ويبدو أن فكرة الكيان الجديد المطروح أشبه بـ"جبهة الإنقاذ" التي ساهمت وسهّلت فكرة الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول، محمد مرسي، وهو ما سيقف السيسي أمامه بشدّة. ويبقى أمام هذا الكيان الجديد تحدٍّ كبير في مسألة الحصول على دعم أحد أجهزة الدولة السيادية، مثلما حدث مع جبهة الإنقاذ التي كانت مدعومة من الجيش والمخابرات.
وحاولت أحزاب "التيار الديمقراطي" تشكيل جبهة معارضة للنظام الحالي بعد سياسات السيسي، التي اعتبروها امتداداً لنظام مبارك، لكن حتى الآن لم تظهر ملامح هذه الجبهة. وكانت مصادر في حزب "الدستور"، أحد أحزاب "التيار الديمقراطي"، قد كشفت في وقت سابق عن تشكيل كيان معارض للنظام الحالي بعد الانتهاكات، والقمع، وسياسات التجويع، وغلاء الأسعار، ورفع الدعم، والأزمات الاقتصادية، وعدم إدراج العدالة الاجتماعية على أولوياته.
وتأتي خطوة تأسيس هذا الكيان في إطار ضرورة الوقوف أمام الموالين للنظام الحالي، والذين يدافعون عنه بقوة في وسائل الإعلام. لكن الأبرز، أن معظم الأحزاب أو الشخصيات التي ربما تميل إلى الانضمام إلى هذا الجسم الجديد، كانت في وقت سابق مؤيدة للسيسي. وتفكّك معسكر 30 يونيو تدريجياً، مع ظهور حقيقة النظام الحالي والانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، ورغبة المؤسسة العسكرية والثورة المضادة في الانقضاض على ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ووأد أي حراك لتحقيق أهداف الثورة.
وعلى الرغم من مرور بضعة أشهر على الشروع في تأسيس هذا الكيان، بدا أن الأمر ليس إلّا مجرد محاولات للضغط على النظام لحصد مكاسب سياسية لا أكثر ولا أقل، بحسب خبير سياسي. لكن مصادر في "التيار الشعبي"، الذي يتزعمه صباحي، تقول إنه ماضٍ في تشكيل كيان معارض، يجمع عدداً من الأحزاب والشخصيات العامة، وإنْ كانت هناك أزمات تعيق تحقيق ذلك.
اقرأ أيضاً حمدين صباحي: الأخطاء الأخيرة تنخر شرعية السيسي
وتضيف مصادر التيار الشعبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ مسألة تشكيل التحالف تشوبها معوقات كثيرة، تتعلق برفض عدد من الشخصيات، فضلاً عن أحزاب أخرى خارج "التيار الديمقراطي"، لكنّ هناك خطواتٍ فعليةً تم اتخاذها، واتفاقاً على خطوط عريضة. وتشير المصادر نفسها إلى أن التكتل الجديد المزمع تشكيله ليس وليد اللحظة، لكن يتم العمل عليه منذ بضعة أشهر، حين تم إدراك نوايا النظام الحالي، والابتعاد عن القضايا الأساسية للثورة، وبات في حكم اليقين أن مصر تعود إلى ما قبل 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وتؤكد هذه المصادر، أنّ النظام الحالي يمثّل امتداداً لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ظلّ غياب العدالة الاجتماعية والحريات والقمع، وإنْ فاقه بشكل كبير خلال أشهر قليلة مقارنة بنحو 30 عاماً قضاها مبارك في الحكم. وعن أسباب تأخر تشكيل الكيان المعارض، تلفت مصادر "الشعبي" إلى أنّ التشاور لا يزال قائماً بين الكيانات المؤسِّسة له، وهناك رغبة كبيرة في إشراك وضمّ عدد كبير من الكيانات والأحزاب الأخرى، فضلاً عن الشباب. وتشدد على أنّ هناك تخوّفات لدى بعض الأحزاب من تنكيل الدولة بها، رافضة الإفصاح عن أسمائها، "لكنّ هناك متحمسين للفكرة، ويشاركون التيار الشعبي والديمقراطي الرؤية حول النظام الحالي".
وتشير المصادر القيادية إلى أنّ هناك رغبة في ضمّ أحزاب أو شخصيات "نظيفة السمعة" من داخل مجلس النواب، لإعطاء الكيان صبغة شرعية ومنحه ثقلاً كبيراً خلال الفترة المقبلة، معتبرة أنّ الكيان المعارض يسعى لضم تكتلات عمالية، خصوصاً بعد الحراك الذي بدأ يخرج إلى العلن، ضد النظام الحالي والسياسات المجحفة تجاههم، والاتجاه إلى الخصخصة بشكل مستتر.
لكن ينتظر المؤسسون اللحظة الفارقة لإعلان تدشين الكيان المعارض، بعد استكمال بنائه والمشاورات القائمة، خصوصاً أنّ هناك رغبة في منح النظام فرصة بعد مجلس النواب، لإمكانية المضي قدماً في تحقيق أي تقدم يذكر، وإنْ كان مستبعداً، "لكن حتى لا تحدث أزمة داخلية يستفيد منها الإسلاميون"، بحسب المصادر ذاتها.
من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، لـ"العربي الجديد"، إنه من الصعوبة تحديد جديّة الدعوات التي أطلقها صباحي أو أحزاب في "التيار الديمقراطي"، في ظل عدم ظهور خطوات فعليّة على أرض الواقع. ويضيف عز أن مسألة تشكيل كيان معارض خلال الفترة الحالية بمثابة "جبهة إنقاذ" جديدة، تسعى لإسقاط النظام الحالي واستخدام وسائل مختلفة لإظهار حجم الأزمات التي تمرّ بها مصر خلال الفترة الحالية. ويشير إلى أن السيسي لن يسمح بتشكيل هذا الكيان، ولن تتوقف أجهزة الدولة ولا سيما الأمنية عن إفشاله والضغط على الأحزاب والشخصيات العامة لعدم الانضمام إليه.
ويلفت الخبير السياسي إلى أنّه "إذا كان صباحي جاداً في هذا الطرح، فليعلن ذلك بصراحة، ويدشن هذا الكيان وسيجد من ينضم إليه، لكنّه وضع شروطاً بعدم التعامل مع الإسلاميين في أي لحظة، لأن هناك خصومة بين الطرفين. فصباحي ناصري لا يقبل الإخوان أو السلفيين المعارضين للنظام الحالي".
اقرأ أيضاً: الأحزاب المصرية الموالية تنتفض ضد "تفخيخ البرلمان"