الجزائر تتحوّط للتدخّل في ليبيا: إجراءات استباقية على الحدود

06 فبراير 2016
تخشى الجزائر من تسلل عناصر "داعش" لأراضيها(فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -


يتزايد التخوّف والقلق في الجزائر من حالة الفوضى واللااستقرار التي تسيطر على ليبيا، وهي مخاوف تعززت في ظل ارتفاع الحديث عن قرب التدخّل العسكري الأجنبي لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الأراضي الليبية، ما دفع السلطات الجزائرية إلى تعزيز تواجد قواتها العسكرية على حدودها مع ليبيا وتونس.

وبدأ الجيش الجزائري بخطة أمنية استباقية على حدود البلاد من أجل تأمينها ومنع أي تسلل للمتطرفين وعناصر تنظيم "داعش". وسبق لنائب وزير الدفاع الجزائري، رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، أن كشف عن "إجراءات استباقية" اتخذتها قيادة الجيش الجزائري بغية تأمين كافة الحدود الجزائرية، وذلك "لمواجهة أي طارئ ومهما كانت طبيعة التهديدات"، كما أعلن في زيارة ميدانية قام بها إلى المنطقة العسكرية في مدينة قسنطينة شرق الجزائر.

اجتماعات حثيثة قام بها رئيس أركان الجيش الجزائري خلال الأيام الأخيرة، ضمت مختلف كوادر الجيش الجزائري وممثلي مختلف الأسلاك الأمنية عبر عدة مراكز عسكرية في الجزائر، وخصوصاً المراكز العسكرية المتاخمة للحدود الجزائرية مع ليبيا في كل من ولايات أدرار وغرداية وبشار وقسنطينة. ولفت المسؤول العسكري، بحسب بيانات وزارة الدفاع، إلى أن القوات الجزائرية باشرت تأمين كافة الحدود الجزائرية مع البلدان الأفريقية والجنوبية الشرقية في الحدود مع ليبيا.

كما تفيد بعض المعلومات عن تواجد ما يزيد عن 35 ألف جندي مرابض على الحدود الجزائرية الشرقية، أي المتاخمة لكل من تونس في الشمال، وليبيا في الجنوب، من بينهم الآلاف من الجنود في الحدود الجنوبية مع كل من التشاد ومالي. كما تشير المعلومات إلى جولات استطلاعية لقيادة الجيش الجزائري في الميدان لبحث مختلف الخطط للرد على أي تهديدات أمنية وإرهابية محتملة، ما دام خطر الإرهاب ووجود عناصر "داعش" قائماً.

اقرأ أيضاً: عسكري جزائري: الجيش اتخذ إجراءات استباقية لصد هجمات إرهابية

ويرى متابعون للشأن الأمني في دول جوار ليبيا، أن هذه الإجراءات تأتي على خلفية مخاوف للقيادة الجزائرية والسلطات من أي ارتدادات لأي عمل عسكري ضد معاقل تنظيم "داعش" في ليبيا.

ويقول الخبير في الشؤون الأمنية عبد القادر عماني، لـ"العربي الجديد"، إن الجزائر باشرت في تحصين حدودها في عملية استباقية لأي خطر محدق، خصوصاً بعد تواتر المعلومات باحتمال تدخّل عسكري في ليبيا، ما دفع الجزائر لتصبح "يقظة لما يجري من حولها". ويعتبر أن توجيه ضربات عسكرية لمعاقل "داعش" في ليبيا، معناه أن الخطر محدق بالجزائر لا محالة، خصوصاً أن أية ضربة قد تدفع عناصر التنظيم للتقدّم نحو الجزائر بحثاً عن مناطق آمنة والهروب، وهو ما معناه أنه سيتم جر الجزائر نحو معركة ستكون البلاد في بدايتها خاسرة، ونحو حرب رفضتها في البداية.

موقف الجزائر بخصوص مجريات الوضع في ليبيا ثابت، بدعوتها الدائمة إلى الحل السلمي للأزمة الليبية وإصرارها على الحل السياسي بوساطة دولية، من أجل تشكيل حكومة توافق وطني وبسط المؤسسات السياسية والأمنية في هذا البلد الجار، وهي المؤسسات التي يمكنها أن تعيد الهدوء تدريجياً وتخرج ليبيا من الفوضى، رافضة التدخّل العسكري في ليبيا جملة وتفصيلاً، كمبدأ من مبادئ الجزائر في حلحلة الأزمات الداخلية للدول.

كما حذرت الدبلوماسية الجزائرية في أكثر من مرة من أي تدخّل عسكري في ليبيا، لأن وجود عناصر "داعش" يبقى تهديداً مستمراً لاستقرار الجزائر، كما أن التدخّل العسكري من شأنه أن يأخذ ليبيا إلى بحر من الدماء والمآسي الإنسانية وهروب الآلاف من أبنائها نحو البلدان المجاورة. وعرفت السلطات الجزائرية تجربة في محاربة الإرهاب ومكافحة معاقله طيلة 20 عاماً، وهو مؤشر يعزز القناعة لدى القيادة العسكرية الجزائرية بأن التدخّل العسكري لن يكون الحل للأزمة في ليبيا، من دون المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب الليبي والفرقاء السياسيين وإحلال السلم عن طريق الحوار السلمي في ما بينهم، ما قد يُمكّن ليبيا من الخروج من عنق الزجاجة وبسط الأمن والاستقرار.

اقرأ أيضاً: كوبلر: دور الجزائر مفصلي في حلحلة الأزمة الليبية

المساهمون