المعتقلون الجزائريون في السجون العراقية... محنة بلا حل

08 فبراير 2016
دعوات للسلطات الجزائرية لتكثيف جهودها لحل القضية(كريم قديم/فرانس برس)
+ الخط -


تنتظر عائلة وابد في مدينة الشلف الجزائرية منذ العام 2003 عودة ابنها محمد الذي سافر إلى العراق للعمل في التجارة، قبل أن تتبلّغ عائلته بأنه اعتُقل منذ 2003 ووُجهت إليه تهمة عبور الحدود العراقية بشكل غير قانوني. محمد لم يرَ أبناءه منذ ذلك الحين، ومنذ سنوات تحاول عائلته نقل مأساته ومأساة رفاقه من المعتقلين الجزائريين في العراق إلى السلطات والرأي العام، لكن المأساة مستمرة حتى الآن.

هذا الموضوع أثارته تنسيقية مساندة المعتقلين الجزائريين في العراق، مطالبة في تقرير لها السلطات الجزائرية والحكومة العراقية بإنهاء مأساة المعتقلين الجزائريين المعتقلين في السجون العراقية منذ العام 2003. وأكدت التنسيقية أن معاناة هؤلاء ما زالت مستمرة في ظل تجاهل السلطات الجزائرية ومماطلة الحكومة العراقية في تنفيذ وعودها بالعفو عنهم، وفي ظل ما اعتبرته "تزايد عمليات التنكيل بالمعتقلين وإلحاق الأذى بهم وزج المعتقلين في الحجز الانفرادي المظلم والبارد".

واعتبرت التنسيقية، التي تضم عائلات معتقلين جزائريين يقبعون في السجون العراقية، في تقرير نشرته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "قضية المعتقلين الجزائريين في السجون العراقية قضية وطنية وإنسانية رافقها الغموض والتأويلات المختلفة، ولكن حقيقتها تدركها السلطات العراقية وحدها".

ويقبع في السجون العراقية تسعة سجناء جزائريين حتى الآن، سبعة منهم محكوم عليهم وفقاً لقانون الجوازات، بعد اتهامهم بالدخول إلى العراق بطريقة غير شرعية، فيما أدين سجينان بالانتماء إلى مجموعات إرهابية مسلحة. ونجحت جهود الحكومة الجزائرية لدى السلطات العراقية في وقت سابق بإطلاق خمسة معتقلين، ثلاثة منهم أفرج عنهم في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ورأت تنسيقية مساندة المعتقلين الجزائريين في العراق أن المعتقلين تم الحكم عليهم "بأحكام جائرة من دون مراعاة متطلبات المحاكمة العادلة، حيث ألقي القبض عليهم في أوقات مختلفة قبل أكثر من عشر سنوات من قبل القوات الأميركية والاستخبارات العراقية أثناء فترة الاحتلال الأميركي للعراق بتهم تتعلق بمقاومة الاحتلال الأميركي، أو تجاوز الحدود العراقية بطرق غير رسمية"، مشيرة إلى أنهم احتُجزوا طوال تلك الفترة من دون أن يتمتعوا بأية حقوق قانونية.

اقرأ أيضاً: الجزائر تتحوّط للتدخّل في ليبيا: إجراءات استباقية على الحدود

وعبّرت التنسيقية عن قلقها من غموض الموقف بشأن عدد من المعتقلين، بينهم "المعتقل هاشم بن الطاهر من ولاية تيارت، غربي الجزائر، الذي لم تسمع عائلته أخباره منذ 2013، وكذلك اختفاء السجين الجزائري المدعو عبد الحق، من سجن السليمانية بكردستان العراق، منذ سبعة أشهر، وتحويل جزائري آخر يدعى باديس إلى سجن بغداد، منذ حوالي خمسة أشهر وانقطاع أخباره بعد انتهاء محكوميته".

واقترحت تنسيقية مساندة المعتقلين الجزائريين في العراق في سبتمبر/ أيلول 2015، مخرجاً قانونياً يتعلق "بتبادل السجناء بموجب اتفاقية الرياض 1983 كونها لا تزال سارية المفعول ولم يصدر أي نظام أو تشريع يلغيها، بعدما كانت السلطات العراقية في الماضي تتذرع في رفضها لتسليم المعتقلين الجزائريين إلى بلدانهم، بعدم وجود أي اتفاقية مشتركة بين البلدين تتعلق بتبادل المساجين لتسهيل عملية التبادل، وتمكين الجزائر من استرجاع رعاياها".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقد مسؤولون في الخارجية الجزائرية ونظراؤهم في الخارجية العراقية اجتماعاً خُصص لبحث مسألة ترحيل ثمانية جزائريين معتقلين في العراق منذ عام 2003.

ومنذ العام 2008 تلوّح السلطات العراقية في عدة مناسبات بإمكانية الإفراج قريباً عن ثمانية معتقلين جزائريين ثبت عدم تورطهم في قضايا الإرهاب، لكنها تماطل في كل مرة في تنفيذ ذلك. وكان العراق في السابق قد تذرع بتشكيل الحكومة الجديدة لتبرير تأخره في الإفراج عن السجناء على الرغم من المحادثات التي جرت مع الجزائر في هذا الشأن.

وانتقدت تنسيقية مساندة المعتقلين الجزائريين ضعف الجهود الدبلوماسية الجزائرية من أجل تسريع عملية إطلاق سراح الرعايا الجزائريين المعتقلين، بسبب فشلها في حل المشكلة، منذ تعهّد وزير الخارجية السابق مراد مدلسي في 2008 بهذا الأمر، وصولاً إلى آخر موقف رسمي أعلنته الخارجية الجزائرية في الخامس من أغسطس/ آب 2015، حيث أعلنت الوزارة أنها تستعد لإجراء اتصالات مع نظيرتها العراقية من أجل تسريع عملية إطلاق سراح الرعايا الجزائريين المعتقلين في السجون العراقية.

ودعت التنسيقية السلطات الجزائرية إلى التكفل الجدي بهذه القضية الإنسانية والوطنية وعدم تجاهلها، وتكثيف الجهود الحكومية والإعلامية والمجتمعية لحلها بطرق دبلوماسية مشتركة بين الجزائر والعراق.

اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء الجزائري: التعديلات الدستورية مرحلة مفصلية