لقاء نصرالله ــ عون: قيادة الجيش أولاً

02 مايو 2015
محاولة نصرالله استيعاب الغضب العوني المستجد (Getty)
+ الخط -

لا يمكن وضع الاجتماع الذي عقد مساء الخميس بين الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب ميشال عون، إلا في سياق محاولة نصرالله استيعاب الغضب العوني المستجد على خلفيّة التعيينات الأمنيّة، وخصوصاً موقع قيادة الجيش. وهو الأمر الذي يؤكّده نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الأسبق إيلي الفرزلي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد". إذ يشير الفرزلي، المقرّب من عون، إلى أنّ الأخير جديّ في اعتبار أنّ الخيارات كلّها متاحة، وأنّه سيواجه "تهميش المسيحيين، كما واجه الأكراد والسنة في العراق، لكنّنا لن نحمل السلاح".

ترتبط القصّة بتولّي قيادة الجيش المحسوبة من "حصة" المسيحيين. ففي سبتمبر/أيلول المقبل، يُحال قائد الجيش الحالي جان قهوجي إلى التقاعد، إلا إذا قرّر وزير الدفاع سمير مقبل تأجيل تسريحه، مستنداً إلى قانون الدفاع الذي يسمح بذلك في ظروف استثنائية، كالحرب أو الطوارئ أو قيام الجيش بحفظ الأمن، وهو ما يُسمى إعلامياً في لبنان، "تمديد ولاية قائد الجيش".

في المقابل، يرفض عون هذا الأمر بالمطلق، ويرى أنّه عبارة عن "عمليّة إفراغ لقيادة الجيش من الكفاءات، ويحصل ذلك، باشتراك الجميع. ويكمن الهدف في إبعاد بعض الأشخاص والإبقاء على آخرين"، وهو ما أعلنه قبل أيّام، بعد اجتماع كتلته النيابيّة. مضيفاً، "إنّ الأيام التي كان يأتي فيها "خيال" رئيس للجمهورية، غيرها اليوم. نحن موجودون، ونحن أسّسنا لبنان". وتابع، "لسنا "عياري" في هذا البلد، وما يخصنا، نريد أن نحصل عليه، لا أن يأخذه أحد غيرنا، فمراكزنا ليست "شحادة"، وهو ما يرى كثيرون أنه رد فعل على احتمال عدم تعيين صهره (زوج ابنته) شامل روكز في قيادة الجيش التي كان عون يتولاها قبل عقدين ونصف عقد.


اقرأ أيضاً: ميشال عون: الدولة اللبنانية تنهار ومناصب المسيحيين "ليست شحادة" 

يعتقد عون أنّ ما يجري هو "اعتداء على صلاحيات المسيحيين". ويشرح الفرزلي الأمر، "إنّ كل طائفة تُعيّن المسؤولين الأمنيين التابعين لها ولا يُناقشها أحد، وهذا ما يحصل في قوى الأمن الداخلي وفي الأمن العام"، متسائلاً، "لماذا يُحرم الطرف المسيحي الأقوى من تعيين قائد الجيش؟". 

لكن موقف عون هذا، الذي يكاد يشبه موقفه من رئاسة الجمهورية، بقي من دون دعم كبير من الحلفاء. فعون الذي يطرح نفسه لرئاسة الجمهوريّة، يريد تعيين صهره العميد شامل روكز لقيادة الجيش، وهو ما لا يوافق عليه كل حلفاء عون، الذين يُكررون عبارة: "لا يُمكن أن نقبل بالفراغ في قيادة الجيش. وإذا فشل التوافق على تعيين قائد للجيش، فسنسير في التمديد للقائد الحالي". وهذا ما قاله علناً الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية، الذي يُعتبر ولو شكلياً، جزءاً من تكتل عون النيابي، ولا يبدو حزب الله بعيداً عن هذا الموقف.

هذا الواقع، دفع بعون للرد على حلفائه بالقول إن "هذا قراري، لذلك، لا تسألوني عن غيري". وتابع، "إمّا أن يسير غيري معي أو يسير ضدي. وكما يمكن أن تتركني الناس، أستطيع أنا أيضاً أن أتركها، ومن يسير معي يمكنني أن أسير معه، لأنّ الأمر لم يعد يحتمل أكثر من ذلك، طفح الكيل".

بالتالي جاء لقاء عون ــ نصرالله في هذا السياق، كما يؤكّد الفرزلي، رغم أنه يُشير إلى أنّه لم يطلع على تفاصيل اللقاء، لكنّه يؤكّد أنّ "حزب الله لن يتخلى عن الجنرال عون".

يُشير أحد المطلعين على أجواء اللقاءات الدورية التي تجري بين نصرالله وعون (اللقاء الأخير كان في سبتمبر/أيلول الماضي)، إلى أنّ نصرالله قدّم قراءته للوضع في المنطقة، من التطورات في اليمن إلى إعادة تشكيل السلطة في السعوديّة، والتطورات الميدانيّة في سورية، و"المعركة المقبلة في القلمون وما تأثيراتها على الحدود اللبنانيّة ــ السورية"، وعرض الجانبان لتأثيرات هذه التطورات على الداخل اللبناني. وأضاف المصدر أنّ نصرالله أكّد تمسّك حزب الله بعون كمرشّح رئاسي، ولفت إلى أنّ هذه اللقاءات لا تبحث التفاصيل السياسيّة بل العناوين والسياسات العامّة.

لا يُنكر المطّلعون على تفاصيل اللقاءات تناول موضوع قيادة الجيش والسجال المحيط بها، لكنهم يُفضّلون عدم الخوض بتفاصيل هذا النقاش. لكن الواضح أنّ نصرالله أراد من اللقاء إعادة "رأب الصدع" في العلاقة مع عون، وعدم خسارة التحالف معه، في هذه المرحلة الدقيقة بالنسبة لحزب الله. فالحزب يُدرك حجم التحوّلات في المنطقة، ويُدرك تماماً أنّ الفريق الآخر لن يُمانع في تقديم عروض لعون، شرط ابتعاده عن التحالف مع حزب الله. وعون بدوره، يُدرك أنه يؤمّن الغطاء اللبناني لحزب الله، وأنّ ابتعاده عن التحالف معه، سيُحرج حزب الله. 

إذاً يصرّ عون على المواجهة، كما يقول المقربون منه. وباتت اللعبة أقرب إلى عضّ الأصابع، ومن يصرخ أولاً، لا ينال الحصّة التي يريدها من منظومة السلطة. في المقابل، لا أحد من السياسيين اللبنانيين يرفض مبدأ تعيين قائد جديد للجيش، لكن الجميع يُدرك أنّ الاتجاه العام، يكمن في الإبقاء على القائد الحالي. قد يختصر أحد الدبلوماسيين الخليجيين في بيروت حالة الارتباك والضغط التي يعيشها عون، بالقول، "على عون أن يختار بين رئاسة الجمهوريّة أو قيادة الجيش، لا يُمكن الحصول على الأمرين معاً". 

اقرأ أيضاً: لقاء بين عون ونصر الله بحث الشغور الرئاسي

المساهمون