3 أيام لتصفية بنك الأهداف في معاقل الحوثيين

10 مايو 2015
مران وصعدة هدف التحالف لضرب الحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع بدء عمليات واسعة للتحالف في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، جرى الإعلان رسمياً عن موعد الهدنة الإنسانية الثلاثاء المقبل، وهي تبدو مهلةً للتحالف، والسعودية تحديداً، لتحقيق نصر ملموس وإصابة أهداف ضد الحوثيين في معاقلهم الأساسية التي تبعد عن الحدود السعودية عشرات الكيلومترات وتوجيه ردٍ قاسٍ على استهداف الحوثيين الأراضي السعودية، نجران تحديداً. ويبدو أن السعودية تعمل جاهدة لئلا تتكرر الحرب، وتتحوّل "العاصفة" العشرية، إلى جولة من الجولات، على غرار حرب الجيش اليمني مع الحوثيين بين عامي 2004 و2010.

بموازاة ذلك، راج كلام إعلامي عن نية الرياض إقامة "شريط حدودي" مع اليمن بعمق كيلومترات عدة كوسيلة حاسمة لضمان أمن الأراضي السعودية من هجمات الحوثيين البرية والصاروخية. ويربط اليمن والسعودية أكبر شريط حدودي بالنسبة للبلدين، يصل طوله إلى 1700 كيلومتر، معظمه في الحدود مع حضرموت (شرقاً)، والجوف وسطاً، ومحافظتا صعدة وحجة، في الحدود الشمالية الغربية، حيث مركز نشاط الحوثيين، وهي المنطقة الأكثر تداخلاً مع الجانب السعودي، وتقع على حدود جيزان وعسير ونجران، وبسبب التداخل الاجتماعي في الجزء الشمالي الغربي، اضطرت السعودية في أوقات سابقة لتقديم تعويضات لسكان في الجانب السعودي مقابل نقلهم من المناطق الحدودية، ومع التطورات الأخيرة، تصاعدت الدعوات إلى توسيع المنطقة العازلة في الحدود بما يصل إلى 30 كيلومتراً. وبحسب تقارير سابقة، فإن المنطقة العازلة بين اليمن والسعودية يجب أن تكون بعمق 10 كيلومترات. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، تناقلت وسائل إعلام سعودية تصريحاً للمديرية العامة لحرس الحدود السعودية، يفيد بأن العمل جارٍ لتوسيع المنطقة العازلة 10 كيلومترات إضافية لتصل إلى 20. وكانت السعودية طرحت، في أوقات سابقة، مشروع إنشاء جدار عازل، كان قد بدأ العام 2003، إلا أن الحكومة اليمنية احتجت يومها واعتبرته مخالفاً لاتفاقية الحدود الموقعة عام 2000. وبقي مشروع الجدار العازل ملفاً تتم إثارته كلما وقعت أزمة حدودية أو حادثة قرب الحدود السعودية. لكن اليوم، يعتبر كثيرون أن الرياض باتت في مكان متقدم عمّا كانت عليه إزاء مشروع "الشريط الحدودي الآمن"، وهو ما يمكن التعاطي معه على اعتبار أنه مشروع مناطق معزولة السلاح، لا بد أن تكون عملية إقامته مكلفة على كافة الصعد، لأنه سيعني إلغاء عدد كبير من القرى والبلدات الحدودية من الجهة اليمنية المأهولة خصوصاً. ولا يزال التكتم سيد الموقف أيضاً من الجهة السعودية عن كيفية ضمان الحدود، مع إصرار وزير الخارجية السعودي، قبل يومين، على أنّه لن يحصل تدخل برّي سعودي داخل الأراضي اليمنية.

أما على صعيد الهدنة المنتظرة أن تبدأ بعد غد، الثلاثاء، فيتوقع العالم أن يشهد اليمن 3 أيام حرب شرسة، خصوصاً شمالاً قرب الحدود السعودية، لضرب "بنك أهداف" تتقلّص معطياته نظراً لشراسة غارات التحالف العشري منذ 26 مارس/ آذار الماضي. وتندر المعلومات الآتية من صعدة لمعرفة ما تمّ استهدافه بالفعل خلال اليومين الماضيين خصوصاً، ومنذ بدء عمليات "عاصفة الحزم" عموماً، إذ يلف الحوثيون مناطقهم بجدار صمت إعلامي كبير. وستكون الهدنة المقررة قابلة للتمديد، علماً أن التحالف حدد أهدافه العسكرية على حدوده بشكل واضح، وهي منطقة مران، حيث كهوف الحوثيين، ومدينة صعدة (مركز المحافظة)، وهو ما يعكس رغبة بتوجيه ضربة قاصمة للحوثيين، إذ يُعتقد أن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وقيادات بارزة في الجماعة، موجودون في كهف ما، في جبل مران، المعقل الأول للنشاط المسلح للجماعة، وهي المنطقة التي ذكرها الرئيس عبدربه منصور هادي، في خطاب قبل أيام من "عاصفة الحزم"، بأنه سيتم رفع علم الجمهورية اليمنية فيه بدلاً من علم إيران.

وأكد لـ"العربي الجديد" أكثر من مصدر من أبناء صعدة المقيمين خارج المحافظة، أن التواصل مع أقاربهم انقطع بشكل كامل منذ الجمعة، بينما أفادت مصادر قريبة من التحالف، أن الغارات دمرت مقرات تابعة لزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، في مدينة ضحيان وصعدة، واستهدفت كذلك مقر القيادي، عبدالكريم الحوثي، ومقر رئيس المكتب السياسي للجماعة، صالح الصماد، ومقر رئيس المكتب السياسي السابق، صالح هبرة، ومقر القيادي، أحمد صالح هندي، ومقر الناطق الرسمي للجماعة، محمد عبدالسلام، ومقر مهدي المشاط، مدير مكتب زعيم الجماعة، ومقر يوسف الفيشي، أحد أبرز القادة الميدانيين، وكذلك جرى استهداف مقر للقيادي أحمد المعران، ومقر للقيادي حسن قبلي، وآخرين.

من جانبها، أشارت مصادر تابعة للحوثيين إلى أن القصف تركز، في مدينة صعدة، مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم، حيث جرى استهداف "جامع الهادي"، أبرز المعالم التي يقصدها الحوثيون وأنصارهم في المدينة، كذلك جرى استهداف منازل قيادات ومقرات مفترضة في أنحاء متفرقة في المدينة. أما في محيطها، فقد وقعت غارات في مديريات: سحار، مجز، كتاف والبقع، رازح، حيدان، وساقين. ومن بين الأهداف "مران"، مسقط رأس عبدالملك الحوثي والمعقل الأول للجماعة، التي جرى استهدافها مجدداً بالعديد من الغارات.

وحسب الحوثيين، فقد استهدف التحالف أيضاً، منطقة البقع القريبة من نجران، بنحو 140 صاروخاً. وتقع الأخيرة (البقع)، قرب منطقة كتاف التي أجرى الحوثيون فيها مناورة لقواتهم قبل بدء "عاصفة الحزم"، وكانت المنطقة هدفاً للغارات منذ بدء العمليات.

وامتد قصف التحالف إلى محافظة عمران، التي سيطر عليها الحوثيون في يوليو/تموز العام الماضي، وكان سقوطها تحولاً محورياً مهد الطريق إلى صنعاء. وأفادت مصادر محلية أن التحالف استهدف المجمع الحكومي في مركز المحافظة، ومواقع في مناطق غولة عجيب، ومدينة حوث، وخيوان وقفلة عذر، وبني صريم، حرف سفيان القريبة من صعدة، وكذلك شن التحالف غارات في منطقة السدة بمحافظة إب، استهدفت منزل القيادي في الجماعة، وكيل جهاز الأمن السياسي، الذي عينه الحوثيون، عبدالقادر الشامي، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى لم يعرف عددهم.

وتمثّل منطقة مران في التقسيم الإداري "عزلة" في مديرية حيدان، (التصنيف الإداري من المستوى الثالث، محافظة، مديرية، عزلة)، وفي تلك المنطقة دارت الحرب الأولى بالذات عام 2004، ونجحت القوات الحكومية في تلك الجولة من المواجهات بالوصول إلى زعيم الجماعة، حسين الحوثي وقتله، وكانت معركة مكلفة، لوعورة المناطق الجبلية والتحصينات التي يستخدمها الحوثيون.

من الجهة الأخرى، تبعد مران نحو 15 كيلومتراً عن الحدود مع جيزان السعودية، وهو أمر يشجع الرياض على تنفيذ عمليات مكثفة قد تصل إلى برية، لمحاولة التخلص من مركز الجماعة الحدودي المسلح في مران. وتبدو أيام عملية "الرد القاسي"، مهلة لتحقيق نصر ملموس في هذه المناطق على الأقل قبل الدخول في الهدنة. وبالنظر إلى العدد الكبير من الضربات التي تستهدف الحوثيين في معاقلهم منذ بدء عمليات التحالف في أواخر مارس/ آذار الماضي، يرى مراقبون أن بنك الأهداف الجوية في هذه المناطق، لم يعد غنياً، ما لم تكن هناك كهوف محددة، تم تأجيل استهدافها، إذ إن عدداً غير قليل من الأهداف العسكرية والمواقع جرى استهدافها من قبل.

اقرأ أيضاً: غارات عنيفة على صعدة ... وجبهة جديدة في الجوف

أما مدينة صعدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، فهي الهدف الثاني إلى جوار مران، ولم تُعرف في السابق كمنطقة محصنة للحوثيين، أو إن كانت المدينة تحوي كهوفاً أم أن الأهداف فيها من نوع أقل، كالقيادات والمقار التابعة، أو التي تقع تحت سيطرة الجماعة، بشكل عام. وتوجد في المدينة ومحيطها العديد من المواقع العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون، وكانت تتبع القوات الحكومية المشاركة في حروب صعدة. ويصل عددها إلى خمسة ألوية، ما بين ألوية مشاة ومدفعية ومقار عسكرية مختلفة، جرى استهدافها جميعاً تقريباً منذ بدء العمليات.

إلى ذلك، فإن الأهداف لا تقتصر على صعدة ومران، فهناك مواقع أخرى معروفة مثل منطقة نقعة ومطرة، وفيها توجد كهوف كبيرة شيّدها الحوثيون أثناء الحروب مع الحكومة، وكانت تُعرف بالمقرات الأخيرة للحوثيين، قبل انتهاء الحروب الأخيرة. ويوم الجمعة أعلن التحالف عن استهداف مركز قيادة للجماعة في مدينة ضحيان، وهي من معاقل الحوثيين.

سياسياً، كان لافتاً تحديد الـ12 من الشهر الحالي كموعد لبدء الهدنة، فهو من جهة يكمل عمليات صعدة خمسة أيام، ومن ناحية ثانية، تنتهي الهدنة في اليوم المقرر أن يبدأ فيه المؤتمر اليمني للحوار بين الأطراف السياسية الذي سيبدأ في الـ17 من الشهر الحالي. وتبدو هدنة الخمسة أيام، القابلة للتمديد، فرصة أمام المؤتمر، إذ سيكون الحديث عن مؤتمر حوار في غمرة العمليات أقل قيمة، فيما لو كانت الحرب مستمرة على الأرض.

اقرأ أيضاً: انتهاء مهلة التحالف: صعدة هدف عسكري

المساهمون