ساندرز يهدّد حظوظ هيلاري كلينتون الرئاسية

16 يناير 2016
شنّت كلينتون هجوماً على ساندرز لتقويض مكاسبه(جويل صمد/فرانس برس)
+ الخط -


لعبت الهجمات الجمهورية المتواصلة على المرشحة المحتملة للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، دوراً فعالاً لصالح منافسها الديمقراطي بيرني ساندرز، الذي حظي بقدر أقل من استهداف الجمهوريين له، الأمر الذي ساعده على ما يبدو في إحراز تفوق غير متوقع على حساب كلينتون في استطلاعات الرأي الأخيرة بولايتين مهمتين لتوجيه مزاج الناخبين في بقية الولايات، هما آيوا ونيوهامشاير.

وجاء هذا التفوق في مرحلة حساسة من الحملة الانتخابية، الأمر الذي جعل بعض المحللين يتوقعون أن يكرر ساندرز تجربة الرئيس الحالي باراك أوباما عام 2008 بإزاحته لهيلاري كلينتون من حلبة التنافس انطلاقاً من ولاية آيوا.

وبعد أن أظهر آخر استطلاع لآراء الناخبين في أول ولايتين ستجري فيهما التصفيات الحزبية لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي بعد أيام قليلة، أصبح من المحتم على هيلاري كلينتون أن تأخذ على محمل الجد احتمال خسارتها لصالح منافسها ساندرز. ففي الاستطلاع الذي أجرته جامعة مونتانا في ولاية نيوهامشاير، تجاوز ساندرز منافسته بحصوله على نسبة 53 في المائة، فيما حصلت كلينتون على 39 في المائة فقط من أصوات الناخبين المحتملين. وفي آيوا كان الفارق متقارباً ولكن بتفوّق لصالح ساندرز، إذ حصل على نسبة 49 في المائة، وهي النسبة الأعلى له منذ بدء الحملات الانتخابية، فيما حصلت كلينتون على 44 في المائة. كما أظهرت استطلاعات رأي أخرى تفوّقاً مماثلاً لساندرز على كلينتون، وهو الأمر الذي رفع من سخونة التنافس الديمقراطي، بعد أن كان بارداً جداً بالمقارنة مع التنافس والتنوع بين المرشحين الجمهوريين.

وفي محاولة من كلينتون لتقويض مكاسب ساندرز، شنّت عليه هجوماً قوياً، كاشفة عن سجل التصويت الذي درج عليه في مجلس الشيوخ. ومن ضمن المآخذ التي ذكرتها كلينتون على ساندرز، أنه أدلى بصوته دوماً لدعم حمل السلاح وهو ما يتوافق مع توجهات الجمهوريين ويتناقض مع ما درج عليه الحزب الديمقراطي.

لكن بعض المناصرين لساندرز يدافعون عنه بأن قضية حمل السلاح هي من ضمن الحريات الدستورية المنصوص عليها في التعديل الدستوري الثاني في الدستور الأميركي، وبالتالي فهي قضية ليبرالية أكثر منها جمهورية، مضيفين أن الليبرالي الحقيقي يتوجّب عليه أن يدعم الحقوق والحريات لا أن يقوّضها بما في ذلك حرية حمل السلاح دفاعاً عن النفس.

اقرأ أيضاً: العدّ العكسي للانتخابات الأميركية: اشتداد المنافسة قبيل الجولة التمهيدية

وبدلاً من أن تؤدي هجمة كلينتون على ساندرز إلى  تقليل حظوظه، فقد أكسبت حملته زخماً قوياً وساعدته على جمع المزيد من الأموال. ومن الأسباب التي تجعل الناخبين الديمقراطيين يدعمون الليبرالي ساندرز، مخاوفهم مما يمكن أن يؤدي إليه من مفاجآت سيرُ التحقيق في قضية البريد الإلكتروني التابع لهيلاري كلينتون عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية، ولا يدري الديمقراطيون ماذا يخبئه لهم الجمهوريون في هذا الأمر. ومهما كانت العوامل التي قد تساعد ساندرز في تحقيق فوز فعلي في ولاية آيوا على وجه التحديد أوائل فبراير/شباط المقبل، فإن فوزه على هيلاري كلينتون سوف يصبح بعد ذلك سهلاً وأكثر احتمالاً.

يشار إلى أن أوباما كانت أولى مفاجآته في العام 2008، فوزه في ولاية آيوا بأصوات الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، موجّهاً بذلك ضربة غير متوقّعة إلى منافسته كلينتون التي حلّت في المرتبة الثالثة بعد أوباما وجون إدواردز، بعد أن كانت قبل ذلك تتصدر استطلاعات الرأي.

وعلى الرغم من أن كلينتون تضع عينيها على الرئاسة منذ فترة طويلة، إلا أنها في كل مرة تقترب فيها في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي، يظهر لاعب جديد يقدّم خياراً أكثر إغراء للناخبين الأميركيين إلى درجة تقنعهم بتأجيل حلم اختيار امرأة للرئاسة إلى فترات لاحقة.

ويبرز السيناتور ساندرز كمنافس قوي يخشى أنصار كلينتون أن يسلبها حلم الرئاسة، خصوصاً بعدما فرضت آراؤه نفسها على الساحة الأميركية بشكل غير متوقع، ومكّنته من التفوق على كلينتون، ولم تؤد أفكاره الليبرالية اليسارية تلك إلى نتيجة سلبية ضده، كما كان يخشى بعض مناصريه.

وكان لافتاً معارضة ساندرز الصريحة لأي تدخّل أميركي في سورية. وهو لم يقلّد غيره في التعهّد بحماية بلاده من الأخطار الخارجية، بل تعهّد بحماية الجنود الأميركيين من أي مغامرة خارجية ومنع أي تدخّلات من هذا القبيل. ومن الواضح، تبعاً لذلك، أن مزاج الناخبين الأميركيين لم يعد يرحب بأسماء مستهلكة مثل جيب بوش وكلينتون، ولا بالحلول الوسط أو بالمناطق الرمادية في التوجّهات السياسية للمرشحين، بل يُفضّل أن يرى مرشحين أكثر وضوحاً أيديولوجياً، سواء في تبني الأفكار اليسارية، كما هو الحال مع ساندرز، أو في تبني الأفكار الأكثر يمينية، كما هو الحال مع المرشحين الجمهوريين المتشدّدين الذين تفوقوا على اعتدال زميلهم مرشح التيار التقليدي في الحزب الجمهوري جيب بوش.

وإذا كانت أحلام آل بوش قد انتهت تقريباً في العودة إلى البيت الأبيض على المدى القريب، فإن أحلام آل كلينتون لا تزال معلّقة، ومن غير المستبعد أن يحبطها ساندرز، الذي يتميز بالقوة والوضوح، ولا يخضع لأي تحقيق من قِبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.

اقرأ أيضاً: هل يختار الحزب الديمقراطي مرشحاً اشتراكياً للرئاسة الأميركية؟