يبدأ الأشخاص ملاحظة تغيرات طفيفة في القدرة على الرؤية بوضوح تتطور مع التقدم في العمر، وقد تعد هذه المشكلة طبيعية، لكنها في الوقت نفسه، قد تكون مؤشراً على تفاقم مشاكل قد تصل إلى إمكانية فقدان البصر.
وبحسب الجمعية الأميركية للبصريات، فإنه ابتداء من أوائل الأربعينيات وحتى منتصفها، يبدأ العديد من البالغين في مواجهة مشاكل في وضوح الرؤية، خاصة عند القراءة أو العمل على أجهزة الكمبيوتر، وتعد تلك من بين المشكلات الأكثر شيوعاً، ويسمى هذا التغيير في قدرة العين على التركيز "طول النظر الشيخوخي"، وهو يستمر في التفاقم مع التقدم في العمر.
ووفق الجمعية، فإن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 سنة الذين يعانون من مشكلات الصحية، مثل الأمراض المزمنة كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم، أو من لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالغلوكوما أو الضمور البقعي، أو حتى ارتفاع نسبة الكوليسترول وغيرها، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الإبصار مع تقدمهم في السن.
يقول أستاذ طب العيون، سامر منيمنة، لـ "العربي الجديد": "يصاب كبار السن عادة بمشاكل في النظر بسبب ضعف المناعة، أو إصابتهم بأمراض مثل السكري والضغط، والتي لها تأثير مباشر على شبكة العين. تلعب تلك الأمراض الشائعة في الدول العربية دوراً في التأثير على عيون كبار السن، بالإضافة إلى الأمراض المتعلقة بشبكة العين التي تبدأ بالظهور مع التقدم في العمر، ومنها الكسل التدريجي الناتج عن إجهاد القراءة، كما أن كبار السن يكونون أكثر حساسية لأمراض العين، بخاصة إن لم يهتموا بنظرهم منذ الصغر".
ويضيف: "يمكن أن يبدأ كبار السن فقدان جزء من قدرتهم على تمييز الأشياء أو الألوان، ويعود السبب في ذلك إلى أن العدسة الشفافة الموجودة داخل العين تبدأ بالضعف، وهذا يجعل من الصعب رؤية ظلال ألوان معينة، أو التمييز بينها، كما يواجه كبار السن مشكلة في انخفاض إنتاج المسيل للدموع، ما يؤدي إلى حصول مشاكل في النظر. لكن بعض أمراض العيون التي تصاب الصغار والكبار، قد تكون مرتبطة بأمراض أخرى، إذ يمكن لبعض أنواع الالتهابات أن يكون لها تأثير على العيون، وكذا استخدام الأدوية الخاطئة".
ويتابع منيمنة: "في ما يخص الصغار، يمكن معالجة أمراض الالتهابات، لكن بالنسبة لكبار السن الذين فقدوا جزء من مناعتهم، فإن الالتهابات تترك تأثيراً على عيونهم، ولذا ينصح كبار السن بضرورة مراجعة الطبيب كل 6 أشهر، وعلى الأشخاص الذين تجاوزا سن الستين ضرورة الاعتناء بعيونهم عبر استخدام المستحضرات التي تكافح جفاف العين، ومتابعة علاج الأمراض المزمنة".
وتشير منظمة الصحة العالمية، إلى أن ما لا يقل عن 2.2 مليار شخص يعانون من ضعف البصر، وأنه في ما لا يقل عن مليار من هذه الحالات، كانت الوقاية ممكنة، ووفق البيانات، فيمكن أن يؤثر فقدان الرؤية على الأشخاص من جميع الأعمار؛ ومع ذلك، فإن غالبية الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر الشديد تزيد أعمارهم عن 50 سنة.
وتظهر بيانات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركي، أن 12 مليون أميركي يعانون من مشاكل في النظر، من بينهم مليون مكفوف، و3 ملايين يعانون من ضعف البصر، و8 ملايين يعانون من ضعف البصر بسبب خطأ انكساري، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد بحلول عام 2050، بسبب تزايد الأمراض المزمنة، والشيخوخة السريعة لسكان الولايات المتحدة.
ويؤكد الطبيب منيمنة أن حماية العين واجب مهم لتعزيز الصحة، وأنه يجب العناية بالعيون مبكراً، ويقول: "بالنسبة إلى صغار السن، من المهم زيارة الطبيب بانتظام، وتناول طعام صحي متوازن، وعدم الإكثار من استخدام الشاشات والألعاب الإلكترونية، أو ضبط استخدامها لأنها تؤثر بشكل كبير على صحة العيون. بالنسبة إلى الفئة من 13 سنة حتى سن الرشد، يتوجب عليهم في حال استخدام الإلكترونيات بشكل كثيف لأداء مهامهم الدراسية، أن يستخدموا بعض الأدوية لمنع الجفاف، فضلاً عن تكرار تنظيف العين من الافرازات الضارة، ولا يختلف الامر بالنسبة إلى الفئة العمرية الأكبر من 18 سنة حتى سن الأربعين".
ويضيف: "أفراد الفئة العمرية الأكبر من خمسين سنة، هناك ثلاث نصائح عليهم اتباعها، أولها المحافظة على نظام غذائي سليم، وقد أثبتت الأبحاث أن النظام الصحي لدول حوض البحر المتوسط هو الأفضل للمحافظة على خلايا شبكية العين لأنه غني بالأوميغا 3 والألياف، والنصيحة الثانية هي الفحص الدوري للعيون، فمستوى الضغط في العين يكشف إمكانية وجود الغلوكوما، والتي تؤدي إلى تراجع مستوى النظر تدريجياً، بخاصة أنه لا أعراض لها، ولا تظهر إلا من خلال فحص الطبيب، والنصيحة الثالثة هي المحافظة على مستوى السكر في الدم، ويتم ذلك من خلال وجبات غذائية متوازنة وغير غنية بالسكر، فارتفاع نسبة السكر في الدم يؤدي إلى أمراض العيون، ومن المهم استخدام النظارات، بما في ذلك نظارات القراءة، في حال المعاناة من ضعف النظر".