وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، يوم الإثنين الماضي، اعتبر تيروش أن فرنسا التي تحتضن أكبر تجمع لليهود في أوروبا، حيث يعيش فيها نصف مليون يهودي، لم تعد تشكل بيئة آمنة لهم، ليس فقط بسبب تداعيات هجمات باريس "بل، أيضاً، بسبب تعاظم مظاهر اللاسامية فيها، إذ يتم على أراضيها 50 في المائة من الاعتداءات التي تستهدف اليهود في جميع أرجاء العالم"، على حد زعمه.
وحذر تيروش من أن "نجاح" الاعتداءات التي نفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سيغري "المزيد من المتطرفين الإسلاميين لتنفيذ المزيد من الاعتداءات ضد اليهود". ونوه تيروش إلى أنه على الرغم من حدوث زيادة كبيرة في عدد اليهود الفرنسيين الذين يهاجرون من فرنسا، إذ يصل متوسط عدد المهاجرين 7 آلاف، إلا أن 30 في المائة من هؤلاء المهاجرين يعودون إلى فرنسا في غضون ثلاث سنوات من الهجرة بسبب الصعاب التي يلاقونها في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يوظف جريمة باريس للتحريض ضد المقاومة الفلسطينية
وفي مسعى بثّ الرعب في نفوس اليهود الأوروبيين، توقع الكاتب إيزي ليبل "مستقبلاً مظلماً" لهم في حال لم يغادروا في أسرع وقت ممكن إلى إسرائيل، محذراً من أن أوروبا ستتحول فقط إلى "مقبرة لليهود". وفي مقال نشرته، الإثنين الماضي، صحيفة "يسرائيل هيوم"، الأوسع انتشاراً في إسرائيل، زعم ليبل، أن الفضاء الثقافي في أوروبا سيضيق لدرجة أنه لن يسمح لليهود بالتعبير عن سماتهم الثقافية وممارسة شعائرهم الدينية، بسبب موجات الهجرة الإسلامية الكبيرة التي تفد إلى أوروبا.
من جهته، ادعى الكاتب اليميني، متان بيلغ، أنّ تعاظم الصراع بين الغرب و"الإسلام المتطرف" لا يحمل بالضرورة "البشريات" ليهود أوروبا، لأن قطاعات من الأوروبيين سترى في اليهود وفي المشروع الصهيوني السبب وراء تفجر هذا الصراع. وفي مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون"، قبل أيام، اعتبر بيلغ تصريحات وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت وولستروم، التي ربطت بين هجمات باريس والممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني "مجرد مؤشر أولي على الارتدادات السلبية للصراع بين الحضارتين الغربية والإسلامية".
لكن محاولات بثّ الرعب في أوساط اليهود الأوروبيين من خلال توظيف هجمات باريس، لا تبدو ذات تأثير كبير على اليهود تحديداً في فرنسا. فقد كان من الواضح أن تدهور الأوضاع الأمنية بفعل تواصل عمليات المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى داخل دولة الاحتلال، قد قلّص من تأثير محاولات الإقناع الإسرائيلية التي استهدفت اليهود الفرنسيين بشكل خاص. فقد قالت إحدى اليهوديات الفرنسيات، عندما سألها مراسل قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، مساء الجمعة الماضي، عما إذا كانت هجمات باريس ستدفعها للهجرة لإسرائيل: "لماذا أهاجر لإسرائيل، فالأوضاع الأمنية هناك لا تقل سوءاً عما هي عليه هنا".
في هذه الأثناء، عمدت كثيرُ من النخب اليمينية في إسرائيل إلى تحريض أوروبا لشنّ حرب دينية لمواجهة خطر "الإسلام المتطرف". وفي السياق، حثّ الكاتب، يئير شيلغ، أوروبا على عدم التركيز في حربها على تنظيم "الدولة الإسلامية" فقط، مطالباً بأن "تطاول الحرب كل أطياف الإسلام الجهادي"، على حد قوله. وفي مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون"، نوّه شيلغ إلى ضرورة المبادرة بشن حرب "طاحنة وبدون أي تردد قبل أن يصبح من المتأخر مواجهة الإسلام المتطرف".
اقرأ أيضاً: حظر الحركة الإسلامية: أول توظيف إسرائيلي لمجزرة باريس