كايد مسعود، في استجابة لخطاب وزارة الحكم المحلي: "تفاجأنا بقرار وزارة الحكم المحلي بتعليق المشروع، ورغم أن التمويل ليس من ميزانية الوزارة، إلا أن هذا القرار أثر بشكل سلبي على المشروع. وفي ضوء الزخم الاستيطاني القوي، تظهر الحكومة الفلسطينية مقتصرة على التصريح بدعم أهل الأغوار في مواجهة هذه التحديات، في حين تعلق المشاريع الضرورية التي تعتمد على التمويل من جهات مانحة".

وأضاف مسعود في تصريحاته لـ"العربي الجديد": "على سبيل المثال، تم توقيف ستة مشاريع في مرج نعجة، منها ترميم الطرق التي لم تصلح منذ عقود بسبب قيود الاحتلال، وكذلك بناء مقر للمجلس القروي، وترميم الشبكة الكهربائية بشكل شامل، فضلاً عن مشاريع زراعية وبنية تحتية صغيرة للمجتمع المحلي".

وأشار مسعود إلى أن "المشروع الفرنسي بدأ المرحلة الأولى قبل خمس سنوات، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم الانتهاء من ترميم الشبكة الكهربائية. وبدأت المرحلة الثانية من المشروع قبل عام، إلا أنها توقفت تماماً بفعل قرار وزارة الحكم المحلي منذ ثلاثة أشهر. وكانت المرحلة الثانية تضم تحسين بيئة المدارس وإنشاء مظلات وحمامات للطلاب، بالإضافة إلى استكمال تجديد الشبكة الكهربائية. لكن الآن، جميع هذه المشاريع في حالة تعطل".

وأبدى مسعود استياءه من عدم استجابة الوزارة والحكومة لاقتراح تركيب خلايا شمسية في المنشآت المدرسية والصحية والمساجد وغيرها، لتخفيف عبء فواتير الكهرباء بنسبة كبيرة. وأوضح أن الاقتراح نال إعجابهم، إلا أنهم لم يتخذوا أي إجراء في هذا الصدد.

وتغطي الأغوار الفلسطينية، وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ربع مساحة الضفة الغربية المحتلة، حيث تمتد على مساحة 720 ألف دونم. يتمتع الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على ما يزيد عن 500 ألف دونم منها، حيث أقام معسكرات عسكرية ومستوطنات. وتُخصص مبالغ ضخمة من الميزانية الإسرائيلية لدعم الاستيطان في هذه المنطقة.

وبالرغم من الحاجة الملحة لدعم الأغوار، إلا أنه لا يوجد تخصيص مباشر لها في ميزانية الحكومة الفلسطينية. تُقدم بعض المشاريع الزراعية للأهالي من حين لآخر، ولكنها لا تكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة. ويُذكر أن الرئيس الراحل ياسر عرفات قد أصدر قراراً سابقًا بإعفاء سكان الأغوار من دفع فواتير الماء والكهرباء، تأكيدًا لدعمه لصمودهم. بحسب ما أكد رؤساء المجالس القروية أعلاه.

وعلى الرغم من محاولات "العربي الجديد" للتواصل مع وزير الحكم المحلي مجدي الصالح ووكيل الوزارة توفيق البديري عبر الاتصال والرسائل، لم ترد أي استجابة منهما.

المساهمون