في وقت ترجح منظمات صحية إمكان إصابة نحو 1.3 مليار شخص بمرض السكري في السنوات الـ30 المقبلة، تظهر دراسة أن الكشف المبكر قد يساعد في خفض عدد الإصابات، وأن نحو 40 في المائة من الأشخاص المصابين بمرض السكري على مستوى العالم لا يجري تشخيصهم، وغالبيتهم في أفريقيا بنسبة 60 في المائة، في ظاهرة تزيد عدد الإصابات.
ويرى خبراء صحيون أن "التفاوت الصارخ في العلاج يسلّط الضوء على الحاجة الملحّة إلى تحسين الوصول إلى رعاية مرضى السكري على نطاق عالمي".
يُعرّف مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة مرض السكري بأنه حالة صحية مزمنة (طويلة الأمد) تؤثر في كيفية تحويل الجسم الطعام إلى طاقة، ففي العادة يفكك الجسم معظم الطعام الذي يتناوله الشخص إلى سكر (غلوكوز)، ثم يطلقه في مجرى الدم. وعندما يرتفع مستوى السكر في الدم يرسل إشارة إلى البنكرياس لإفراز الأنسولين الذي يعمل كمفتاح للسماح بدخول السكر إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة.
ولا تنتج أجسام المصابين بمرض السكري ما يكفي من أنسولين، أو لا تستخدمه كما يجب، ما يبقي السكر في مجرى الدم. ومع مرور الوقت يمكن أن يتسبب ذلك في مشاكل صحية خطيرة.
ويؤكد أخصائي أمراض الغدد والسكري الدكتور ممدوح منصور أهمية الكشف المبكر لمرض السكري، ويقول لـ "العربي الجديد": "يعد الفحص المبكر أساسياً لمرض السكري، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يصنّفون بأنهم معرضون للإصابة بالمرض، سواء بسبب تاريخهم العائلي، أو بسبب وضعهم الصحي (البدانة) على سبيل المثال، فهذه العوامل تؤثر في إمكان إصابة شخص بالسكري".
يضيف:" تساعد عادة الفحوصات المبكرة في الوقاية من الإصابة بالسكري، ويعد الكشف عن مخزون السكر الأداة الأساسية التي تساعد الأطباء في التحذير من الإصابة بالمرض".
وكانت دراسة سابقة نشرتها مجلة Medical news today الأميركية ربطت بين الوحدة وإمكان الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ونظرت الدراسة التي أجراها علماء من جامعة "ويسترن" النرويجية لمدة 20 عاماً، في كيفية تأثير الوحدة على الإصابة بأمراض السكري، وكشفت إصابة 1179 أو 4.9 في المائة بداء السكري من النوع الثاني خلال فترة الدراسة. وقد أفاد حوالي 13 في المائة من المشاركين بأنهم عانوا من الشعور بالوحدة.
وجاءت الدراسة لفحص تأثير نظرية خط الأساس الاجتماعي، والتي تعتقد بأن العقل البشري يتوقع الوصول إلى العلاقات الاجتماعية التي تخفف المخاطر وتقلل مستوى الجهد اللازم لتحقيق الأهداف.
ووفق منصور، لا يزال مرض السكري بين الأمراض المحيّرة بالنسبة إلى المجتمع الطبي، إذ يمكن أن تشير أسباب أو عوامل، مثل التاريخ العائلي، إلى احتمال إصابة أشخاص بالمرض، لكن أشخاصاً يُصابون بالمرض من دون معرفة السبب.
يضيف: "بغض النظر عن نوع مرض السكري الذي يعاني منه الفرد، قد تتسبب زيادة السكر في الدم في مشاكل صحية خطيرة".
ويميّز منصور بين حالات مرض السكري، ويشير إلى أنه "لا يمكن تشخيص المصابين بالنوعين الأول والثاني ومقدمات السكري وسكري الحمل بأنهم مرضى سكري، فمقدمات السكري تشير إلى ارتفاع معدلات السكر في الدم من دون أن تصل إلى المعدلات المرضية، ما يعني أنها ليست مرتفعة بدرجة كافية كي تسمى بأنها مرض سكري. لكن مقدمات السكري قد تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري في حال عدم اتخاذ خطوات للوقاية منه. أما بالنسبة إلى سكري الحمل فيحصل ثم يختفي المرض بعد الولادة، لكنه يتطلب عناية كبيرة من المرأة المصابة خاصة كي تستطيع وضع طفلها في شكل سليم، أي اتباع نظام غذائي صحي".
ويذكر منصور أن "أصحاب مرض السكري من النوع الثاني لا تظهر لديهم عوارض واضحة فيتطور المرض خلال مراحل عمرهم، أما بالنسبة إلى مرض السكري من النوع الأول فتظهر عوارضه في شكل واضح من خلال الشعور بالعطش أكثر من المعتاد، والرؤية غير واضحة، أو أو دوار نتيجة غياب الرؤية في بعض الأحيان، التبول مرات عدة، وفقدان الوزن، والشعور بالتعب والضعف".
تحذيرات طبية
ويؤكد منصور أهمية مراقبة الأفراد الذين يعانون من أمراض السكري، وأولئك المعرضين للإصابة، "لأن نتائج الإصابة بالمرض قد تكون مؤلمة وحادة بالنسبة إلى كثيرين، وتتراوح بين إمكان أن يفقد المريض القدرة على القيام بواجباته اليومية، أو يفقد البصر، وصولاً حتى إلى التعرّض لأمراض تصيب الكبد، أو التتسبب في الوفاة".
وعام 2021، سجلت نحو 7 ملايين حالة وفاة في العالم نتيجة مرض السكري رغم إنفاق أكثر من 970 مليار دولار على العلاج.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني نحو 422 مليون شخص في أنحاء العالم من مرض السكري، ويعيش غالبيتهم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.