بغض النظر عن النتائج الانتخابية، يمكننا منذ الآن القول، إن تونس عبرت امتحاناتها الأولى في خوض التجربة الديمقراطية بنجاح منقطع النظير.
في العالم الثالث يكفي النظام فخراً إذا احترم سيادة القانون وحفظ حقوق الإنسان والمواطن وحرياته المدنية والسياسية. ثمة أساس للقول، إن تونس نجحت في إرساء الأسس لذلك. ولكن ليس هذا فحسب، فقد حققت تعددية سياسية منضبطة وحافظت عليها كثقافة سياسية. وضمنت ذلك دستوريّاً بتصعيب الأغلبية المطلقة على أي حزب في المجلس التشريعي إلى حد الاستحالة، وذلك للدفع نحو التحالفات بين القوى السياسية في تشكيل الحكومات في المرحلة الانتقالية.
وفي هذه الظروف الإقليمية لا يلومنّ أحدٌ التونسيين، أنهم اختاروا الاستقرار بعد أن حازوا الحرية.
تحديات مصيرية واجهت هذه الديمقراطية الوليدة، ومهمات تنوء بها الجبال حملها عودها الغض. ولكنها اجتازت الصعاب من دون أن يخفف الإقليم ونماذجه الأخرى من وطأة حملها.
ثمة مهمات تنموية وسياسية وأمنية كثيرة جداً في انتظارها. ويبقى الحفاظ على الخيار الديمقراطي السياسي والاجتماعي التنموي أهمها، وكذلك إحباط كل من تسول له نفسه التفكير في العودة بها إلى ماضي الاستبداد.
من قام بالمهمة منذ عام 2011 وتصرف بحكمة وصلابة وفوت الفرصة على المغامرات والاستفزازات (وربما المؤامرات أيضاً) يستحق التقدير. ومن فاز في هذه الانتخابات يستحق التهنئة. وكذلك من سوف يفوز في الانتخابات الرئاسية الحاسمة.